Close ad

عزيزي المُدخن.. طوِّل عمرك 11 دقيقة!

23-2-2017 | 16:56

"وما الدنيا إلا مسرح كبير".. قالها الفنان يوسف وهبى منذ زمن طويل، وهي مقولة ربما يقبلها الكثيرون في عالم الفن، حيث لاضير إن كانت هناك نصوص سابقة التجهيز ترددها شخوص المسرح، لكنها تصبح عبثًا حين تحكم المصالح بين الدول، خاصة الكبرى منها، التي ترى في دول العالم، خاصة النامي منه، أو بالأحرى "النايم" مجرد "عرائس ماريونيت" تحركها وفق مصالحها كيف تشاء.

ويصبح الأمر جد خطير، حين يكون العبث في صحة الناس فصلا من فصول هذا المسرح، والأكثر خطورة أن يتحول علماء ومؤسسات علمية لـ"عرائس ماريونيت" تحركها تكتلات وشركات دولية، والأمثلة كثيرة علي ذلك، وربما لايفطن إليها الغالبية العظمى منا؛ خذ مثلا، حين تجد دراسات علمية تحذرك من الإفراط في شرب القهوة أو الشاي لمضار صحية محتملة أو مؤكدة، وسرعان ماتجد دراسات أخرى تربط بين سلامة البدن وبين تناول عدة أكواب من القهوة أو الشاي يوميًا، وكذلك الحال في تناول أطعمة بعينها.. فكلها تمثل صراعات بين مراكز بحث محايدة تُصدر تقارير علمية موثقة، في مواجهة مراكز بحثية تمولها شركات دولية نافذة، لكنها تستعين بباحثين يمكنهم نفي الاتهامات الموجهة لمنتجاتهم بأدلة "علمية" أيضًا.. والضحية هو المستهلك!

وإذا كان محركو هذه العرائس شركات التبغ القاتل، هنا تكمن المصيبة.. فهي شركات لها باع طويلة في أدوار البطولة بمسرحيات اللعب بالدمى، تعود بداياته لأواخر الستينيات عندما بدأ الجدل يُثار حول أضرار التدخين السلبي، ولم يُكشف الستار إلا مؤخرًا عن محركي العرائس الذين كانوا يختبئون خلف الستار.

هذا الظلام بدأ ينكشف تدريجيًا عندما قررت ولاية مينوسوتا الأمريكية وضع أكثر من 30 مليون صفحة من الوثائق السرية الداخلية لشركات التبغ علنًا على شبكة الإنترنت، ضمن شروط التسوية للقضية التي رفعتها الولاية على هذه الشركات لاستهدافها المراهقين وإخفائها أضرار إدمان النيكوتين.

باختصار، بطل هذه القصة الإنجليزي فيليب موريس، وصاحب إحدى كبرى شركات التبغ بالولايات المتحدة، حين قرر عام 1970 استغلال مراكز بحثية خارجية تحذر من أي تقدم علمي يكشف مخاطر التدخين!!

وهكذا ارتدت "تجارة الموت" قناع العلم، حين اشترى معهد بحوث الصناعة والبيولوجيا في كولونيا بألمانيا، وحصر دوره في تسليط الضوء على مسببات أخرى للأمراض التي يسببها التدخين.

ومن أهم أبطال المسرحية العالم السويدي راجنر ريلاندر الذي كان يتركز دوره حول قضية التدخين السلبي، والعمل على ألا يُمنع التدخين في كل الأماكن التي يتواجد بها غير المدخنين، والمصيبة أنه كان عضوًا باللجنة القومية السويدية لحماية البيئة!

ولم يقتصر دور ريلاندر على المقالات، بل كان يشارك في مؤتمرات تقوم على نفي فكرة خطورة التدخين السلبي، وخاصة تسببه في مرض السرطان، ومحاولة إثبات أن عوامل أخرى هي التي تسببه؛ مثل سوء التغذية وتربية العصافير في المنازل!!

وحتي لاننخدع دائما بالفائزين بجوائز نوبل، كان ضمن المتعاونين مع موريس، د. جيرالد ألديمان الحائز علي جائزة نوبل، و د. ريتشارد ليرنر رئيس مجلس إدارة مركز سكريبس للأبحاث؛ أحد أكثر المراكز البحثية مصداقية في أمريكا، وتقاضيا 700 ألف دولار على مدى 10 أعوام من موريس!

أعود بك إلى عنوان المقال، مؤكدًا أنه ليس من نسج الخيال، بل مبني على حقائق علمية، فكل سيجارة تقتطع من عمرك 11 دقيقة.

هذه النتيجة انتهى إليها أحد كبار خبراء مرض السرطان، الدكتور ريتشارد دول، على رأس فريق علمي بجامعة بريستول بإنجلترا، حيث تقل أعمار المدخنين بنحو 6 أعوام ونصف عن غير المدخنين، وافترض لو أن شابًا عمره 17 عامًا بدأ التدخين في بريطانيا، حيث يبلغ متوسط العمر 77 عامًا ونصف، واستهلك متوسط كمية السجائر التي يستهلكها المدخنون وهي 5 آلاف و72 سيجارة في العام، فإنه لن يقدر له أن يعيش أكثر من 71 عامًا، بعد أن يكون قد استهلك311 ألفًا و 688 سيجارة، تكلفة كل منها 11 دقيقة من عمره.

