قال السفير المصري بأنقرة عبدالرحمن صلاح إن تركيا اختارت الانحياز لفصيل واحد في مصر وهو جماعة الإخوان المسلمين ومن يناصرها من الجماعات الأخرى.
وأضاف السفير، في مقابلة مع محطة "إن.تي.في" الإخبارية التركية اليوم الجمعة، إن محمد مرسي بالطبع كان رئيساً منتخباً، لكن من انتخبوه تكونوا من مؤيدي الإخوان المسلمين والجماعات الأخرى، وهؤلاء شكلوا نسبة صغيرة ممن قام بانتخابه، والمنتمين لأطراف سياسية أخرى، وهؤلاء هم النسبة الأكبر، والذين تراجعوا عن تأييده في وقت لاحق نتيجة فشل السياسات التي قام باتباعها، مما أدى لنزولهم للشوارع في أعداد لم تشهدها مصر من قبل للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، وهو ما رفضه مرسي وأدى لتوتر الأوضاع بشدة في مصر.
وأضاف أن الرئيس عبدالله جول أشار قبل ذلك في مقالته بصحيفة الفايننشال تايمز إلى أن إجراء انتخابات مبكرة كان سيجنب مصر المشاكل التي تواجهها الآن.
وأوضح أن الإخوان المسلمين فقدوا نسبة كبيرة من التأييد الشعبي لهم ليس فقط نتيجة لفشلهم في إدارة شئون البلاد على مدار عام كامل، بل أيضا بسبب استخدامهم للعنف، مما دفع أغلبية المصريين للمطالبة برحيل محمد مرسي.
وأوضح أنه في 2011 انحاز الجيش المصري للمطالب الشعبية وأجبر الرئيس السابق مبارك على التنحي وتولى المشير طنطاوي والمجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد ولم يتم تسمية ما تم في 2011 بالانقلاب، بل كان الرئيس جول ورئيس الوزراء أردوغان من أوائل المهنئين بما حدث.
وأضاف أن المشكلة أن الصورة لا يتم نقلها بموضوعية وبدقة في تركيا، موضحا أن الجيش المصري استجاب للمطالب الشعبية في 2011، وتولى المشير طنطاوي إدارة شئون البلاد، وقام بتشكيل حكومة انتقالية، وفي 2013 استجاب الجيش أيضا للمطالب الشعبية لكنه لم يتول الحكم، بل تم تولية رئيس مدني مؤقت هو رئيس المحكمة الدستورية العليا، وتم تشكيل حكومة انتقالية مدنية من الكفاءات.
وأضاف أن الحكومة الانتقالية في مصر أكدت مرارا أنه لن يتم احتجاز أي فرد إلا في حال توجيه اتهامات جنائية له على أن تتم محاكمة كل من توجه إليه التهم أمام المحاكم العادية ووفقا للقوانين المصرية، وليس أمام محاكم خاصة، وفي الواقع فإن هناك مبالغات فيما يتم تداوله عن أعداد من تم القبض عليهم، فهم لا يتجاوزون أصابع اليدين.
أما فيما يتعلق بالعنف، فلا بد بالتأكيد أن يتوقف لكن ما شهدته مصر من أحداث إرهابية تضمنت حرق الكنائس ومهاجمة أقسام الشرطة وترويع المواطنين من قبل الإخوان المسلمين والجماعات المؤيدة لهم، لا بد أن يتم التعامل معه بكافة السبل بما في ذلك استخدام القوة القصوى وأظن أن ذلك سيكون موقف أي حكومة في أي دولة تسعى للحفاظ على أمنها وحماية مواطنيها.
وقال صلاح الدين إن موضوع الخطة التنفيذية التي سيتم تطبيقها خلال الفترة المقبلة لضمان عودة الاستقرار لمصر هو بعد آخر لا يتم تغطيته بموضوعية في تركيا سواء إعلامياً أو في التناول التركي الرسمي للتطورات في مصر، فهناك خارطة طريق واضحة ومحددة بجدول زمني للمرحلة الانتقالية أعلن عنها الرئيس المؤقت، وهناك التزام مصري كامل بمشاركة كافة الأطراف في العملية السياسية بما فيها جماعة الإخوان المسلمين وإجراء انتخابات تعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب المصري.
وأشار إلى أن مصر رحبت بجهود جميع الأطراف سواء داخل مصر مثل الأزهر الشريف، أو الدول الصديقة، لتقديم مقترحات تسهم في تنفيذ خارطة الطريق المصرية، وقد جاءت زيارات كاثرين آشتون والمسئولين من عدة دول للقاهرة من بينها الولايات المتحدة وقطر والإمارات وألمانيا لتصب في هذا الاتجاه.
وفي سؤال حول خطة تركية في هذا الشأن رد السفير صلاح الدين أن مصر سمعت بهذا من خلال بعض وسائل الإعلام ولكن لم تتلق مصر أي مقترحات تركية في هذا الصدد.
وأعرب السفير المصري عن أسفه أنه في الوقت الذي حرص مسئولو الدول الصديقة والقريبة من مصر على التعرف على التطورات في مصر والمساهمة بإيجابية للتعامل مع تلك التطورات كان هناك غياب تركي كامل، مضيفا أنه قد يكون ما تم تداوله في وسائل الإعلام بشأن وجود خطة تركية، وهو الأمر غير الصحيح، هو التباس حول ما قام السفير بعرضه على الرئيس جول ومختلف المسئولين في الحكومة التركية وفي الحزب الحاكم حول عناصر خارطة الطريق المصرية.
وقال صلاح الدين، إن مختلف من قابلهم من الجانب التركي، وبغض النظر عما تم نشره إعلامياً عن تلك المقابلات، شجعوا المصريين على تنفيذ خارطة الطريق تلك والتي توضح الإدراك بأن سبيل التعامل الوحيد مع الأوضاع في مصر هو تنظيم انتخابات حرة ونزيهة.
وأكد السفير أن قضية التعاون السياسي بين مصر وتركيا هو شأن مصري بحت لأن المصريين وحدهم هم من يقررون أي أمر يتعلق بهذا التعاون، مشدداً على ترحيب مصر بجهود كافة الدول الصديقة وخاصة من لهم تأثير إيجابي على الإخوان المسلمين.
وأشار السفير إلى أن ما يتخوف منه يتجاوز هذا التعاون، حيث أعرب عن تخوفه على مستقبل العلاقات المصرية-التركية على المدى الطويل، فتحيز تركيا لطرف واحد يمثل الأقلية في الشعب المصري أثر بشكل شديد السلبية على صورة تركيا في مصر، مؤكدا على تصريحاته السابقة من أن أصدقاء تركيا في مصر والمعجبين بها ليسوا فقط الإخوان المسلمين والجماعات (الإسلامية)، الأخرى بل يمكن القول أن أهم المعجبين بتركيا في مصر كانوا من غير المنتمين لجماعات الإسلام السياسي، ولكن ما يجب قوله هو أن هناك خطر حقيقي تواجهه العلاقات بين البلدين، حيث أن الأمر الأساسي ليس في المواقف الرسمية أو الحكومية بل كيف يرى الرأي العام المصري تركيا.
وأوضح صلاح الدين أن الولايات المتحدة، كدول أخرى كثيرة، تهتم بمتابعة التطورات في مصر، وحريصة على مصالحها واستمرار علاقاتها بمصر، ولكن ردة فعل الرأي العام المصري على التصريحات الأمريكية لم تكن إيجابية، فهناك دعاوى كثيرة في مصر الآن لمقاطعة البضائع الأمريكية بل برفض تلقي المساعدات الأمريكية.
وأضاف أن العنف بشكل عام غير مقبول بكل تأكيد، لكن لا يجب تجاهل ما يقوم به الإخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات من عمليات إرهابية دموية تجاه المواطنين، مشيرا إلى أنه أرسل للقناة التركية عدة مقاطع فيديو توضح ذلك وطلب من القناة أن تستعين بها خلال عرض المقابلة معه.
وتساءل صلاح الدين هل من المنطقي أن تقف قوات الأمن في أي دولة ساكنة أمام استهدافها بالأسلحة النارية ومحاولة قتل أفرادها دون أن ترد.
وأعرب السفير المصري عن إيمانه بعودة الاستقرار لمصر في المستقبل القريب، مضيفا أن هذا رهن نقطتين ستسهمان في تحقيق ذلك، الأولى أن يدرك الإخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات والدول التي تؤيدهم أن استمرار اللجوء للعنف لن يحقق أي مكاسب سياسية لهم، والثانية أن تدرك كافة الأطراف أن السبيل الوحيد للتعامل مع الوضع الراهن هو من خلال الانتخابات والحلول السياسية بهدف إقامة نظام سياسي جديد بمشاركة كافة الأطراف، معربا عن رؤيته أن الحكومة الانتقالية والقوى المؤيدة لها وخاصة من الشباب عبروا بوضوح عن تأييدهم لهذا التوجه، ولكن هناك حاجة أن تكون هناك رسالة واضحة أيضا من طرف الإخوان المسلمين بتبنيها لهذا الموقف.