Close ad

2018.. عام سقوط القطب الأمريكي الواحد

1-1-2018 | 00:22

اليوم، ومع إطلالة عام ميلادي جديد، 2018، وبعد صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 21 ديسمبر المنصرم، برفض اعتراف الرئيس الأمريكي ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبرفض تغيير الوضع القانوني للمدينة المحتلة، هل يشهد العالم نهاية عالم القطب الأمريكي الواحد، في ظل بروز أقطاب متعددة تلعب بمهارة على "غباء وتسلط وقبح" القطب الأمريكي الواحد؟!

من بين المؤشرات المؤيدة لهذا التوجه، والخيارات المطروحة لإجبار إدارة ترامب على تنفيذ قرار الجمعية العامة، فكرة العودة إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على قرار ثان ملزم وفق المادة 27 من الفصل السادس، التي تمنع الدول المقدم ضدها مشروع القرار، من أن تشارك في التصويت، ولما كانت الولايات المتحدة هي الدولة المقصودة هنا، فلا يجوز لها استخدام حق الفيتو، ويصبح القرار الصادر من مجلس الأمن ملزمًا.

قبل اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل كانت الإدارة الأمريكية تروج، بصفتها راعية لعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لما أسمته بـ"صفقة القرن الكبرى" لحل القضية الفلسطينية.

تنص هذه الصفقة - حسب بعض التسريبات - على إقامة كيان فلسطيني هزيل في الضفة الغربية دون أي سيادة أو حدود، والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة موحدة لدولة إسرائيل اليهودية.

كما تنص "صفقة القرن المزعومة" على أن تكون صلاحيات الكيان الفلسطيني المخطط إقامته محدودة جدًا، لا تزيد على صلاحيات السلطات البلدية، بالإضافة إلى إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة، تضاف إليها بعض الأراضي من صحراء سيناء المصرية، (هكذا بكل بجاحة ووقاحة، وبدون مراعاة لمشاعر المصريين الرافضة للتفريط في حبة رمل واحدة من حدود مصر!!) وتحمل هذه الدولة اسم فلسطين، وتقديم رشوة للفلسطينيين تقدر بـ 10 مليارات دولار في المقابل.

كانت إدارة ترامب تعتقد أنها هيأت منطقة الشرق الأوسط كلها لتمرير "صفقة القرن المشبوهة" تلك، من خلال جهدها المكثف، على مدى الشهور الأخيرة، كي تصبح القضية الفلسطينية، بما فيها القدس المحتلة، غير ذات أهمية لبعض الحكام العرب، وإقناعهم أن الخطر الأهم والوحيد في هذه الفترة من التاريخ العربي هو إيران، وأن إسرائيل يمكنها الوقوف بجانب العرب في الحرب ضد إيران، وتم الضغط على الحليف السعودي، من خلال استخدام قانون "جاستا" ضده، ومعناه العدالة في مواجهة رعاة النشاط الإرهابي، وكذلك الضغط على الفلسطينيين بورقة البحث عن قيادة بديلة، وإغلاق بعثتهم في واشنطن، وما تدعيه باسترضاء الحكومة المصرية بما تزعم من صداقة نادرة وقوية للرئيس السيسي مع ترامب.

شبه الإجماع في موقف مجلس الأمن الدولي بخصوص الوضع القانوني لمدينة القدس المحتلة (14 صوتًا مقابل صوت الفيتو الأمريكي الواحد)، وكذلك قرار الأغلبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة (128 صوتًا مقابل 9 أصوات)، تسبب في صدور دعوات شعبية في البلدان العربية لتعليق معاهدتي السلام المصرية والأردنية مع إسرائيل، ولتخفيض التمثيل الدبوماسي العربي والإسلامي مع واشنطن، واللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة لجرائم الحرب والإبادة التي ارتكبتها إسرائيل.

أيضًا، صدرت الدعوات الشعبية للتظاهر ضد أمريكا ولانتفاضة فلسطينية ثالثة، ولخروج الفلسطينيين والعرب نهائيًا من مسار أوسلو، وهدم مؤسسات السلطة الفلسطينية، والعودة إلى مظلة الأمم المتحدة الضامنة لحل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس، بدلا من الرعاية الأمريكية لعملية السلام في الشرق الأوسط بعد أن فقدت نزاهتها.

كذلك، ومن بين الأصداء العربية والدولية التي ترددت عقب صدور قرار الجمعية العامة بشأن الوضع القانوني لمدينة القدس المحتلة، صدور دعوات جادة إلى جميع دول العالم التي لم تعترف حتى الآن، بالدولة الفلسطينية إلى المسارعة بالاعتراف بها بشكل رسمي، وبعاصمتها القدس الشرقية، مع ضرورة بدء مفاوضات ترسيم الحدود بين فلسطين وإسرائيل استنادًا إلى أن الحل العادل الوحيد وهو وجود دولتين فلسطينية وإسرائيلية بنفس الحقوق والواجبات.

وبينما تسرب الإحساس بالنصر، بعد صدور القرار الأممي، إلى نفوس العرب، إلا أنه بات على الحكومات العربية، نفسها، أن تنتبه إلى ما يمكن وصفه بتراجع تأييد قارة إفريقيا التي كانت تاريخيًا تدعم القضية الفلسطينية.

هذا التراجع في مواقف بعض الدول الإفريقية جاء لتغلغل إسرائيلي منذ سنوات عديدة في القارة السمراء في ظل إهمال وتجاهل عربي، وكانت النتيجة واضحة في تصويت الجمعية العامة؛ حيث كان من بين معارضي القرار دولة إفريقية هي توغو فيما امتنعت سبع دول إفريقية عن التصويت، وغابت وفود ست دول إفريقية أخرى عن الجلسة.

كذلك فقد وقعت مفاجأة- لم تخطر على البال- وهي أن دولة تركمنستان الإسلامية كانت من بين الدول الممتنعة عن التصويت.

في الوقت نفسه، برغم الموقف الإيجابي للدول الأعضاء ذات الثقل في الاتحاد الأوروبي كألمانيا وفرنسا، وأيضًا بريطانيا، التي تستعد للخروج من الاتحاد، فإن عدة دول أخرى بالاتحاد خرجت عن المنظومة بامتناعها عن التصويت وهي: جمهورية التشيك وبولندا وكرواتيا ورومانيا.

أيضا... كان غياب وفد سويسرا عن جلسة الجمعية العامة بشأن الوضع القانوني للقدس من الأمور اللافتة للنظر.. إذ أن نشاط سويسرا الإغاثي واحتضانها مقر الصليب الأحمر وأيضًا المقر الأوروبي للأمم المتحدة يطرح تساؤلات عن سبب غياب وفدها عن الجلسة.

وقد أثيرت تساؤلات غاضبة وعاتبة على موقف دولة البوسنة والهرسك في الجلسة؛ حيث كانت من بين الممتنعين عن التصويت، وهي دولة تعاطف العرب والمسلمون مع مآساتها.. غير أن البوسنة لديها مجلس رئاسي ثلاثي يضم ممثلين عن القوميات العرقية الثلاث، وأن موقف ممثل البوشناق، وهو باقر علي عزت بيجوفيتش كان مؤيدًا للقرار في حين عارضه ممثلا الصرب والكروات، وبالتالي كانت النتيجة هي الامتناع عن التصويت.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة