Close ad

طعامك بعد 20 عامًا

15-6-2017 | 12:14
كل ثانية في عالم التكنولوجيا تساوي ذهبًا هذه الأيام، حيث يتم إنفاق الملايين، بل المليارات في البحث العلمي المتعلق بالابتكارات والاختراعات التي ستجعل من حياة البشر في المستقبل أكثر سهولة ويسرًا.

فالطفرات المرتقبة في تطوير حياة للبشر خلال 20 أو 30 أو حتى مائة عام مقبلة لم تقتصر فقط على مجالات التكنولوجيا من وسائل اتصال ومواصلات وبيوت ذكية وحياة صحية أكثر أمانًا وسلامة، وطرق تعليم فائقة الجودة، بل امتدت إلى نوعية غذاء المستقبل.

لكن هل يظل غذاء المستقبل رهنا بالمساحات المزروعة من المحاصيل أو كميات المياه المحدودة أصلا للزراعة.. أم بالمخاوف المتصاعدة من تلوثها ببقايا المبيدات الزراعية أو الهرمونات الكارثية التي تُعجل بإنضاجها أو تُضخم أوزانها أو تلك النوعية من المحاصيل المُنتجة بطرق الهندسة الوراثية، والتي تشكل خطورة على حياة الناس.. أو تحكمات السياسة التي تجعل دولا كبرى تمنح أو تمنع صفقات القمح أو الذرة وغيرها باتجاه دولا بعينها وفق قبول شعوبها وحكوماتها حق الوصاية على قراراتها ؟!..

ومن التقنيات الحديثة التي أثارت انتباه العالم تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والتي غيرت مفاهيم عدة في جميع المجالات، ومن بينها صناعة الغذاء، حيث امتد اهتمام العلماء في المستقبل ليس فقط إلى نوعية الغذاء الذي نحتاجه في المستقبل، بل إلى طريقة إعداده، بعيدًا تمامًا عن أي طرق تقليدية اعتادها البشر في تناول طعامهم وصُنع غذائهم على مدى ملايين السنين..

هل تتخيل معي أن الإنسان خلال 20 عامًا سيكون بإمكانه صُنع أي طعام يتمناه في منزله من خلال طابعة ثلاثية الأبعاد، هي لن تكون طابعة مليئة بالأحبار، كما اعتدنا في طابعات اليوم، بل ستكون مليئة بمجموعة متنوعة من الُهلاميات والمعاجين والمساحيق وحتى السوائل..

وحينها تستطيع ربة المنزل أو أي شخص إعطاء تعليمات لهذه الطابعة لتُخرج له طعامه الذي يشتهيه، في زمن قياسي، ما يعني أن كتب الطبخ وخلطات أمهر الطهاة وأرقى المطاعم التي تقدم أفخم الوجبات ستصبح شيئًا من الماضي، لأن الطابعة ستكون مزودة في المستقبل بكمية هائلة من الوصفات!!

الأهم من ذلك أن انتشار مثل هذه الطابعات من شأنه أن يزحزح عرش مطاعم الوجبات السريعة، والتي طالما أرهقت صحة الناس بقائمة طويلة من الأمراض، انسدت معها شرايين ملايين البشر بكميات هائلة من الدهون وأودت بحياتهم، وأرهقت أجساد الناس بالسكريات والبروتينيات وأتلفت أكبادهم بعشرات النوعيات من المواد الحافظة، وأورثت أطفالا في عمر الزهور أمراضًا تصيب الكبار، بل وتقصف أعمارهم في سن مبكرة بجلطات القلب..

المهم أن العلماء في جامعة كولومبيا الأمريكية يسعون حاليًا لتطوير طابعة ثلاثية الأبعاد للطعام تعمل باستخدام برنامج خاص، هدفها التوصل إلى آفاق جديدة كليًا للطعام، وفضلًا عما تحتويه الطابعة من معاجين ومساحيق وسوائل، أضافوا إليها خاصية التسخين بالأشعة تحت الحمراء لطهي الطعام..

وستكون الطابعة يومًا ما قادرة على استخدام مقادير محددة من العناصر الغذائية إرضاء لحاجات الجسم الحيوية، وبالطبع يمكن أن تقودنا تلك التقنية إلى توفير أغذية تناسب من يتبعون نظامًا غذائيًا للتخسيس، وتوفير أغذية تناسب الحالات المرضية، بعيدًا عن أسلوب الطعام الموحد للجميع.

أيضًا هناك من العلماء من يتحدثون عن أن مستقبل الغذاء ليس في المزارع ولا في تربية الحيوانات، ومنهم "روب راينهارت" المتخصص في برمجة الكمبيوتر، الذى توقف عن إنفاق وقته وماله في الوجبات التقليدية، وابتكر نظامًا يعتمد على "تفكيك الطعام وتفتيته عند مستوى الجزيئات".. وانتهى إلى اختراع سائل كثيف القوام عديم النكهة يترك في الفم طعمًا صناعيًا خفيفًا، أطلق عليه سويلنت "Soylent".. وهو يحتوي على أكثر من 30 مكونًا، منها الكالسيوم والنحاس والسلينيوم والكربونات.