المشكلة أن معظم الحوارات التي قد نجريها مع أصدقائنا المدخنين لحثهم على اتخاذ قرار الإقلاع عن التدخين غالبًا محكوم عليها بالفشل، لكن لابأس من تذكيرهم بأن السيجارة الواحدة تحمل مع كل نفس منها مايزيد على 400 مادة سمية، و43 مادة مُسببة للسرطان، وأن هناك علاقة وثيقة بين التدخين ونحو 27 مرضًا، أهمها السدة الرئوية المزمنة، وأمراض القلب وسرطان الرئة.

وما يؤسف له أننا ـ ولا فخر ـ من أكثر الشعرب استهلاكًا للتبغ "17 مليار سيجارة سنويا و45 طن معسل"، ينفث دخانها إلى الصدور، وفي الهواء ‏13‏ مليون مدخن‏، أما عن فاتورة علاج الأمراض المرتبطة بالتدخين، فكانت تتجاوز سنويا 5 مليارات جنيه، واليوم بعد "إغراق" الجنيه من المؤكد أنها تتجاوز 10 مليارات..

ولمن يظنون أن الشيشة أخف ضررًا من السيجارة، لستم على صواب، ومن يستهن بالأمر بأنه لا يدخن، لكنه يأخذ "نفسًا من الشيشة يوميًا"، فإن "نفس" الشيشة الواحد يعادل 9 سجائر!

نصيحة لكل مُدخن، آن الأوان لكي تتخذ قرارًا فوريًا بالإقلاع عن التدخين نهائيًا، ولا تربطه بمناسبة معينة أو تاريخًا محددًا، فوفقًا للإحصائيات 95% ممن يتبعون هذه الطريقة يعودون مرة أخرى للتدخين.. وتأكد أن التوقف عن التدخين في أي مرحلة من العمر يُخفض بصورة كبيرة مخاطر الأمراض المرتبطة به، والتي تؤدي مجتمعة إلى قتل مُدخن كل 9 ثوان.

فهل تفعلها صديقي المُدخن وتُقلع عنه، وترّيح صدرك وصدورنا جميعًا، أم تبقى على عنادك، ولن تفيق إلا على وعكة صحية، ربما تحتم عليك تبديل شرايينك، وساعتها لن ينفعك الندم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قصص إنسانية من الأولمبياد

البطولات الرياضية، وفي الصدر منها الأولمبياد، ليست مجرد ساحة لجني الميداليات، بل قد تكون فيها الكثير من القصص الإنسانية، فوراء كل بطل عظيم قصة رائعة..

الناجي الوحيد بعد "انقراض البشر"!

لم يعد الحديث عن نهاية العالم مقصورًا على تنبؤات السينما العالمية، بل إن كورونا ألهبت خيال البشر أنفسهم ودفعتهم إلى توهم نهاية العالم..

قبل أن تصبح أحلامنا لوحات إعلانية!

ربما يستيقظ أحدنا في المستقبل القريب، من دون مرض أو علة، ولسان حاله يقول: أنا مش أنا ، أو قد يراه أقرب الأقربين له بأنه لم يعد ذلك الشخص الذى نعرفه.. دماغه تغيرت.. أحلامه تبدلت

صيام "هرمون السعادة"!

وصفوه بأنه هرمون السعادة ، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سببًا للشعور بها، لكنهم يصححون لنا هذا المفهوم اليوم، بأن دوره

أنف وثلاث عيون!

هناك قصة شهيرة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس تحمل هذا العنوان، لكننا هنا نتقاطع مع عنوانها في الاسم فقط، فعيون إحسان عبدالقدوس كن ثلاث نساء تقلب بينهن

أول فندق في الفضاء!

ربما يصبح حلم السفر في المستقبل في رحلات سياحية، بالطبع لدى فصيل من أثرياء العالم، ليس إلى شواطئ بالي أو جزر المالديف أو البندقية، بل إلى الفضاء.. نعم إلى الفضاء، هذا الحلم سيضحى حقيقة فى عام 2027!

الجلد الإلكتروني!

يبدو أن عالم تكنولوجيا المستقبل ستحكمه "الشرائح"، لكن شتان بين مخاوف من شريحة زعم معارضو لقاحات كورونا بأنها ستحتوي على شريحة لمراقبة وتوجيه كل أفعالك،

..واقتربت نهاية كورونا!

لم يحظ لقاح من قبل بجدل مثلما حظي لقاح كورونا، لأسباب كثيرة، أولها السرعة التي تم بها التوصل إليه، على عكس لقاحات لأمراض أخرى، ربما مضى على تفشيها مئات

يوم بدون محمول!

هل فكرت يوما التوجه إلى عملك من دون هاتفك المحمول؟ قد يفكر في ذلك من أنفق عمرًا في زمن الهاتف الأرضي، لكن من نشأوا في زمن المحمول سيرون الفكرة ضربًا من

أيهما الأكثر طرافة .. الرجال أم النساء؟!

على مدى التاريخ تحفل حياة الأمم بسير الظرفاء، وتتسع هذه المساحة لتشمل أشخاصًا خلدهم التاريخ، إما لفرط سذاجتهم كأمثال جحا، أو لكثرة دعاباتهم وكتاباتهم و"قفشاتهم"

إلا المخ يا مولاي!

رغم أن المخ كان ولا يزال لغزًا يحير العلماء، فإن الدراسات ما زالت تتوالى لفهم هذا العضو الرئيسي في الجهاز العصبي لدى الإنسان، والذي يتحكم في جميع الأنشطة

عبيد مايكروسوفت!!

في عام 1995 نُشرت رواية بعنوان "عبيد مايكروسوفت" تشبه تمامًا رواية جورج أوريل 1984، غير أن الأخيرة ذات أبعاد سياسية، أما الأولى فهي ذات أبعاد تكنولوجية،