Close ad

بالصور.. ليلة استعان فيها الترزي بالموت.. آلام الفراق بديلا لثمن تجديد دم "الصغيرة"

14-10-2015 | 16:34
بالصور ليلة استعان فيها الترزي بالموت آلام الفراق بديلا لثمن تجديد دم الصغيرةايهاب واسرته
شريف أبو الفضل - أحمد الفص
في منزلهم الصغير، المبعثرة محتوياته، والممتلئة بعويل الصغار، ستشم رائحة الموت، حاولوا كثيرا إجهاض المشهد، تركوا الغرفة وتكدسوا جميعا في أخرى، ولكن شبح الجريمة يطاردهم، لا زال يفزعهم، يؤجج مشاعرهم بين الحين والآخر، فتختلط مشاعر الحزن والخوف بأنين الصغار.
موضوعات مقترحة


أجراس الساعة تدق الثامنة مساء يوم الثامن والعشرين من سبتمبر الماضي عادت الأم بصغارها فتحت الباب برفق حتى لا تزعج زوجها أدخلت أطفالها الصغار تحمل في يدها الرضيعة ألقت نظرة عابرة في المنزل ثم توجهت لغرفة زوجها.

توقفت الزوجة حينها عن الحركة، وتركت العنان لعويلها، لقد هالها سوء المنظر، وهى ترتعد فرائصها، وهى تحاول أن تستوعب ما حدث لزوجها وهى تشاهده أمام عينيها معلقا في سقف الغرفة، ظاهر عليه علامات الموت، لقد تيقنت وقتها أنه غادر في صمت.

بدأت الزوجة تفتش في ذاكرتها عن دوافع زوجها التي جعلته يفضل الموت على الحياة، ولكن سرعان ما اصطدمت بالسبب المرير، أنه دم الصغيرة لقد اقترب الموعد، والأموال لم تكن جاهزة مع الزوج وهو يبحث عن مسكن جديد، يؤويه وأسرته، عقب نفاذ مبلغ التأمين الذي دفعه لمالك مسكنه الحالي، ثلاثة آلاف جنيه، كانت هي آخر رصيد له في الحياة.

ليلة عصيبة مرت بها "أميرة" وهى تلقى على "إيهاب" رفيق العمر نظرات الوداع، لم تعبأ بسؤالها فى النيابة، ولم يجهدها سهرها لليوم التالي حتى الصباح وهى تودع جثة زوجها، ولكن أرهقتها الذكريات التى بدأت تتواتر واحدة تلو الأخرى، وهى تتذكر جيدا منذ 12 عاما حينما تقدم إيهاب لخطبتها، وذهب لطلب يدها من والدها الذي كان يجلس بمحل الأحذية الصغير بمنطقة "الزاوية الحمراء"، ولم يعارض زواجهما.

وبينما هي كذلك، تحولت نظراتها، لصغارها الثلاثة "إسراء- سارة-أسامة" ولكن خطف قلبها جسد طفلتها "إسراء" التي أصابها نفس المرض الذي قضى على شقيقتها منذ ثلاث سنوات، إسراء الصغيرة التي لا تقوى على حياة بدون تغيير دمها كل شهر، كانت هى الهم الأكبر أمام الأب الذي لم يصمد على مواجهته وفضل الهروب.

كان يطاردها مشهد طفلتها وهى طريحة على سرير المرض، في حالة استسلام، تستقبل دفعات الدم الجديدة، لتمنحها الحياة، وقتها تذكرت جيدا عدد المرات التي تبرعت فيه أميرة وزوجها بدمهما للصغيرة حينما كان هذا الخيار الوحيد أمامهما فى أحيان كثيرة لم يجدا فيها ثمن الدم.

بدأ حوار يدور في رأسها وهى تشاهد ابنها الوحيد "أسامة" ابن الإحدى عشرة سنة، يرقد بجوار أخته، وتحدق النظر في جسده الصغير الذي لا يقوى على العمل، ولكن أجبرته الظروف للخروج والعمل في الإجازة، وقد زادت المهمة صعوبة حينما أصبح هو الرجل الأوحد في الأسرة.

"مش مهم الفلوس هي مش كل حاجة فى حياتنا"، "ولو فى حاجة مش قادرين نجيبها بالفلوس اللى بينا أقوى منها"، " بكرة تفرج يا إيهاب - متحملش هم حاجة "، نفس الكلمات التى كانت تصبر أميرة بها الزوج عادت لترن فى أم أذنها من جديد.

هذه الكلمات تذكرتها وهى تجلس بجواره فى الغرفة التى شنق نفسه بها، تواسيه، تحاول أن تبعث الأمل من جديد في نفسه بأن تجارته التي أصابها الكساد- صناعة" الكابات"- ستعود من جديد للرواج، وسيزيد الدخل، وظنت الزوجة وقتها أن كلماتها اقتلعت هموم "إيهاب" وألقت بها بعيدا عقب أن قضت الأسرة ليلتها تشاهد فيلما أمام التلفاز وملأت الضحكات أرجاء المنزل الصغير.

لقد قطع مشهد النهاية، مشهد خروج جثمان "إيهاب" من المنزل في لحده إلى مثواه الأخير ، لعجزه عن توفير ثمن دم ابنته، الذكريات الأليمة التي ألمت بالزوجة لتكمل رحلتها القاسية مع أسرتها.


كلمات البحث
اقرأ أيضًا: