Close ad

الأحضان الدافئة وجحيم الأمومة المفقودة والمفاجأة الكبرى

7-1-2011 | 17:33
فاطمة الدسوقى
نعم "المال والبنون" زينة الحياة الدنيا، وبدون البنين تصبح كل الدروب مغلقة وتسّود الحياة فى الأعين ولا تعرف الحناجر سوى مرارة العلقم وترحل البسمة والفرحة من القلوب بلا رجعه، ليسكنها الحزن والألم.. نعم أبغى البنون فمن سيكون عصاتي التي أتوكأ عليها عند الكبر، ومن سيحمل نعشى عند مماتى.. أين الأنفاس التى استدفئ بها فى ليلة شتاء قارس، أين نسمة الهواء النقي التي تهفو على وجهى، عندما يطل علي صغيرى ويداعبنى.
موضوعات مقترحة

سامحونى أيها السادة، أقر وأعترف بأن زوجى أفضل رجل فى العالم، ولكنه حرمني من نعمه الإنجاب لأنه عقيم، أطلب الطلاق لأننى خلقت لأكون أماً.. صوت طفلي يرن في أذني قبل أن تدب دماؤه فى أحشائي.. صورته تلاحقني أينما سرت وكأنه ينادى علىّ من العالم الآخر وينتظر أحضاني الدافئة.. سيادة القاضي أنا لا أكره زوجى ولا أطلب الطلاق لأى سبب إلا أنه عقيم!
محكمة.. الحكم بعد المداولة.
مرت ساعات المداولة على الزوجه كالدهر.. قلق ورعب ولحظة صعبة لتحديد المصير، وخلالها مر أمامها شريط الذكريات ورحلة زواج مفعمة بالحب والتفاهم عمرها عشر سنوات، لم يعكر صفوها سوى "الولد" وتذكرت الزوجة الشابة يوم أن تقدم لها ابن الجيران الشاب الطيب المحاسب بشركة البترول، وكادت الفرحة تمزق ضلوعها فهو الفتى الجميل صاحب السيارة الفارهة، الذى تحلم به كل بنات الشارع، وصال وجال واختارها دون عشرات البنات، وتزوجها دون أن يكبل والدها الفقير مليما واحدا، ومعه تنزهت في أجمل أماكن مصر.
وسافرت للخارج حتى راحت سكرة الزواج بعد ثلاثة أعوام، وجاءت فكرة الإنجاب، وبدأت الحماة تلوح لزوجة ابنها بكلمات تعنى أنها غير قادرة على الإنجاب، حتى طرقت الزوجة أبواب الأطباء، والتقارير كلها تؤكد أنها سليمة، وجاء الدور على الزوج فهاجت أمه وثارت.. ابني طول وعرض ومستحيل يكون عقيما، أكيد زوجته أعطت رشاوى للأطباء، ليؤكدوا أنها سليمة.
أكثرت الاتهامات الملفقة للزوجة من أهل الزوج، وتحاملت على نفسها سنوات، حتى تمكنت من إقناعه بعرض نفسه على أحد الأطباء، وتحت ضغوط الحب والتفاهم وافق الزوج وعندئذ فجر الطبيب المفاجأة، الذي شطرت قلبه وزلزلت كيانه، عندما أكد له أنه عقيم وغير قادر على الإنجاب لوجود عيب خلقى لديه، ولم يكتف الزوج برأى طبيب واحد وسافر لدولة ألمانيا للعلاج، إلا أن كل الآراء اجتمعت على عدم قدرته على إنجاب الولد.
صبرت الزوجة سنوات أخرى، إلا أن حلم الأمومة كان يلاحقها فى اليقظة والمنام، وصورة طفل صغير تبدو لها أينما ذهبت، ولم تستطع كبت مشاعرها وإخفاء أمومتها، وكانت دموعها تغرق وسادتها، وسكن الهم والغم صدرها، وطلبت الطلاق من زوجها، إلا أنه رفض لأن حياته بدونها جحيم، والموت أهون عليها من فراقها، وأمام تمسكه الجنوني بها، لم تجد أمامها طريقا سوي طرق أبواب المحاكم لتحصل على الطلاق.
وها هي في انتظار حكم المحكمة، وأثناء تحليق الزوجة بذاكرتها فى سماء سنوات زواجها، نادى عليها الحاجب قائلا: رفض دعوى نادية محمد عبد الفتاح وإلزامها بالمصروفات وأتعاب المحاماة، وقالت المحكمة إن عقم الزوج ليس سببا من أسباب الطلاق، لأنه يعاقب بذنب لا دخل له فيه.. رفعت الجلسة.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: