Close ad

ُكُتاب يبحثون عن الجوائز من "بوابة التطبيع"

28-7-2016 | 16:18
صدر مؤخرًا عدد من العناوين التي أظنها ستكون سببًا في جعل الأجيال القادمة تؤمن بالتطبيع مع العدو الإسرائيلي، وكذلك لم تنل إعجاب النقاد أدبيًا، وتساءلوا "ماذا حل للأدب العربي؟"، ومن هؤلاء النقاد محمود الغيطاني صاحب اللسان الحارق.

أحدث تلك الأعمال عمل الكاتبة التونسية الشابة ‏خولة حمدي‬، الذي لم يمر شهر على صدوره، واللافت للانتباه أن بعض تلك الأعمال انضمت لقائمة الأكثر مبيعًا هذا الشهر، وبعضهم طُبعت له طبعات حديثة، خاصة بعد الجوائز التي حصل عليها الكُتاب.‬‬

تلك ليست المرة الأولى التي يكتب فيها عربيا عمل، سَواء نصًا أدبيًا، أو عملًا فنيًا يتطرق إلى الشأنِ الإسرائيليِ، ولكن المعتاد أن يوضح العمل أن إسرائيل عدو قديم، أو أن يناقش اليهود كمواطنين مدنيين، ولا حاجة لذكر الأعمال البوليسية من "رجل المستحيل" لنبيل فاروق، أو الفيلم الذي اجتاح شباك التذاكر "ولاد العم"، وأعمال أخرى كثيرة نشأ جيلي عليها مؤكدة أن إسرائيل عدو يجب أن يُحارب بكل ما نملك من علم وعمل وقوة، وأذكر في مفارقة عمل المخرج أمير رمسيس"يهود مصر"، الذي لاقى وقت عرضه الكثير من الاستحسان؛ لأنه ناقش كيفية تهجير اليهود، معللًا استعطافه هذا بالكثير من الحكايات التاريخية من مصادرها الأصليين؛ مما جعل المتلقي يتعاطف مع المواطن المصري اليهودي العادي الذي عشق تراب هذه الأرض، ولم يكن أمامه بد سوى الهجرة بعد أن عانى الأمرين على يد من كانوا أمس جيرانه، أو ربان عمله، وليس التعاطف مع ساكن أرض الأعداء الذي يرفع سلاحه البارد كقلمه، أو ريشته، أو الساخن كبندقيته في وجه طفل فلسطيني ينتمي إلى نفسِ الأمة التي ينتمي إليها أطفال مصر.

كتب ‏ربعي المدهون‬ رواية "السيدة من تل أبيب" وهو الأديب الفلسطيني الذي يعيش بإنجلترا ويعمل صحفيًا هناك، ورفض ما اتهم به، مؤكدًا أنه بروايته تلك لم يكن يداعب "البوكر" التي حصدها في دورتها التاسعة عام 2010، ودارت أحداث الرواية حول بطليها "وليد دهمان" الفلسطيني، والإسرائيلية "دانا أهوفا" اللذين يتقابلان على متن الطائرة خلال عودتهم إلى الأراضي المحتلة وبيدأ الحوار، والتعارف، وربما الحب، تمامًا كالمغناطيس النقيضين ينجذبان بشدة، كذلك هناك "كونشرتو الهولوكوست والنكبة" للكاتب نفسه الذي يلعب فيها بطل روايته السابقة وليد دهمان دورًا في تتابع الأحداث، وتظنها جزءًا ثانيًا "للسيدة".‬‬

كذلك هناك رواية "أحببت يهودية" الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون للكاتب وليد أسامة خليل، والذي قال إنه تردد كثيرا خلال كتابة تلك الرواية؛ خشية ألا يدرك القارئ المغزى منها، ولهذا قدم لها قائلًا أو في تلك الحالة كاتبا :"أجدني محتارًا في أمرين، أن أجعلها نهاية تخصني، أو أجعلها تحمل في طياتها نهاية يطلبها القراء، ولكن ماذا سيستفيد القارئ لو كتب الكاتب نهاية تعجب الجميع، فمن يرغب بألم الحقيقة فليؤلفها بصدق"، كأنه بتلك الكلمات يزيح عنه وزرًا ما.

كما حملت رواية "في قلبي أنثى عبرية" بصمة قلم نسائي، فهي لخولة حمدي، وهي الرواية الأحدث التي تداعب الصهيونية بأنامل رقيقة، والتي تناقش مجتمع اليهود أصحاب الأصول العربية، وهذا المجتمع أحد المجتمعات المغلقة بـ"الضبة والمفتاح" في المجتمع العبري كمحاولة للحفاظ على الجذور العربية، وقالت الكاتبة إنها مستوحاة من قصة حقيقية، لغسل ما قد تواجهه أنثى اقتحمت عالم الأدب الذي كان ومازل بشكل أو بآخر يصعب الأمر كثيرًا على النساء، كأنها تقول "يا ناس، الأمر ليس بيدي، هذا ما يحدث فعلا".

أذكر أخيرًا أمرًا حدث معي خلال دراستي الابتدائية عندما تعرضت للتعنيف الشديد بعد أن قلت لمعلمة الفصل أن إسرائيل متقدمة أكثر منا، فردت عليَّ بكل عنف "هتبقي جاسوسة يا سارة"، لم تكن حروفي الصغيرة تقوى على التعبير عن مقصدي وقتها، وأظن أنها الآن فرصة جيدة، لا لم ولن أكون جاسوسة، ولكن إدراك قوة ومهارة الخصم والاعتراف بها هي أول خطوة في طريق القضاء عليه، ودراسة كيفية تمكين دولة حديثة العهد من التفوق - سواء في التعليم أو غيره- على دولة ذات حضارة قديمة بقدم أول ما خُط في كتب التاريخ، ودول عربية لا تقل حضارة عنها كذلك.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: