مر علينا مرور الكرام حادث سقوط "توك توك"، يحمل ثمانية أطفال في عمر الزهور في ترعة المحمودية، وهم في طريقهم إلى المدرسة بقرية زاوية غزال بدمنور، ومات 7 أطفال يحملون حلمهم وحلم أهاليهم في مستقبل أفضل.
وخيم الحزن على أهالي القرية والقرى المجاورة، وكان نصيب كل أسرة متوفى 5 آلاف جنيه لا غير، يعني أن مجموع أرواح فلذات أكبادنا السبعة 35 ألف جنيه، مع أن مسئولية الحادث تقع على عاتق مسئولي محافظة البحيرة، والدليل نثبته من قراءتنا من تحركاتهم بعد الحادث، حيث قامت أجهزة المحافظة بإزالة المخالفات والتعديات على طريق دمنهور / زاوية غزال، الذي شهد واقعة مصرع التلاميذ السبعة، والمسمى بطريق الموت لكثرة الحوادث عليه.
وشملت التعديات حظائر مواشي ودواجن ومباني مخالفة تقع على حرم الطريق، ثم أكده تصريحات سكرتير عام المحافظة بأنه سيتم إصلاح الطريق وإعادة رصفه، وإجراء الصيانة اللازمة، بعد الانتهاء من حملة الإزالات، وقال إنه سيتم منع مركبات "التوك توك" غير المرخصة.
وأخيرًا لم توفر المحافظة وسائل نقل آدمية للأهالي، وهو مطلب متكرر لهم بح فيه صوتهم ولم يجدوا آذانًا تسمعهم، والسؤال لماذا لم يتحركوا من موقع مسئوليتهم منذ زمن بعيد لتفادي الحوادث على طريق الموت؟ والسؤال الثاني هل سيقومون بدوام مراقبة الطريق وصيانته؟ ويجب أن يرحمونا ويرحموا أهلينا ويسارعوا بإصلاح جميع طرق المحافظة المهملة.
ويقودنا هذا إلى المطالبة بوضع هدف إستراتيجي لكل محافظة بتقليص عدد حوادث الطرق إلى أقصى حد ممكن، وليس هذا باختراع أو ابتكار، فقد سبقتنا إليه عدة دول مثل السويد واليابان وسويسرا وأستراليا، ففي السويد أطلقوا عليه "الرؤية صفر"، وفي بريطانيا وضعت الحكومة خطة مرورية تهدف إلى خفض الوفيات إلى الثلث تحت عنوان "غدًا الطريق أكثر سلامة للجميع".
حوادث الطرق في مصر أصبحت عرضًا مستمرًا، على الطرق الصحراوية والسريعة والزراعية، ووصلت ضحاياها إلى 25 ألفًا و500 شخص بين قتيل ومصاب، طبقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية.
ولا تزال مصر تتصدر قائمة الدول التى ترتفع فيها معدلات حوادث الطرق، وبالأرقام يسقط قتيل كل نصف ساعة، والأزمة عندنا متأصلة منذ عدة سنوات، ولا يسعى أحد لعلاجها، فقط نسمع نصائح ورؤى خبراء المرور وهندسة الطرق، ولك أن تتخيل أن المعدل العالمي لقتلى حوادث الطرق لكل 10 آلاف مركبة تتراوح ما بين 10 و 12 قتيلًا، ولكن تسجل مصر 25 قتيلًا أي ضعف المعدل العالمي، ومؤشر قسوة الحادث توضح أن مصر يسقط فيها 22 قتيلًا لكل 100 مصاب في حين أن المعدل العالمي 3 قتلى لكل 100 مصاب.
ولك أن تعلم أن هناك دولًا لم تسجل فيها أي وفيات على الطرق، ونجد في اليابان من بيانات الشرطة في عام 2017 انخفض عدد وفيات حوادث المرور إلى أقل من 400 حالة، بسبب هندسة الطرق المتطورة.
وفي مصر يؤكد الخبراء أن الأسباب الرئيسية للحوادث هي سوء حالة شبكة الطرق، وعدم التزام السائقين بقواعد المرور، علاوة على غياب الصيانة والرقابة، ومن الكوارث الأخرى التي نعاني منها سير سيارات متهالكة وقديمة منذ عام 1970، بل إن هناك طرقًا سريعة كطريق الصعيد لا يتواجد عليه أعمدة إنارة أو لوحات تحذيرية وليس به نقاط إسعاف.
وطالما يتوحش الإهمال وتسد الآذان يستمر مسلسل حوادث الطرق، فخلال أسبوع واحد من شهر نوفمبر الحالي سقط 29 شخصًا، وأصيب 66 آخرون.