Close ad

مجابهة الإرهاب وبناء شخصية الطالب و"الجيل الثالث".. قراءة في وثيقة الثقافة والتنوير لجامعة القاهرة

19-10-2017 | 15:45
مجابهة الإرهاب وبناء شخصية الطالب والجيل الثالث قراءة في وثيقة الثقافة والتنوير لجامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت
محمود سعد

فور توليه مسئولية رئاسة جامعة القاهرة، خلفًا للدكتور جابر نصار الرئيس السابق للجامعة، أكد الدكتور محمد عثمان الخشت الذي حل رئيسًا لأم الجامعات لمدة 4 سنوات، أن اهتمامه الأول تحويل الجامعة إلى جامعة الجيل الثالث والاهتمام بالثقافة والتنوير.. وعليه قرر تشكيل مجلس به نخبة الخبراء والعلماء لوضع والخروج بتوصيات يمكن تنفيذها على أرض الواقع داخل كليات الجامعة لمواجهة التطرف والإرهاب من خلال عملية تعليمية بأسلوب ثقافي متحضر.

وعقد مجلس الثقافة والتنوير بجامعة القاهرة اجتماعه الأول، الأربعاء، الموافق 16 أغسطس الماضي، لمناقشة الخطوط العريضة وسياسات الجامعة في العمل الثقافي والتنويري وآليات تفعيل دورها الوطني في هذا المجال، وشُكل المجلس برئاسة الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة، ونواب مثل: "علاء ثابت، رئيس تحرير جريدة الأهرام، محمود مسلم، مفيد فوزي، مراد وهبة، ميري ميثاك، حسام بدراوي، مصطفى الفقي، يوسف القعيد، رشا إسماعيل، منى أبو سنة، حسن الببلاوي، جابر عصفور، محمد عفيفي، ماريان عازر، إيناس عبد الدايم، سامي عبد العزيز، زاهي حواس".

وقال رئيس جامعة القاهرة، إن المجلس ناقش سياسات الجامعة في الأنشطة الثقافية والعلمية، وآليات التفعيل بالدور الوطني الثقافي والتنويري وآليات تفعيل دورها الوطني، مؤكدا أن المجلس خرج بالعديد من التوصيات منها توسيع عمليات الأنشطة بالكليات، مشيرا إلى أن المجلس يقود عمليات التنوير، وأنه ليس مجلسا إداريا أو تنفيذيا.

وشدد الخشت، على أن هدف جامعة القاهرة الآن هو الدخول في عصر "جامعة الجيل الثالث" التي تجمع بين التعليم والبحث العلمي واستغلال وتوظيف المعرفة في التنمية الشاملة للدولة الوطنية بوصفها تنمية ثقافية وعلمية واقتصادية واجتماعية، تنمية للعقول والموارد والدولة والمجتمع والفرد، منوها إلى التدريب على المشروعات الصغيرة، وعدم الاكتفاء بإنتاج موظفين وعلماء بل العمل على تخريج رواد أعمال، والتوجه نحو العالمية والتوأمة مع جامعات الجيل الثالث، والتحول نحو وضع المراكز البحثية والخدمية أعلى قائمة الأولويات، والتحول نحو الإدارة اللامركزية وحوكمة الإدارة الأكاديمية والأخلاق العالمية وأخلاقيات الأعمال، وغيرها من متطلبات عصر الحداثة والتنوير والتقدم.

ومن خلال تحليل للوثيقة التي تم إصدارها، من قبل المجلس الذي تم تشكيله، ركزت الجامعة في البداية على أن النّظرة العقلانية المستقبليّة هي الحاكمة لمسيرة جامعة القاهرة، وأن التحدي القومي أصبح هو بناء إنسان مصري جديد لتحقيق التنوير والتنمية وتأسيس دولة حديثة، بواسطة استحداث مناهج جديدة تعمل على تغيير طريقة التفكير عند الطالب وتأخذ به نحو التفكير العقلاني النقدي والإبداعي، وبناء شخصية مسئولة واعية؛ من أجل نهضة حقيقية.

مع التركيز على عمليات التطوير، بتحويل جامعة القاهرة إلى جامعة من جامعات الجيل الثالث، مع استعادة فكر الآباء المؤسسين في التنوير والعقلانية والمدنية والتعددية والمواطنة، وفي الوقت نفسه فتح مسارات جديدة للتقدم والانتقال إلى آفاق جديدة في حركة التاريخ العالمي، وتكوين خطاب ثقافي وديني جديد يعتمد على التأويلات العقلانية المتعددة والقراءة العلمية للنصوص الدينية بوصفها البديل عن التفسير الواحد المغلق ووهم امتلاك الحقيقة المطلقة.

