خلال الأيام الماضية، تم نشر صورة لسيدة نزلت إلى مياه البحر لتسبح بجلبابها وقد تم التركيز على خلفية الصورة للسخرية منها خاصة ومن مستواها الثقافى والاجتماعى عامة.. ولا أشعر بأى أسف وأنا أقرر هنا أن ما حدث من نشر للصورة، هو أمر يوصف بأنه منتهى قلة الأدب ويشكل جريمة هتك عرض لهذه المسكينة.
إني أتهم هذا الكائن الذي صورها بأنه مخلوق عديم الخلق والضمير وليس في تربيته أدنى أثر لاحترام أي شيء بل وليت هذا المقال يكون بلاغا لضمير الرأى العام وكل مسئول وكل من لديه نخوة أو شعور بالمسئولية لعقاب من فعلوها.
وكذلك أتهم كل من استباح من هم على شاكلته، نشر صورة السيدة مع تعليقات للتقليل من شأنها واحتقارها والازدراء ببيئها الشعبية ووسطها الاجتماعي ثم ما لبث الأمر أن صار احتقارا لأنفسنا كمصريين عندما رأوا في هذه الصورة أننا "أفسدنا" منتجعات السادة العراة على البحر من مارينا إلى شرم الشيخ.
فهل أدرك الساخرون أو المشيرون لصورة السيدة المسكينة، أنهم من أجل "لايك" أو "كومنت" أهانوا إنسانية واستباحوا شرف سيدة بسيطة ولو أبدت منظرا قبيحا دون أن تدري.
ليت الأمر كذلك، بل مارس مواطنون مصريون على موقع فيس بوك هوايتهم المفضلة باحتقار ذواتهم والشعور بالدونية الطبقية والثقافية وهم لا يشعرون.
فإن كنت حضرتك ترى نفسك من طبقة مميزة وتعيش في الـ"هاي لايف" حسب ما علموك وربوك في مدارس "أولاد الناس"، فإنى على يقين أنك تخفي عورة في أساس حياتك، هى في حقيقتها أشد وأنكى من العورة التى ركزت عليها بكاميرتك أو "تشييرك" على صفحتك وصفحات من قبلوا مشاركتك في هذا الفعل المشين الذي أهنت فيه كل امراة مصرية.
أما إذا كنت حضرتك من طبقة مثلنا من صميم الشعب، فأنت أهنت كل نساء أهلك في قريتك أو حيك الشعبي وأبديت عوراتهم أمام العالم ظنا منك أن مشاركتك في هذه الجريمة تنفي عار الانتساب إلى طبقة شعبية وأسرة فقيرة قطعت من خبزها كي تشترى لك كمبيوتر أو موبايل تنشر عوراتها من خلاله.
أين المجلس القومى للمرأة وأين المدافعين والمدافعات عن حقوقها وشرفها أمام هذا العبث؟!
هل لأن السيدة ذات الجلباب من وسط بسيط فقير لا تجد من يدافع عنها وعن كرامتها؟!
إن القبح الذي في الصورة هو قبح ضمائرنا وقلوبنا وعقولنا وليس قبح مشهد لامرأة سمينة زعموا أنها أفسدت شواطئ السادة العراة.
لقد أهنا في صورة هذه السيدة كل امرأة مصرية، فلننعم بإهانتنا لأنفسنا وشعورنا المغرق في الدونية بكل إصرار.