Close ad

ميلاده .. يتجدد مع كل معاملة وعبادة

11-12-2016 | 14:32
ليس ميلاد محمد –صلي الله عليه وسلم- ميلاد ذكرى مرت وعبرت وطافت، ثم طارت من على شجرة الذاكرة بمجرد انتها ء تذكر اليوم، ثم تدخل الذكرى وتنكمش في طي الليل والنهار وتختنق في زحمة الأيام، بزحام أوقات السنة بتزاحم في عيون الأفق، برغم الاستعانة بعدسة مكبرة لكل المدار، بل ميلاده "صلى الله عليه وسلم" ميلاد دائم، ميلاد يتجدد وعظة واعتبار ودروس مستفادة، وحاضرة بقوة في كل سكنة وحركة وسكتة كحالة تعبدية، بل وفي كل لمحة معاملة موجودة بالمعايشة اليومية.

محمد "صلى الله عليه وسلم" هو الإنسان الكامل.. المجتبى والمصطفى والمختار، وليس منذ ولادته فحسب، بل قبل الولادة، فكان من خيار قريش نسبًا ومن خيار بني هاشم رفعة وكانت –النبوة والرسالة وكنه الرسولية معها – أطر اختيار المشيئة الإلهية - نستطيع أن نقول: إن ميلاده هو ميلاد جديد لأمة، بل للعالمين- الإنس والجن - فكان صاحب الميلاد صاحب الدور الذي غير ويغير من ظلمة إلى نور، ومن ظلم إلى عدل، ومن شرك إلى إيمان، ومن كفر إلى صحة اعتقاد بيقين، ومن –سوسيولوجيا- زائغة المحتوى بالضلال إلى التغييربالحق المبين، ومن الفكر المعيل و- المعول - على الكفر وإفك التقليد.

وميلاده – صلي الله عليه وسلم - كان إيذانًا بمبعث دين يدعو إلى استقلالية عقيدة –توحيدية- توضح معالم الطريق المستقيم السوي ليبقى سالكه غير مكب فيه، بل يعتدل وقوفًا عقليًا واستواءً تعبديًا وانخراطًا صحيحًا سلوكيًا..هو دعوة تبدأ كثورة تغيير بثروة فكرية -صحوة- ضد العقائد والأديان الضالة والمنحرفة التي كانت تحوطها وتحاصرها أفكار منقوصة ومغلوطة، وأنها ثورة إيمانية يفجرها محمد "صلى الله عليه وسلم" ضد كل فكرة مشوهة، فكانت شوهاء شائنة معيبة، خاصة لمن اتبعوها، وأصبح معتقدوها هم تابعين بالعقول الخاضعة لكل إملاءات، وتحول هؤلاء المنحرفون هم معتنقوها بآليات الشرك والوثنية والكفر؛ فكانت هلاوس عقائدية لا تغني ولاتسمن لتغذية الروح ولا تستطيع أن تجيب عن أسئلة حائرة طاشت بعبدة التبعية، فكانوا عبيدًا وارتموا في حضن الارتكاز الوهمي، وباتوا أضل سبيلا وأسوأ غواة، يتبعون كهنة فجرة وشياطين مردة، فانقلبوا إلى مجتمعات سادها الغشم، فبدد الأخلاق، وهاجم الضمائر فمحاها، وحاصر النور بتكثيف الظلام فأغطش ليلها، وغطى شمس ضحاها، واختصر الإظلام باختزال رهيب فانطفأت كل المصابيح إلا المصباح المضيء والسراج المنير محمد –عليه الصلاة والسلام- الرسول الخاتم.

الميلاد النبوي هو في تتالي تطورات أطواره أضحى ثورة على كل هذا أو انتفاضة كبرى من أجل الانتصار لعقيدة التوحيد، فهد جسور الشرك، ودك قلاع الوثنية، وهدم مصنع صلب الكفر؛ فكان يقظة وصحوة للعقل، ونهضة وانطلاقة وضمانة للتغيير والتبديل والتحويل والتحوير والتحرير إلى الصالح الصحيح، وإلي سلامة الفطرة السليمة، وإلي مراد الله لعباده أن (يعبدوه ولايشركوا به شيئا) فكان الميلاد لنبي آخر الزمان بالختام للرسالات وكانت البداية مع ابتداء المشوار غسل العقائد القذرة الموجودة في بنوك الكفرة الفجرة.

ميلاد النبي محمد "صلي الله عليه وسلم" ليس بمناسبة احتفائية، ثم ينفض المولد، وليس بذكرى احتفالية، ثم ينسحب المدعوون كل يمضي إلى منصرفه دون استئذان؛ بل ميلاد يتجدد معنا يوميًا في الصلوات الخمس المفروضة، والنوافل المستحبة، والسنن المؤكدة.

ميلاد يتجدد معنا ويقودنا إلى مجابهة كل الشرور، ومواجهة كل السلبيات، وهو ميلاد يعطي الأمة الثقة في نفسها؛ فتغير من نفسها وتواجه كل عالق في طريقها، منها مؤامرات في الخفاء والعلن، أو كمؤامرات واجهها "صلى الله عليه وسلم"، خاصة من يهود الماضي – الذين يتعاطى ويتقابل معهم- صهاينة اليوم والأمس قبله والغد بعده.

ميلاده "صلى الله عليه وسلم" دروس وعبر نستلهم منها المدد والتواصل، خاصة نحن نعلم أن الزمن عبر والأيام دول؛ فلنأخذ من ميلاد الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم" معالم يومية على طريق ممشانا في الحاضر وإلى المستقبل، فميلاده لا ينطفئ نور فجره، وكذلك صباح لن تغيب شمسه، وسراج لن يتوقف وهجه صلى الله تعالى عليه وسلم.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
أزمة الفكر والتفكير في المجتمع المصري

حالة الفكر والتفكير في المجتمع المصري، بين المثقفين والمتعلمين، وبين مستوى ثقافي قليل ومستوى تعليمي متواضع.. بين العامة والعامة، بين الدهماء والديماجوج،

65 عامًا على نبض قلب سليم بدقات يوليو

ثورة 23 يوليو عام 1952، لم تكن حدثًا عابرًا تمر به مصر مرور الكرام، بل وقفت عنده والعالم كله معها، وقوف انبهار باللحظة وتشوف الحالة، ولا هي مجرد ليلة مقمرة

والدليل السقوط في "الشفهي"

تجنيب المجتمع وإبعاده عن المتنازع عليه والمتشابك فيه من قضايا لم تكتمل فيها الرؤي ولاتزال محل جدل وفي دورة نقاش لم تكتمل بعد وفيها أخذ ورد ورفض وقبول واتصال وانقطاع وتوافق..