كما جاء من التوصيات التي خرج بها مجلس الثقافية التنوير، تأسيس تيار عقلاني عربي مقاوم للإرهاب والتطرف والرجعية والأصوليات الجامدة التى تدعو إلى إبطال إعمال العقل فى فهم الواقع أو في فهم النصوص الدينية، مع الانفتاح على تجارب التنوير الأخرى والتيارات العالمية وتاريخ الأفكار والفنون وتنوع مصادر المعلومات والتمكين التكنولوجي لكافة عناصر الجامعة من منظور المصلحة القومية.

وتطرق المجلس برئاسة الخشت، إلى ضرورة تكوين الشخصية القادرة على العمل الفكري والسياسي والإداري، وأن هذا هو مهمة العملية التعليمية والأنشطة الإبداعية، كون التعليم هو العامل الأكثر تأثيراً في معادلة بناء الشخصية الإنسانية متوازنة الأركان: روحاً وجسداً ووجداناً ونفساً تحت قيادة عقل واع يقود ويوجه.

ورأي أعضاء المجلس الذي ضم نخبة كبيرة من العلماء والخبراء، أن بناء بيئة تعليمية تحفز روح الاكتشاف والإبداع والحرية الأكاديمية، والعمل على إزاحة التعليم المولد للإرهاب، وتأسيس لطرق تعليم وتعلم قائمة على ثقافة البحث والأساليب التجريبية والفكر التحليلي والحل العملي المشكلات، وفن الحوار المولد للحقيقة دون التلقي السلبي من المعلم، مما ينشأ عنه النمو في تكوين المواقف والآراء الجديدة.

وخرجت توصية بضرورة عدم التمييز على أساس ديني أو عرقي أو اجتماعي أو سياسي أو غيره من أسس التمييز التي تتعارض مع فكرة المواطنة، وأن الجميع محكوم بمبدأ المواطنة، والجميع سواء أمام القانون، والكل متساوون بوصفهم مواطنين، والديمقراطية هي أكبر ضامن للسلام الاجتماعي وهي الأسلوب الأمثل في إدارة الخلاف بين الجميع في إطار الدولة الوطنية، وأنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية أغراضها دون نبذ العنف والإرهاب والتطرف وتفكيك الأصوليات المغلقة.

واعتبر المجلس، أن اكتشاف المواهب وفتح المسارات الإبداعية أمامها سواء العلمية أو الفنية أو الثقافية أو الرياضية أو غيرها، وتوسيع رؤية ورقعة النشاط الطلابي حتى يصل الطلاب إلى قيم المعايشة والتنوير ولا يتحقق ذلك بندوات أو حفلات معدودة، وإنما بخلق حالة من الزخم الثقافي والتنويري للوعي الحقيقي لا الوعي الزائف، والوعي بمفردات الدولة الوطنية ومبادئها المرتبطة بالحرية والديمقراطية، وذلك على نحو يجعل مبادئ الدولة الوطنية مكوناً من مكونات المناهج والدورات التدريبية.

وأشار أعضاء المجلس خلال جلستهم، إلى أن بناء نسق فكري مفتوح ومتحرر ومتطور في مواجهة النسق الفكري المغلق والمحافظ والجامد، يقوم على التفكير الإبداعي الخلاق والوعي النقدي بعيدا عن القوالب الجاهزة التي تعيق الإبداع والتطور، وضد العقل السلبي القائم على الحفظ والتلقين والتسليم بالحقيقة الواحدة التى لا تقبل التغيير، مع العمل على تغيير نمط الحياة، وترسيخ أخلاق التقدم، وتغيير منظومة القيم الحاكمة للسلوك، وتغيير الشخصية السلبية إلى الشخصية الخلاقة فرديًا واجتماعيًا وعلميًا.

مع التأكيد، أن جامعة القاهرة مدنية، عقلانية، والحرية مكون أصيل من مكوناتها، وتأكيد حق الاختلاف، وتنوع الفكر الخلاق في إطار الدولة الوطنية.. ومن ثم عدم التعصب لتيار ضد تيار، وعدم التمييز بين منسوبيها اجتماعيا أو فكريا أو دينيا، و تأكيد هوية مصر المستنيرة القائمة على قيم التعايش وتقبل الآخر، خصوصًا أن الجامعة شريك في صياغة هذه الهوية، وتحديد مفهوم التنوير بوصفه ممارسة عقلانية تقترن بالجرأة على استخدام التفكير العقلاني النقدي بالمعنى الحداثي، فالتنوير هو التفكير العقلي بشجاعة.

كما أعلن المجلس في نهاية التوصيات التي خرج بها، بأن هذه الوثيقة تطرحها جامعة القاهرة، كمبادرة تضعها أمام المجتمع ليشارك في تبنيها ونشرها من أجل تحقيق التقدم المأمول للوطن.

كلمات البحث