وحاليًا لا تقتصر دوافع "راينهارت" على تخفيض تكلفة إنتاج مثل هذه النوعية من الغذاء البديل، بل يسعى لأن تستفيد باختراعه المناطق شحيحة الطعام؛ أو تلك التي على شفا المجاعة.. بالطبع هو حل مثالي، إن كُتب له النجاح والانتشار، ولكن من يضمن توفير مثل هذه التقنية لإنتاج غذاء بديل في مناطق تعاني المجاعة دون أن تدفع شعوبها فاتورة التجاذبات السياسية بين أمراء الحرب في كل مكان.

نتمنى ألا يلفت أحد انتباه الباحث "راينهارت" وغيره من شركات التكنولوجيا المنتجة للطابعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج الغذاء، إلى ملايين الأطنان من الغذاء التي تكتظ بها موائد الأغنياء في رمضان وتذهب غالبيتها هدرًا إلى صناديق القمامة، وهناك ملايين الجوعى، حتى في بلاد المسلمين لا يجدون ما يقتاتون به ويسد رمقهم ويعينهم على الصوم.. فلو علموا بذلك، فربما اشترطوا ألا تصل مثل هذه الطابعات إلى أيادينا ولو بعد مائة عام!...

المهم أن هذه الطابعات عندما تكون متاحة، من المؤكد أنها ستكون أمريكية أو أوروبية ويابانية، ثم تتحول إلى صينية الصنع، لكن الخوف أنها حين تصل بلادنا بعد مائة عام طبعًا، ربما تكون "تجميع"، وقد يظن مشتروها أنها كاملة المواصفات، فيتفاءل ويعطيها أمرًا بطباعة وجبة بيتزا أو لحوم بنكهة الرومي، فتخرج له "عجينة طعمية" أو مفتقة!!
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قصص إنسانية من الأولمبياد

البطولات الرياضية، وفي الصدر منها الأولمبياد، ليست مجرد ساحة لجني الميداليات، بل قد تكون فيها الكثير من القصص الإنسانية، فوراء كل بطل عظيم قصة رائعة..

الناجي الوحيد بعد "انقراض البشر"!

لم يعد الحديث عن نهاية العالم مقصورًا على تنبؤات السينما العالمية، بل إن كورونا ألهبت خيال البشر أنفسهم ودفعتهم إلى توهم نهاية العالم..

قبل أن تصبح أحلامنا لوحات إعلانية!

ربما يستيقظ أحدنا في المستقبل القريب، من دون مرض أو علة، ولسان حاله يقول: أنا مش أنا ، أو قد يراه أقرب الأقربين له بأنه لم يعد ذلك الشخص الذى نعرفه.. دماغه تغيرت.. أحلامه تبدلت

صيام "هرمون السعادة"!

وصفوه بأنه هرمون السعادة ، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سببًا للشعور بها، لكنهم يصححون لنا هذا المفهوم اليوم، بأن دوره

أنف وثلاث عيون!

هناك قصة شهيرة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس تحمل هذا العنوان، لكننا هنا نتقاطع مع عنوانها في الاسم فقط، فعيون إحسان عبدالقدوس كن ثلاث نساء تقلب بينهن

أول فندق في الفضاء!

ربما يصبح حلم السفر في المستقبل في رحلات سياحية، بالطبع لدى فصيل من أثرياء العالم، ليس إلى شواطئ بالي أو جزر المالديف أو البندقية، بل إلى الفضاء.. نعم إلى الفضاء، هذا الحلم سيضحى حقيقة فى عام 2027!

الجلد الإلكتروني!

يبدو أن عالم تكنولوجيا المستقبل ستحكمه "الشرائح"، لكن شتان بين مخاوف من شريحة زعم معارضو لقاحات كورونا بأنها ستحتوي على شريحة لمراقبة وتوجيه كل أفعالك،

..واقتربت نهاية كورونا!

لم يحظ لقاح من قبل بجدل مثلما حظي لقاح كورونا، لأسباب كثيرة، أولها السرعة التي تم بها التوصل إليه، على عكس لقاحات لأمراض أخرى، ربما مضى على تفشيها مئات

يوم بدون محمول!

هل فكرت يوما التوجه إلى عملك من دون هاتفك المحمول؟ قد يفكر في ذلك من أنفق عمرًا في زمن الهاتف الأرضي، لكن من نشأوا في زمن المحمول سيرون الفكرة ضربًا من

أيهما الأكثر طرافة .. الرجال أم النساء؟!

على مدى التاريخ تحفل حياة الأمم بسير الظرفاء، وتتسع هذه المساحة لتشمل أشخاصًا خلدهم التاريخ، إما لفرط سذاجتهم كأمثال جحا، أو لكثرة دعاباتهم وكتاباتهم و"قفشاتهم"

إلا المخ يا مولاي!

رغم أن المخ كان ولا يزال لغزًا يحير العلماء، فإن الدراسات ما زالت تتوالى لفهم هذا العضو الرئيسي في الجهاز العصبي لدى الإنسان، والذي يتحكم في جميع الأنشطة

عبيد مايكروسوفت!!

في عام 1995 نُشرت رواية بعنوان "عبيد مايكروسوفت" تشبه تمامًا رواية جورج أوريل 1984، غير أن الأخيرة ذات أبعاد سياسية، أما الأولى فهي ذات أبعاد تكنولوجية،