Close ad

اخلعونى لأن زوجى لا يستحم

11-1-2011 | 21:39
فاطمة الدسوقي
سامحوني رائحته الكريهة تفوح في المكان واخترقت جدران المنزل لتزكم أنوف المارة .. زوجى ضلت النظافة طريقها إلى جسده وأعلن حربه الشنعاء على المياه والصابون، حتى أصبحت قطرة الماء عنده مثل ماء النار يخشى على جسده منها .. لعنة الله على الفقر .. وحقاً لو كان رجلاً لقتلته.
موضوعات مقترحة

هربت من جحيم الفقر لأقع فيما هو أشد منه جحيماً .. أطلب الخلع ممن ينام فى أحضان البهائم ويستدفئ بأنفاس الخراف.. أتنازل عن كل حقوقي، حتى ملابسي. وأطلب فك أسرى وإطلاق سراحى من حديقة الحيوانات التى أعيش فيها.
نادت المحكمة على الزوج وكان المشهد أخشى من أن يوصف، هرول الحضور من ساحة المحكمة ووضعت المناديل على الأنوف عندما هم الزوج ذو الملابس الرثه بالدخول إلى غرف المداولة .. رائحة كريهة تنبعث من جسده تفقد ما يشمها الوعي، وكأن المياه لم تزر جسده ووجهه منذ سنوات، وعلى الجانب الآخر وقفت الزوجة الشابة التي تمتلك وجها ملائكياً لم تستطع رائحة زوجها من تغير ملامحه، وقالت :أكره الفقر وأخشى على الفقراء مثلى .. فقد أوقعني حظي التعس في براثن أسرة يحيطها الفقر بأسياخ من حديد، كنا نشبع ساعة ونجوع ساعات، ولم تعرف أجسادنا طريق السرائر والوسادات، حيث كنا نفترش الأرض أنا وأشقائي للنوم، حتى طرق بابنا جارى فى السكن وأخبر والدي أن لديه عريس لقطة تتصارع عليه الفتيات، فهو تاجر مواشى في العزبة المجاورة لقريتنا، ويمتلك من المال الكثير، وكادت الفرحة تفتك بقلب أبى فسوف يلقى عن كاهله عبء واحدة من السبعة المعلقين في رقبته، وتقدم عريس الغفلة.. شكله أشبه بما يقال عن ملك الموت!
بمجرد رؤيته سكن الخوف صدرى، أين أنا من ذلك المارد صاحب الملامح الغليظة، والوجه الأسود؟ .. ما هذه الطريقة التي يتحدث بها؟ .. وسافرت بخيالي بعيداً .. أين هو من فارس أحلامي الذي يحملني على حصانه الأبيض وأحلق معه فى السماء؟ .. سحق الفقر أحلامي ودهس براءتي وشبابي، واستيقظت من حلمى الجميل على صوت والدي المرتعد المحفوف بالحسرة واللوعه.
قال لي أبي: صفاء هل موافقة على ذلك العريس الثرى؟، فهو تاجر مواشي يا بنتي، وستأكلين اللحمة التي لا تكاد تعرفك وها ستنامين على سرير بدلا من الأرض يا صفاء. ثم تلاه صوت أمي: عريس زى الفل يا صفاء والراجل بفلوسه لا بشكله.
وتحت إلحاح الحاجة وافقت علي الزواج منه وجاء يوم الزفاف وحمل أقاربي النعش إلى مثواي الأخير، واستقبلت حياتي الجديدة بالدموع والأحزان، وفوجئت أن عش الزوجية هو حظيرة للبهائم والمواشى جاموس وماعز ودجاج وبط تسكن فى البيت الكبير ومسموح للمواشى .. بقر هنا وجاموس هناك وماعز ودجاج وبط، وكل خيرات الله تسكن في البيت الكبير، ومسموح للمواشي أن تدخل أي مكان، وتقضى حاجتها أينما وجدت، فهي تبدو صاحبة المنزل وهم الضيوف!
تحاملت على نفسي، ولكني وجدت في الحيوانات السلوى عندما اكتشفت أنها أحسن حالاً وأكثر لطفاً من البشر الذين أعيش بينهم.
إلا أن رائحة زوجي الكريهة كانت المصدر الرئيسي لتعاستي، فلم يعرف طريق النظافة أو الاستحمام، وكان يقضى ساعات النهار وسط البهائم، ثم يلقى برأسه على الوسادة بجواري، ورائحته تكاد تقتلني، وتوسلت إليه أن أقوم بغسل جسده داخل غرفة النوم، إلا أنه كان يكره المياه والصابون مثل كرهه للعمى، وكان العام يمر عليه دون أن يغسل وجهه أو حتى يديه، وزاد الطين بله عندما كان يصر على أن تنام الكتاكيت فى غرفتنا خشية عليها من "لفحة البرد"، وهددته بالرحيل إلى أسرتي إذا لم يستحم حتى ولو مرة في الشهر، إلا أنه أبى.
سيادة القاضي أطلب خلع نفسي، لم أعد أطيق شم رائحته العفنة، وبعد أن تأكدت المحكمة أن ما قالته الزوجة ليس إلا ذرة من الحقيقة المفجعة، قضت المحكمة برئاسة المستشار عبد الله الباجا بتطليقها خلعاً، رحمة لها من جحيم الروائح الكريهة.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة