Close ad

وجع في رأس الجميع

9-3-2017 | 11:01

ربما لو لم تكن زوجة المهندس الإيطالي انطونيو ميوتشي مريضة، ولأنه كاد لايفارق معمل أبحاثة أسفل منزله، لما فكر في وسيلة لنقل الذبذبات الصوتية بينه وبين زوجته في غرفتها أعلى المنزل، فكان اختراع التليفون العادي.

نعم ميوتشي هو مخترع الهاتف، وليس جراهام بل، كما يعتقد الكثيرون، فقد حال فقره الشديد دون تسجيله كبراءة اختراع، بل هو من نفذ الفكرة بعد 19 عامًا من ابتكارها، وقد أقر الكونجرس الأمريكي نفسه في عام 2002 بأحقية نسب الاختراع إلى انطونيو.

هذه الفكرة التي نفذها جراهام بل صارت عصب الحياة في عالم الأمس واليوم وغدًا، ولم يعد الهاتف سلكيًا فحسب، بل لاسلكيًا، ثم جوالًا ذكيًا يحمله اليوم أكثر من 3.3 مليار شخص.. هم أكثر من نصف سكان الأرض!

وبعد أن كان حلم الحصول على هاتف عادي بالمنزل يراود أجيالًا متعاقبة في مصر، حتى كان حق تركيبه يؤول للورثة، وكان يُزف بالطبل البلدي في حله وترحاله بين بيت العمدة السابق إلى بيت العمدة الجديد في بعض قرى مصر قبل عقود من الزمن.. اليوم صار المحمول لايفارق يد الجميع.

ولأن لكل تطور تكنولوجي ثمنه الذي يقتصه من صحة الناس، فإن الهاتف المحمول تلاحقه دراسات، لاتخفي مخاطره، فالدراسات أثبتت العلاقة الآثمة بين استخدامه والإصابة بسرطان المخ، لكن الشركات المنتجة له تبذل أقصى وسعها لإنكار هذه الدراسات والتشويش عليها، ومحاولة التقليل من المخاطر التي اكتشفتها لضمان جني المزيد من أرباحهم.. ولاعزاء لصحة الملايين!

ولتبسيط مخاطره، تجربة بسيطة أجراها باحثان روسيان وضعا بيضة نيئة في وعاء من البورسلين بين جهازي محمول، وأجروا اتصالًا بين الهاتفين، وتركوا الخط مفتوحًا بينهما.. فماذا حدث؟؟

بعد الـ 15 دقيقة الأولى: لم يحدث شيء، وبعد 25 دقيقة: بدأت البيضة تسخن، وبعد 40 دقيقة: زادت سخونة البيضة، وأصبحت قشرتها أكثر صلابة، وبعد 65 دقيقة: تم سلق البيضة بالكامل.

وكنت شاعد عيان على تجربة مشابهة في معمل الفيزياء بكلية العلوم جامعة القاهرة بين جهازي محمول، وضع بينهما لمبة كهرباء غير متصلة بأي أسلاك.. أضأت بمجرد الاتصال بين الجهازين!

ولك أن تتخيل كيف يكون حال رأس من يتحدثون أكثر من ساعة متواصلة على التليفون المحمول.

ولم تعد المخاطر مقصورة على طول ساعات الاتصال بالمحمول، بل في استخدامه لوقت طويل لتصفح فيسبوك وتويتر وبث الرسائل، حتى صار هناك مصطلح طبي هو Text neck، الذي يُشخص المشكلات الصحية الناجمة عن إطالة النظر في المحمول على فقرات الرقبة في وضع الانحناء بزاوية بين 12 إلى 45 درجة!!

ولأن الهوس باحتضان المحمول صار لايمكن الفكاك منه، حتى في غرف النوم، حذر مخترع شرائح الهاتف المحمول عالم الكيمياء الألماني فرايدلهايم فولنهورست من مخاطر ترك أجهزة المحمول مفتوحة في غرف النوم على الدماغ، وتدمير مناعة الجسم، فالترددات الكهرومغناطيسية الناتجة من المحمول أقوى من الأشعة السينية التي تخترق أجسادنا لتشخيص الأمراض، وإشعاعات المحمول تضرب خلايا المخ 215 مرة كل ثانية، مما يرفع نسبة التحول السرطاني بالجسم 4% عن المعدل الطبيعي.

هي ليست دعوة للتخلي فورًا عن هاتفك المحمول، بقدر ما هي إشارة لنتائج مرعبة حين تعلم أن قنبلة جرثومية في يدك، فمثلما يتواجد بداخله الكثير من الفيروسات التي دمرت خصوصية الناس، فعلى سطحه تنمو العديد من الكائنات التي قد تهدد صحتنا.

هذا الكلام كشفته دراسة بجامعة أريزونا الأمريكية عام 2012 بأن سطح الهواتف المحمولة يحوي أنواعًا من البكتيريا المسببة لأمراض مثل الإنفلونزا والتهابات العين، و92% من الهواتف التي نحملها يوجد على سطحها بكتيريا.. برغم ادعاء 95% من حملة الهواتف اهتمامهم بنظافتهم الشخصية.

دعونا نقر ونعترف بأن أي دعوة للمطالبة بالتخلي عن المحمول هي من قبيل الجنون، خصوصًا أن الشركات المنتجة لا تكف عن إضافة مزايا لا حصر لها في الهواتف الذكية، إلى حد أن دور الأزياء في لندن خرجت بفكرة عجيبة هي دمج المحمول بالملابس!!

نعم.. سيأتيك الرداء وقد احتوى بطاقة الشريحة للهاتف المحمول SIM card في ذراعه اليسرى، ما يمكنك من استقبال المكالمات، وللرد ارفع يدك اليسرى بجانب أذنك وتكلم.. يعني تكنولوجيا ترتديها بدلًا من حملها!!

لذا لن يكون غريبًا أن تكون مزايا المفاضلة بين ماركات معينة للملابس، ليس في جودتها فقط، بل في مزايا شرائح الهاتف المحمول التي تحويها!!

وهكذا فالشركات المنتجة للمحمول وصاحبة شبكاته كل همها أن نتصل ويكون التليفون على دماغنا طوال الـ 24 ساعة.. فكلما نتصل أكثر، هي تربح أكثر، ونحن نمرض أكثر وأكثر.

فكيف نحمي أنفسنا؟
الحل طبعًا.. هو ترشيد استخدامه، والمبادرة فورًا بمنع اقتراب الأطفال منه؛ لأنهم أكثر عُرضة للتأثر بمخاطر إشعاعه، وتجنب الثرثرة من خلاله، ومكالمتك لاتتجاوز دقائق على أصابع اليد الواحدة، واستخدمه فقط عندما تكون إشارة الاستقبال أو الإرسال قوية؛ لأنها إن كانت ضعيفة يزداد خطر تعرضك للإشعاع، واحم رأسك باستخدام سماعة خارجية.

خلاصة القول: استخدم أنت المحمول.. ولا تجعله يستخدمك.. وأستأذنكم للرد على المحمول!!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قصص إنسانية من الأولمبياد

البطولات الرياضية، وفي الصدر منها الأولمبياد، ليست مجرد ساحة لجني الميداليات، بل قد تكون فيها الكثير من القصص الإنسانية، فوراء كل بطل عظيم قصة رائعة..

الناجي الوحيد بعد "انقراض البشر"!

لم يعد الحديث عن نهاية العالم مقصورًا على تنبؤات السينما العالمية، بل إن كورونا ألهبت خيال البشر أنفسهم ودفعتهم إلى توهم نهاية العالم..

قبل أن تصبح أحلامنا لوحات إعلانية!

ربما يستيقظ أحدنا في المستقبل القريب، من دون مرض أو علة، ولسان حاله يقول: أنا مش أنا ، أو قد يراه أقرب الأقربين له بأنه لم يعد ذلك الشخص الذى نعرفه.. دماغه تغيرت.. أحلامه تبدلت

صيام "هرمون السعادة"!

وصفوه بأنه هرمون السعادة ، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سببًا للشعور بها، لكنهم يصححون لنا هذا المفهوم اليوم، بأن دوره

أنف وثلاث عيون!

هناك قصة شهيرة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس تحمل هذا العنوان، لكننا هنا نتقاطع مع عنوانها في الاسم فقط، فعيون إحسان عبدالقدوس كن ثلاث نساء تقلب بينهن

أول فندق في الفضاء!

ربما يصبح حلم السفر في المستقبل في رحلات سياحية، بالطبع لدى فصيل من أثرياء العالم، ليس إلى شواطئ بالي أو جزر المالديف أو البندقية، بل إلى الفضاء.. نعم إلى الفضاء، هذا الحلم سيضحى حقيقة فى عام 2027!

الجلد الإلكتروني!

يبدو أن عالم تكنولوجيا المستقبل ستحكمه "الشرائح"، لكن شتان بين مخاوف من شريحة زعم معارضو لقاحات كورونا بأنها ستحتوي على شريحة لمراقبة وتوجيه كل أفعالك،

..واقتربت نهاية كورونا!

لم يحظ لقاح من قبل بجدل مثلما حظي لقاح كورونا، لأسباب كثيرة، أولها السرعة التي تم بها التوصل إليه، على عكس لقاحات لأمراض أخرى، ربما مضى على تفشيها مئات

يوم بدون محمول!

هل فكرت يوما التوجه إلى عملك من دون هاتفك المحمول؟ قد يفكر في ذلك من أنفق عمرًا في زمن الهاتف الأرضي، لكن من نشأوا في زمن المحمول سيرون الفكرة ضربًا من

أيهما الأكثر طرافة .. الرجال أم النساء؟!

على مدى التاريخ تحفل حياة الأمم بسير الظرفاء، وتتسع هذه المساحة لتشمل أشخاصًا خلدهم التاريخ، إما لفرط سذاجتهم كأمثال جحا، أو لكثرة دعاباتهم وكتاباتهم و"قفشاتهم"

إلا المخ يا مولاي!

رغم أن المخ كان ولا يزال لغزًا يحير العلماء، فإن الدراسات ما زالت تتوالى لفهم هذا العضو الرئيسي في الجهاز العصبي لدى الإنسان، والذي يتحكم في جميع الأنشطة

عبيد مايكروسوفت!!

في عام 1995 نُشرت رواية بعنوان "عبيد مايكروسوفت" تشبه تمامًا رواية جورج أوريل 1984، غير أن الأخيرة ذات أبعاد سياسية، أما الأولى فهي ذات أبعاد تكنولوجية،

الأكثر قراءة