هل يتحول رئيس تركيا الثاني عشر الذي تم انتخابه للمرة الأولى عام 2014م إلى ديكتاتور بعد الإصلاحات الدستورية، وتحويل النظام في البلاد من رئاسي إلى برلماني، أم أن تركيا الجديدة - كما صرح في عدة لقاءات - تحتاج إلى دستور جديد بعد التحول الاقتصادي والسياسي فى البلاد؟
فمن المعروف أن دستور تركيا الحالي وضع عام 1982م بعد انقلاب 1980م الذي منح قائد الانقلاب (كنعان أفريم) صلاحيات واسعة.
وفكرة تحويل النظام في تركيا من رئاسي إلى برلماني لم يكن حزب العدالة والتنمية السباق في هذا الموضوع، ولكن سبقهم في ذلك الرئيس الثامن ورغوت أوزال مؤسس حزب الوطن الأم عام 1982م الذي تميز الاقتصاد التركي خلال فترة رئاسته بالخصخصة، وكذلك نجم الدين أربكان رئيس حزب الرفاه، ورئيس الوزراء السابق، وسليمان دميرال رئيس تركيا التاسع، لكن الظروف في تلك الفترة لم تساعدهم على طرح هذا التعديل.
وكان للتوافق الذي حصل بين أحزاب المعارضة وحزب العدالة والتنمية الحاكم بعد الانقلاب الفاشل في شهر يوليو الماضي، الذي اتهم فيه أتباع المرشد الديني فتح الله جولن أحد الحلفاء السابقين للرئيس، والمقيم في ولاية بنسيلفانيا الأمريكية بدور بارز في تعجيل طرح التعديل الدستوري، الذى تتضمن 18 مادة، والتي تم التصويت عليها على 3 مراحل كان من أهمها زيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600 نائب، وخفض سن الترشح للبرلمان من 25 إلى 18 عامًا وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يوم واحد كل خمس سنوات، وإلغاء منصب رئاسة الوزراء،
وإلغاء العمل بالمحاكم العسكرية، باستثناء وقت الحرب، ومع إمكان فتح تحقيق مع رئيس الجمهورية من خلال تصويت سري.
وبحكم أن المقترح لم يحصل على موافقة 367 نائبًا (ثلثي الأعضاء) أو أكثر؛ حتى يكون نافذًا بعد مصادقة رئيس الجمهورية، فإنة حصل على 339 صوتًا، وبالتالي يتم عرضه على الاستفتاء بعد مصادقة الرئيس خلال 60 يومًا.
ولذا فإن التوافق الذي حصل بين الأحزاب المعارضة والحزب الحاكم - وخصوصًا حزب (العدالة والتنمية والحركة القومية) - كان على أغلب المواد، لكن جاء الاختلاف على صلاحيات رئيس الجمهورية الذي تصفه المعارضة، وخصوصًا حزب (الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد) بالديكتاتوري الذي ينص التعديل الدستوري على نقل السلطة التنفيذية من رئيس الحكومة إلى رئيس الدولة وسيكون مخولاً بتعيين نوابه والوزراء وكبار الموظفين العموميين وإقالتهم، وسوف يتم الغاء منصب رئيس الوزراء للمرة الأولى منذ تأسيس الجمهورية التركية عام 1923م.
ولكن مؤيدي النظام مقتنعين أن هذا التحول ضمان للاستقرار في البلاد ومنع الازدواجية في الصلاحيات بين السلطتين.
وأردوغان المتواجد في السلطة منذ عام 1994م إلى يومنا الحالي من عمدة اسطنبول، ورئيس للوزاء، والجمهورية، فإنه سوف يستطيع البقاء فى السلطة بعد الإصلاحات الدستورية إلى عام 2029م.
فالمتابع للشأن التركي يعلم أن الحزب الحاكم سوف يدعو إلى انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة بعد طرح التعديلات للاستفتاء، والموافقة عليها من قبل الشعب، ولن ينتظر إلى 2019م لكي يستفيد من الإصلاحات الدستورية التي تعزز صلاحيات الرئيس.
كاتب المقال:
خبير العلاقات الدولية
[email protected]