Close ad

(الشَرق الأشًقى).. ومكتب صحة التاريخ

26-11-2017 | 00:08

نستخدم كثيرا في مجال عملنا الصحفي والإعلامي مصطلحات سياسية ومسميات إقليمية، وأخرى جغرافية، وكثيرون لا يفكرون في أصل هذه المُسميات ومن أطلقها ولماذا نرددها كالبغبغاءات، ولا نعلم أصل التسمية أو دلالاتها، منها "الشرق الأوسط"، الذى نجده في كثير من المانشيتات ونشرات الأخبار، مثل نزاعات الشرق الأوسط، وثورات الشرق الأوسط.. أي وسطية فيه، وفيه العنف والتطرف والقتل باسم الدين، وهم من الدين براء.

وأكبر دليل على ذلك الحادث الإرهابي الخسيس الذي استهدف المصلين وقت صلاة الجمعة بمسجد الروضة فى بئر العبد بشمال سيناء، وقتل فيه الأبرياء وقت الصلاة وداخل المسجد، ومنهم عشرات الأطفال، ووصل عدد الشهداء 305، والعدد مرشح للزيادة، والمصابين 128، منهم 30 طفلًا دون العاشرة، و160 مسنًا فوق الـ60 عامًا، وكانوا القتلة الفجرة يقتلون من حاول الهروب خارج المسجد، بل هاجموا سيارات الإسعاف، وكل ذلك تحت اسم الإسلام (مسلمون يقتلون مسلمين ساجدين ومصلين داخل المسجد.. تحت دعوى نُصرة الإسلام)، ثم نقول نحن شرق أوسط.. لا يا سادة بهذا الشكل هي منطقة "الشرق الأشقى"..

استخدموا المغيبين والمغسولة أدمغتهم فى القتل والتخريب وتأمروا علينا وأسقطوا دولا وجيوشها وتركوها للميليشيات ثم أكملوا الجريمة ببث الفتنة بين سنة وشيعة ومذاهب وعرقيات متناحرة، وجعلونا أبعد ما نكون عن الوسطية، وهم بعيدون كل البٌعد عن الإسلام، دين السماحة والمحبة والتعايش والخير في الأرض. 

نعود لأصل تسميتنا بمنطقة الشرق الأوسط.. كنت مشغولا من فترة بأصل تسمية "منطقة الشرق الأوسط "، لأني للأمانة بحثت ونقبت كثيرا يا ولدي، زي ما قال الباشمهندس عبد الحليم حافظ، المتحدث الرسمي باسم الرومانسية والعاطفية في منطقة الشرق الأوسط برضو، المهم بحثت عن أي وسطية في شرقنا الأوسط ولم أجد للأسف، حتى وجدت الإجابة في مقال للصديق والزميل العزيز مهدي مصطفى، مدير تحرير مجلة "الأهرام العربي"، وهو ممن أحسبهم أكثر الصحفيين المثقفين نُبلا ومهنية في مصر والعالم العربي، وأقدرهم على التحليل السياسي والتاريخي، خاصة في منطقة "الشرق الأشقى" حاليا، و"الأوسط" سابقا، حيث يقول مهدي مصطفى في مقاله: "مكتب الهند البريطاني هو صاحب امتياز مصطلح "الشرق الأوسط"، حيث نشره على نطاق واسع حين كانت بريطانيا إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس عام 1850م، والشرق الأوسط المزعوم يشمل المنطقة الواقعة بين حدود الهند شرقا إلى مضيق جبل طارق في المحيط الأطلسي غربا، وتوسع حتى ضم دولا من غير العرب كإيران وأفغانستان وتركيا التي كانت تسمى "الشرق الأدنى"، وطبعا إسرائيل التي ستولد من رحم قرار دولي بعد ذلك بقرن كامل من أصل التسمية البريطانية، وبعد بريطانيا بنصف قرن جاء الضابط البحري الأمريكي، ألفريد ثاير ماهان، ليعطي صك الغفران للتسمية البريطاينة، ثم يأتي السفير البريطاني "كايرول" ويرسم بعصاه الساحرة ملامح الشرق الأوسط المعتمد، ليصبح قدرا جغرافيا لا فكاك منه".

ثم يكمل ويقول: "شكرا لمكتب الهند البريطاني الذي أطلق على بلادنا اسما شيقا له، ووقعا خاصا على المستمعين، وبريطانيا أدرى بنا من أنفسنا!!، ومع سطوة الإعلام الغربي وسطوة مثقفيه ومؤرخيه وجغرافيته ومستشرقيه ومستغربيه من بني جلدتنا الواقعين في محبة "الجلاد"، صار التاريخ مكتوبا حسب هذه السطوة الغربية الجبارة، ودون إرادة منا أصبحنا كاليتامى على موائد أصحاب الشرق الأوسط اللئام، ومسرحا لحروب مجهزة بالخرائط وعدد القتلى.. حروب تحرير وطائفية وتكفيرية وحدودية لا تتوقف.. صرنا أرقاما نتزاحم في دول وظيفية دبرتها بريطانيا بليل، إما بقرار دولي أو بوعد شخصي، والدويلات التي دبرتها بليل هي الدول الصغيرة الوظيفية التي تتزاحم تحت رايات وإعلام وحدود أما الدولة التي دبرتها بوعد فكانت إسرائيل وما أدراك ما إسرائيل.. الخلية الحية في اعتقاد مثقفين وسياسيين وفلاسفة عرب".

ويختم "مهدي" مقاله بسؤال غاية في الأهمية: فهل آن الأوان لنذهب إلى "مكتب صحة التاريخ"، ونغير الاسم من الشرق الأوسط إلى الإقليم العربي؟.. سؤال غاية في الأهمية: لماذا لا نبقى في الإقليم العربي المتجانس، لغة وثقافة وأديانا، فهو صاحب الحضارات، سواء حضارة مصر القديمة، بملوكها وثقافتها العلمية والاجتماعية الراسخة كدولة مستمرة، أو حضارات بلاد الرافدين متعددة المشارب والأزمنة، أو حضارة الفينيقيين فى الشام، أو حضارة شمال إفريقيا العميقة، وكلها حضارات ورثتها الأديان الثلاثة ابنة المنطقة وحدها.. علينا التوجه لـ"مكتب صحة التاريخ"، وعلينا التخلص من تسمية "الشرق الأوسط" التى وضعتها بريطانيا - أصل كل الشرور بالمنطقة، والتي صنعت لنا التطرف والإخوان المسلمين، أصل كل جماعات القتل والتخريب والإرهاب والتجارة بالدين، واستخدامه ستارا أو شعارا للوصول إلى الحكم والسلطة، ولا مانع لديهم في التآمر مع الدول الخارجية المعادية لمصر، ونشر الخراب والقتل، وترويع الآمنين وقتل المصلين في المسجد وقت صلاة الجمعة وهم يرددون "الله أكبر".. نعم الله أكبر عليكم وسينصرنا عليكم، وعلى إرهابكم، لأن مصر تخوض أنبل وأشرف المعارك ضدكم، والله سينصر الحق والخير، والله المستعان على ما تجرمون يا قتلة المصلين وقت صلاة الجمعة.

اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة