لأن التعليم هو أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويمكن لمصر أن تنهض من جديد إذا تم إصلاح التعليم ما قبل الجامعي إلى سابق عهده من عقود مضت، وأن يعود كما كان أيام طه حسين وأحمد أمين، وخصوصًا فيما يتعلق بتدريس وزرع القيم والأخلاق في وجدان الصغار وحتى سن المراهقة.. ومنه لله علي سالم ومسرحية "مدرسة المشاغبين"، التي ساهمت، بل وأكاد أجزم أنها أفسدت التعليم ما قبل الجامعي في مصر؛ بدعوى الفكاهة والكوميديا، وهي أبعد ما تكون عن الفكاهة والكوميديا خربت التعليم والسلوك بالمدارس، وأضاعت هيبة المدرس والمدرسة..
وزير التعليم الحالي الدكتور طارق شوقي لديه رؤية وإستراتيجية واضحة لإصلاح منظومة التعليم سمعناها منه أكثر مرة حتى قبل أن يصبح وزيرًا للتعلم، وكان وقتها عضو المجلس التخصصي برئاسة الجمهورية ومنها: أن المنظومة التعليمية الحالية تستنزف الطلاب وعقولهم، وأن ما يحدث نزيف للأطفال، وأننا حولنا التعليم إلى بعبع يخيف ويدمر أولادنا، وظاهرة الدروس الخصوصية سببها أننا نسينا أن التعليم متعة.. وطالب الدكتور طارق شوقي كمان بأن هناك حلمًا هدفه بناء الشخصية المصرية، ووضع نظام تعليمي يحقق طموح الدولة والقيادة السياسية..
ولتحقيق هذا الهدف أطالب وزير التعليم بإعادة تدريس كتاب (الأخلاق) للمرحوم أحمد أمين، والذي كان يتم تدريسه في مدارسنا في خمسينيات القرن الماضي، وكان يتضمن أبواب تعلم الفضيلة والأخلاق والخير والشر وأصول علاقة الفرد بالمجتمع والسلوك والحقوق والواجبات، ومعنى الواجب والفضيلة والمثل الأعلى..
إعادة تدريس الأخلاق والواجبات والحقوق لتلاميذ الابتدائي والإعدادي، أصبح ضرورة قصوى في ظل تراجع الأخلاق وتراجع دور الأسرة في تربية الأولاد؛ بسبب ضغوط الحياة، وإنشغال الأب والأم من أجل توفير لقمة العيش..
وأيضًا أتمنى على وزير التعليم أن يأخذ قدر استطاعته من التجربة اليابانية في تعليم السلوك للأطفال بالمدارس، وأن نستفيد من التعليم الياباني، خاصة أن الجانب الياباني متعاون للغاية، حسب ما أكده لي أكثر من مرة السفير الياباني بالقاهرة، وأنهم مستعدون لتقديم كافة الإمكانات للمساهمة في تعزيز المدارس الحكومية بالنموذج الياباني المعروف "التوكاتسو"، ويعتمد هذا النظام على بناء شخصية الطفل بشكل كامل، ولا يهتم هذا النظام بالمعرفة فقط، ولكن أيضًا بالجوانب الاجتماعية والنفسية والتربوية، وبناء شخصية متوازنة للطفل، ويعمل على تعزيز القيم والأخلاق، وبناء ثقافة الحوار، والعمل بروح الفريق بالمدارس..
وبناءً عليه قام الرئيس السيسي خلال زيارته لليابان بالاتفاق على الشراكة التعليمية المصرية - اليابانية EJEP
ولذلك ستدعم الحكومة اليابانية المدارس الحكومية في مصر عن طريق إرسال الخبراء اليابانيين، وتدريب المدرسين المصريين في مصر واليابان، وتوفير المعدات اللازمة للمدارس..
يا معالي وزير التعليم.. التعليم هو أساس مكافحة الإرهاب ونهضة الدول، والحمد لله لدينا قيادة سياسية تؤمن بأهمية التعليم، وتراه ضرورة وأولوية قصوى، ولا بد من حلول غير تقليدية، وإصلاح كافة عناصر العملية التعليمية في وقت واحد: المناهج، والمعلم، والمدارس، وتربية الأطفال، وزرع الأخلاق، والقيم، والسلوك..
التعليم الحكومي في مصر كان مفخرة، وللأسف تدهور وتراجع مثل كثير من جوانب الحياة في مصر، وعلينا البدء بالتعليم لإصلاح باقي جوانب الحياة..
مصر خلاقة وتعلم فيها ملايين من أبناء الدول العربية والخليجية بشهادة الجميع، وتولوا الآن القيادة في بلدانهم التي سبقتنا بكثير في عدد من الجوانب.. نحتاج إلى نظام خلاق يعيد للشباب الأخلاق والقدرة على الابتكار والإبداع والمنافسة.. وحتى نستطيع القول أن مصر ولادة وبتربي ولادها كويس.. والله المستعان..