Close ad

عفوًا.. إنه زمن الصُحف الإلكترونية!

1-12-2016 | 19:16
تواجه الصحف المطبوعة اليوم صراع البقاء على قيد الحياة، في مواجهة الصحافة الإلكترونية، فقد توقع فيليب ميير، في كتابه "نهاية الصحيفة" "أن يشهد عام 2043 نهاية آخر صحيفة ورقية في أمريكا، عندما يقذف بها أحد القراء جانبًا بعد أن تكون قد أنهكته قراؤتها".

كانت أسوأ الاحتمالات تقول إن نهاية الصحافة الورقية ستكون عام 2020، بينما توقع إمبراطور الصحافة مردوخ أن تكون النهاية عام 2022، وفى أغسطس 2011 توقع عالم المستقبليات داوسن "أن يشهد عام 2022 موت الصحافة المطبوعة"، لافتًا إلى أّن "المستقبل سيكون لأجهزة الكمبيوتر والـ"آيباد"؛ لأن ذلك هو البديل للصحافة المطبوعة؛ بسبب طبيعة المنافسة، وتغير أذواق القراء.

فهل يكتب الإعلام الرقمي بالفعل شهادة وفاة الصحافة المكتوبة؟ وهل آن أوان رحيل الإعلام الورقي؟ فما الذي يدفع القارئ إلى شراء صحيفة يمكنه قراؤتها قبل صدورها مطبوعة؟

وما الذي يجعل المعلن يستمر في الإعلان في مطبوعة ورقية يتراجع توزيعها؟ وهل سيتراجع الإعلام الورقي في منطقتنا العربية بوتيرة تراجعه نفسها في بلدان أمريكا وأوروبا؟.. أسئلة باتت مطروحة بقوة على الساحة الإعلامية اليوم.

ففي العام الماضي فقط، توقفت أكثر من 100 صحيفة ومجلة كبرى من مختلف دول العالم عن طبع نسختها الورقية، وأغلبها تحول لنسخة إلكترونية، أو دخلت في اندماجات، أو اكتفت بنسخة أسبوعية فقط، أو بدأت فى تفتيت يوميتها لمجلات صغيرة متخصصة.

بشكل عام، هذا ما حدث فى إسبانيا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة، والعديد من دول أمريكا اللاتينية، برغم وجود تجارب ناجحة لديهم، فقد توارت عن الأنظار أي نسخ ورقية لمطبوعات كانت ملء سمع وبصر الملايين عبر العالم، منها مجلة "نيوزويك" الأمريكية، و"الإندبندنت" البريطانية، و"الجارديان" على الطريق وغيرها المئات، وربما وأنت تطالع هذا الكلام تكون صحفًا أخرى ومجلات حول العالم قد اتخذت قرارها بالتحول إلى نسخ رقمية عبر الشبكة العنكبوتية.

وربما دنا أكثر مما نتصور ذلك اليوم الذي يختفي فيه باعة الجرائد من الأرصفة والإشارات، وتُخلى فيه "ستاندات" الجرائد والمجلات في المكتبات مكانها للفراغ.

وسيصبح عما قريب طقس شرب القهوة الصباحية مع تصفح الجريدة من حكايات التراث.

تبدو الصحافة العربية مأخوذة بالمفاجأة من سرعة قدوم التحول، ولذلك، يغلب أن تكون المواقع الإلكترونية المرتجلة بدلًا من النسخ المطبوعة غير مهيأة بعد لإنتاج محتوى مشابه للأداء السابق، من حيث النوعية والشمول والجاذبية.

ولا تزال لدينا أجيال لم تستطع التصالح بعد مع التقنيات الرقمية، وهذا ما تُراهن عليه من طول البقاء لصحافتنا الورقية، لكن لا ينبغي الركون إلى هذا المعتقد وتناسى أن بساط قُراء الصحف الورقية ينسحب بسرعة "الفيمتوثانية" من ذاكرة التوزيع، فالقارئ الذي يتابع يوميًا عشرات التقارير الإخبارية على الشبكة العنكبوتية والقنوات التليفزيونية، هل من المنطقي أن يدفع من أمواله على محتوى رأه من قبل، ومجانًا، وبصور أكثر تنوعًا وجذبًا؟

بيد أنه، وإن كانت الصحف الورقية مهددة بالاندثار ـ وهذا واقع قادم لا محالة ـ فهذا لا يعني التسليم به بسهولة ورفع راية الانزواء والتحول الرقمي دون محاولة البحث عن مخرج يضمن لها طول البقاء حتى ولو في غرفة الإنعاش عقدين من الزمن، وهذا يتطلب طفرة في السياسات التحريرية والإخراجية والمعلوماتية، يصاحبها خلق أنماط جديدة جذابة، مع ربط الإعلانات الورقية بالديجتال، وربط اشتراكات نسخ المطبوع بالديجتال كما فعلت "الواشنطن بوست"، ما جعلها تثبت مستويات توزيعها لثلاث سنوات متتالية.

