Close ad

الشذوذ مرض أم عرض!

4-10-2017 | 00:02

أثار الحفل الذى تمت إقامته بأحد مولات التجمع الخامس منذ فترة حفائظ الناس؛ بعد رفع أحد الأعلام الذي يعتبر شعارًا للشواذ؛ برغم أنه لم يكن الحفل الأول؛ إلا أن العدد والمكان الذى أقيم فيه أرخى ستائر عديدة كانت تخفي وجوهًا تضمر الشر لمصر ولأبنائها.

بداية؛ لابد من تأكيد أن النسبة الأكبر من العدد الذي حضر الحفل لا ينتمون لهذه النوعية من الناس؛ حيث ذهبت لمتابعة الفرقة التي تحيي الحفل، وكان معروفًا عن أحد أعضائها أنه شاذ؛ ولكن استغل أحد الشواذ هذا التجمع ورفع شعارهم ليوهم المجتمع - ومن بعده العالم - أنهم موجودون، وأنهم يحتفلون جهارًا بأريحية؛ ليضربوا عصفورين بحجر واحد؛ الأول؛ الترويج لميولهم؛ والثاني المطالبة بحقوقهم.

ولأنه حدث فج؛ كان لابد من ردود فعل قوية؛ بدأت أولًا من أهالي الشباب؛ الذين أصطحب معظمهم أولادهم للحفل؛ وهم متخيلون أنهم يقضون وقتًا لطيفًا في حفل عام؛ إلى أن تواترت الأنباء عن أنه حفل للشواذ؛ فهرولوا بحثًا عنهم لاستعادتهم وانتشالهم من هذا المستنقع.

ثانيًا؛ الإعلام الذي انبرى يبث معلومات وبيانات كثير منها جانبه الصواب؛ بحثًا عن تحقيق سبق في تقديمها؛ وفي هذا الصدد حدثت مصائب، يمكن الحديث عنها بلا حرج؛ كما يمكن إطلاق وصف مصائب قوم عند قوم فوائد؛ الفائدة الأولى؛ اتضح بما لا يدع أي مجال للشك أن قطاعًا كبيرًا من الفضائيات غرست كلتا قدميه فى وحل "التسرع"؛ مما أدى إلى طرح رؤى وأفكار هدامة ومريضة تروج للشذوذ؛ بدلا من كشفه ومحاربته.

معالجة الإعلام غلفت القضية بثوب مهترئ "إلا من رحم ربي" أضفى على تلك المشكلة بريقًا؛ نعم لم يستمر كثيرًا؛ ولكنه أعطى للشواذ حقوقًا؛ أو هكذا تخيلوا.

وجدنا من انبرى فى الدفاع عنهم؛ باعتبارهم مرضى يستحقون العلاج والشفقة؛ ويحتاجون للرعاية؛ رافعين شعار أجوف أسمه الدفاع عن الحريات؛ وتناسوا أمرين؛ الأول؛ أنت حر ما لم تضر؛ والثاني؛ أن هذا الشعار "حق أريد به باطل".

وحاولوا تفريغ القضية من مضمونها الذي يقول إن الله خلق عباده أسوياء بالفطرة؛ وإن الشذوذ مخالف لفطرته؛ كما حرمته أديانه الثلاثة؛ تحريمًا واضحًا؛ وجاهدوا ليؤكدوا أن الشذوذ مرض؛ يجب الرأفة بحال أصحابه؛ وإن وجد من يؤكد هذا الزعم من بعض الأطباء؛ فإنه شخَّص هذا المرض وعرف أسبابه؛ كما عرف طرق علاجه؛ ونسبة هؤلاء المرضى صغيرة جدًا جدًا؛ تكاد لا تحصى على مستوى العالم؛ أما بقية الشواذ ليسوا مرضى؛ و لكنهم وقعوا فى هذا المستنقع نتيجة عدة أشياء؛ أهمها سلوكيات خاصة بتنشئة الأطفال؛ مثل الأم التى تجعل ولدها يلبس ملابس البنات خوفًا من الحسد؛ وبالتالي تنمي إحساس الأنثى بداخله دون أن تدري أنها تقهر ذكورته وتسحقها؛ متخيلة أنها هكذا تحميه وتحافظ عليه؛ وأمور أخرى؛ أبرزها خوف المجتمع من الدخول إلى دائرة التربية الجنسية السليمة؛ باعتبار ذلك يدخل فى باب "العيب"؛ برغم أننا اضطررنا إلى عبور هذا الباب بعد تناول الإعلام هذا الموضوع وآثاره؛ وبصرف النظر عن طريقة معالجته؛ إلا أن كثيرًا من الأسر ناقشت هذا الأمر مع أبنائها.

وتلك هى الحسنة الوحيدة التى أعقبت "حفل الشواذ"؛ فقد أخرج العديد من الناس رؤوسهم المدفونة في الرمال؛ وتوجهوا لأولادهم بالحديث والنصح المبين؛ موضحين ما معنى "شاذ"؛ فهو الإنسان الذي يخالف الفطرة؛ وهو إنسان غير سوي؛ كما وضحوا ضرورة التمسك بالفطرة والالتزام بتعاليم الخالق الذي حرم الشذوذ تحريمًا لا يحتمل أدنى درجات اللبس.

لقد أضحى على المجتمع بكل فئاته مثقفيه وعلمائه؛ وقادة الرأي أن يتبنوا حوارًا هادفًا حول هذه القضية الخطيرة؛ حوارًا يعكس خطورتها ويبين آثارها السلبية؛ وكيفية مواجهتها؛ كما بات على وزارة التربية و التعليم أن تفكر بشكل عملي في كيفية تربية أبنائنا بطريقة صحية وآمنة منذ الصغر؛ من خلال توعيتهم بدرجات متباينة؛ كل حسب سنه واستيعابه؛ أضف إلى ذلك ما هو أهم؛ ضرورة وجود منظومة ما تعنى بتثقيف الآباء والأمهات بالطريقة السليمة في التعامل مع أولادهم.

أتمنى أن ننتقل من حالة انتظار الحدث؛ حتى نبدأ الحديث؛ كما حدث مع حفل التجمع؛ إلى حالة جديدة؛ يسبق فيها الحديث الحدث؛ ونبدأ حديثًا جادًا صوب مواجهة الشذوذ؛ قبل أن يصبح ظاهرة في مجتمعنا؛ لاسيما أن أعداءنا متربصون بنا، يجاهدون لينشروا في بلدنا موبقات كثيرة؛ تحت مزاعم واهية؛ نحن في غنى عنها.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.