منذ أن أعلنت إدارة مهرجان أسوان لسينما المرأة عن تكريم النجمة نجلاء فتحي، وكثيرون - ومنهم أنا - تمنوا أن تكون ظروفها الصحية، وظروف زوجها الإعلامي الكبير حمدي قنديل مهيأة لحضور مهرجان وليد متخصص في سينما المرأة، خاصة أن نجلاء فتحي أسهمت بالكثير في هذا التخصص.
فإن قمنا بتحليل ما قدمته من أفلام وتجاوز الـ70 فيلمًا، بداية من "الأصدقاء الثلاثة" عام 1966، ومرورًا بأولى التجارب القوية في "الشيطان امرأة" مع محمود ياسين عام 1972، وحتى آخر أفلامها "كونشرتو في درب سعادة" مع صلاح السعدني عام 1998 سنكتشف أنها كانت حريصة على اختيار ما يعزز مكانة المرأة في المجتمع.
ومن ثم كان ترشيحها للتكريم في أول دورة، وفي مهرجان ترأسه شرفيًا نجمة لها مكانتها، وهى إلهام شاهين، ومعها السيناريست محمد عبدالخالق رئيسًا وحسن أبوالعلا مديرًا له مبرراته.
نجلاء فتحي لم تسع يومًا لأن تصبح ممثلة بالبهرجة، أو أن تسعى لشباك تذاكر، بل عرفت طريقها إلى سينما بمواصفات خاصة، برزت بقوة في أعمال "إسكندرية ليه"، ثم دمي ودموعي، و"غدًا سأنتقم"، و"عفوًا أيها القانون"، و"لعدم كفاية الأدلة"، و"سعد اليتيم"، و"مدافن مفروشة للإيجار"، ومرورًا بـ"امرأة مطلقة" و"هند وكامليا" و"سوبر ماركت"، و"ديسكو ديسكو"، ثم أحد أفضل أفلامها الإنسانية مع المخرج الراحل علاء كريم فيلم "الجراج"، الذي شرفت بحضور تصويره بأحد جراجات حي الزمالك، وكنت أتابعها وهي تتعامل مع أبنائها وزوجها سيد زيان - رحمه الله - ثم فاروق الفيشاوي في شخصية الأخرس.
وفي رأيي أن اعتذارها عن التكريم يجب ألا يضع إدارة المهرجان في موقف محرج، فللظروف التي قالتها في تصريحاتها يجب أن يكون اعتذارها فقط عن الحضور، لا عن التكريم، حتى وإن تسلمت ابنتها درع التكريم، فما قالته نجلاء فتحي يعبر عن أنها لم تتغير.
إن نجلاء فتحي الإنسانة التي عرفناها في السينما هي نفسها تلك الإنسانة التي تحتوى أسرتها، وتفضلها عن أن تظهر على مسرح مهرجان سينمائي وتلتقط لها الصور، وتصبح حديث وسائل الإعلام، تقول هي عن مرض زوجها الإعلامي الكبير حمدي قنديل - شفاه الله - "لا يمكن أن أتركه وأذهب للتكريم، حتى ولو لليلة واحدة، فلدىّ دور أهتم به كثيرًا، ولا يمكن أن أغفله وهو دور الزوجة، والذي لا يضاهيه أي شعور بالتكريم، فقد أديت واجبي كفنانة، وواجبي كأم، ويبقى أن أقوم بدوري كزوجة على أكمل وجه، وكان لزامًا عليّ الاعتذار".
مهرجان أسوان لأفلام المرأة الذي ينطلق في 20 فبراير الحالي، وتستمر حتى 26 فبراير، يعد الحدث الأول سينمائيا في عام 2017، ويضم مسابقة للفيلم الطويل بها 13 فيلمًا تمثل 13 دولة، ومسابقة الفيلم القصير بها 18 فيلمًا تمثل 12 دولة.. تركز في معظمها على قضايا المرأة التي تحتاج إلى مثل هذه النوعية من المهرجانات المتخصصة، ويصدر كتابًا جديدًا للناقد الكبير سمير فريد، ضمن مطبوعاته، وهو "قاموس المخرجات في السينما العربية كتكريم للناقد الكبير الذي يكرمه مهرجان برلين حاليًا.. كلها أفلام وبرامج تضيف به كمهرجان إلى قوائم مهرجاناتنا السينمائية.
ولكن تبقى نقطة مهمة، وهي الدعم حتى لا يتحول إلى تظاهرة تدار لحساب أشخاص بعينهم، ويصبح كمهرجان سينما الطفل مهددًا بالتوقف بسبب تخلي وزارة الثقافة عنه!