وكما ظهرت الصحافة الورقية في أوروبا في القرن السابع عشر، ووصلتنا نحن العرب في القرن التاسع عشر، فإن النهاية ستكون أولًا فى أوروبا، وربما صمدت عندنا بعض الوقت لأسباب لها علاقة بوظيفة الصحافة الورقية وأنماط الملكية وارتباط الحكومات والأنظمة العربية بالصحيفة الورقية واعتبارها المتحدث الرسمي باسمها والأداة التى توثق بها قراراتها وتوجهاتها، فضلًا عن كونها مستندًا يُعتد به أمام المحاكم، بل ووسيلة لاتكتمل بدونها أي مناقصات حكومية أو تعيينات رسمية!

وختامًا، برغم عشقي أنا وغيري من آلاف الصحفيين للصحيفة الورقية ولاتكاد تغادر رائحة أوراقها أنوفنا، علينا أن نقر ونعترف، من دون أى ضغط أو إكراه، أن الصحافة الإلكترونية تشغل حيزًا كبيرًا من "صحافة الحاضر" وكل المستقبل.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قصص إنسانية من الأولمبياد

البطولات الرياضية، وفي الصدر منها الأولمبياد، ليست مجرد ساحة لجني الميداليات، بل قد تكون فيها الكثير من القصص الإنسانية، فوراء كل بطل عظيم قصة رائعة..

الناجي الوحيد بعد "انقراض البشر"!

لم يعد الحديث عن نهاية العالم مقصورًا على تنبؤات السينما العالمية، بل إن كورونا ألهبت خيال البشر أنفسهم ودفعتهم إلى توهم نهاية العالم..

قبل أن تصبح أحلامنا لوحات إعلانية!

ربما يستيقظ أحدنا في المستقبل القريب، من دون مرض أو علة، ولسان حاله يقول: أنا مش أنا ، أو قد يراه أقرب الأقربين له بأنه لم يعد ذلك الشخص الذى نعرفه.. دماغه تغيرت.. أحلامه تبدلت

صيام "هرمون السعادة"!

وصفوه بأنه هرمون السعادة ، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سببًا للشعور بها، لكنهم يصححون لنا هذا المفهوم اليوم، بأن دوره

أنف وثلاث عيون!

هناك قصة شهيرة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس تحمل هذا العنوان، لكننا هنا نتقاطع مع عنوانها في الاسم فقط، فعيون إحسان عبدالقدوس كن ثلاث نساء تقلب بينهن

أول فندق في الفضاء!

ربما يصبح حلم السفر في المستقبل في رحلات سياحية، بالطبع لدى فصيل من أثرياء العالم، ليس إلى شواطئ بالي أو جزر المالديف أو البندقية، بل إلى الفضاء.. نعم إلى الفضاء، هذا الحلم سيضحى حقيقة فى عام 2027!

الجلد الإلكتروني!

يبدو أن عالم تكنولوجيا المستقبل ستحكمه "الشرائح"، لكن شتان بين مخاوف من شريحة زعم معارضو لقاحات كورونا بأنها ستحتوي على شريحة لمراقبة وتوجيه كل أفعالك،

..واقتربت نهاية كورونا!

لم يحظ لقاح من قبل بجدل مثلما حظي لقاح كورونا، لأسباب كثيرة، أولها السرعة التي تم بها التوصل إليه، على عكس لقاحات لأمراض أخرى، ربما مضى على تفشيها مئات

يوم بدون محمول!

هل فكرت يوما التوجه إلى عملك من دون هاتفك المحمول؟ قد يفكر في ذلك من أنفق عمرًا في زمن الهاتف الأرضي، لكن من نشأوا في زمن المحمول سيرون الفكرة ضربًا من

أيهما الأكثر طرافة .. الرجال أم النساء؟!

على مدى التاريخ تحفل حياة الأمم بسير الظرفاء، وتتسع هذه المساحة لتشمل أشخاصًا خلدهم التاريخ، إما لفرط سذاجتهم كأمثال جحا، أو لكثرة دعاباتهم وكتاباتهم و"قفشاتهم"

إلا المخ يا مولاي!

رغم أن المخ كان ولا يزال لغزًا يحير العلماء، فإن الدراسات ما زالت تتوالى لفهم هذا العضو الرئيسي في الجهاز العصبي لدى الإنسان، والذي يتحكم في جميع الأنشطة

عبيد مايكروسوفت!!

في عام 1995 نُشرت رواية بعنوان "عبيد مايكروسوفت" تشبه تمامًا رواية جورج أوريل 1984، غير أن الأخيرة ذات أبعاد سياسية، أما الأولى فهي ذات أبعاد تكنولوجية،