Close ad

حتى ينجح قانون المرور الجديد (5)

23-11-2017 | 00:18

ورش السيارات

تحدثنا في الجزء السابق عن سلوك الناس حين يتسم بالعشوائية في الشارع فيصاب بالاختناق، وتتحول حالة المرور من السيولة للتوقف التام، أضف إلى ذلك الزيادة المطردة في أعداد السيارات بكل أنواعها التي تتوافد على الطرقات، مع ثبات قدرة الطرق، وكذلك ثبات كفاءتها الاستيعابية، تشعر أوقات الذروة أن كل السيارات تغزو الشوارع في نفس الوقت!

ولهذا كانت كل المسكنات التي تقدمها إدارات المرور تقابل بالسلبية من الناس، لأن أثرها يزول سريعًا. وفي العقود السابقة، كانت هناك عشوائية في تقنين نشاط الخدمات المقدمة للسيارات، لذا، كان من المعتاد أن نشاهد هذه الورش في أماكن متفرقة، تارة في وسط العقارات، وأخرى على الطرقات، حتى تحول الأمر إلى حالة من العشوائية المستفزة، فبقدر احتياجنا لها، بقدر امتعاضنا لمقراتها في نفس الآن!
أيضًا هناك مناطق سكنية كثيفة العدد انتشرت بها هذه الورش بشكل مزعج، ومع مرور الوقت، أصبحت ظاهرة، ومع ذلك لم تسبب الإزعاج للمسئولين، لأنهم تعايشوا معها باعتبارها أمرًا حياتيًا عاديًا برغم سوءاتها.

بطبيعة عمل هذه الورش، ولصغر حجم أغلبها، تضطر لخدمة مرتاديها خارجها، الأمر الذي يسبب نقطة اختناق للمرور، ومع زيادة عددها تزداد بالتبعية نقاط الاختناق، من هنا تبزغ أهمية وجود مناطق خاصة بهم تتمتع بكل عناصر الأمن الصناعي، إضافة لأن يكون موقعها مناسبًا لطبيعة عملهم، فيكون بعيدًا عن المناطق السكنية بالقدر المناسب، حتى لا نكرر أخطاء الماضي، زد على ذلك اختيار البعد الملائم عن الطرق السريعة، تجنبًا لمنع وجود نقاط خانقة، تكون سببًا في عرقلة المرور.

الأمور في هذا السياق تبدو منطقية، لاسيما ونحن نشاهد نهضة في مجال منظومة الطرق لم تشهدها مصر منذ نشأتها، بخلاف تطوير القديم وصيانته، منظومة كلفت مصر أمولًا طائلة، بذل آلاف من أبنائها عرقًا وكفاحًا على مدى الساعة، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي، مهام رئاسة الجمهورية.

منظومة راعت أبعادًا كثيرة، على رأسها مصلحة الأجيال المقبلة التي تنال الاهتمام الكامل بكل أوجه التنمية الحالية، ولنوضح في النموذج الذي نتحدث عنه، آلاف من الكيلومترات تم تنفيذها، تربط شمال مصر بجنوبها والعكس، بغرض توفير بنية تحتية صلبة وعفية للاستثمار، تكون نواة لجذب العديد من رؤوس الأموال الأجنبية، وهى وسيلة فعالة لخلق فرص عمل محترمة تعود بالفائدة على شبابنا، وما حدث في ربوع مصر، نرى منه نموذجًا مصغرًا في العاصمة، محاور جديدة وطرق ممهدة، تخفف الأحمال بنسبة كبيرة جدًا عن الطرق الموجودة الآن، منها ما انتهى العمل فيه بالفعل، ولمس الناس قيمة الإنجاز الذي تحقق.

وإذا كان يتواكب مع هذا الإنجاز صدور قانون جديد للمرور، يلزم الإشارة إلى أن هناك طريقًا جديدًا يسمى الدائري الأوسط، يوازي في جزء منه الدائري الحالي، ومخطط له أن يربط بين جنوب القاهرة وغربها، هذا الطريق يشرف على تنفيذه بواسل القوات المسلحة، قررت محافظة القاهرة عمل منطقة لورش السيارات في منطقة تلامسه تمامًا، تستوعب حسب تصريحات مسئوليها 300 ورشة تقريبًا.

المشكلة تكمن في النقطة التي تم اختيارها، فهي تقع في تقاطع الدائري الأوسط مع طريق العين السخنة، هذه النقطة تحديدًا يكون فيها الطريق في أضيق مساحاته، كما أن الورش المزمع إقامتها هناك، مدخلها الوحيد من هذا الطريق، فهل يمكن أن نتخيل المشهد!

 300 ورشة لخدمة السيارات، دخول وخروج السيارات من نقطة ضيقة جدًا، هل هناك أي احتمال لحدوث اختناق مروري في هذا الطريق الحيوي الذي تكلف ملايين الجنيهات، إجابتي أنا نعم، ولكن لا أعرف إجابة السادة المسئولين عن المرور، هل يعلمون، ولو يعلمون هنا يلح على سؤال، لو كانت هذه النقطة سببًا مباشرًا لحدوث اختناق مروري، من يتحمل نتيجة قرار تواجد هذه الورش في هذا الموقع، محافظة القاهرة أم المرور أم كليهما؟

لاسيما وأنه قد تم التحذير بشكل واضح، لأن هناك من يرى إبعاد الورش عن هذا الطريق بمسافة كبيرة، مع عمل مداخل ومخارج تمنع احتمالية حدوث تكدس.. اللهم قد بلغنا.. اللهم فاشهد.

المقال المقبل سيكون ختامًا لمقالاتنا بموضوع وحدات المرور...

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.

الأكثر قراءة