Close ad

"هياكل عظمية داخل شقة في بولاق الدكرور".. السفاح "قذافي" يسقط بالإسكندرية بعد أكثر من جريمة قتل

12-11-2020 | 00:15
هياكل عظمية داخل شقة في بولاق الدكرور السفاح قذافي يسقط بالإسكندرية بعد أكثر من جريمة قتلصورة أرشيفية
مصطفى عيد زكى

خان الأمانة، باع الصداقة، لم ينظر بعين الاعتبار إلى ساعات السهر والسمر مع رفيق العمر، لم يضع في حساباته أيام الود، لم يتذكر سنوات المحبة، ليبيع كل شىء بسبب المال، طعن صديق عمره طمعًا في الدنيا، لم يكتف القاتل أنه خدع صديقه واستولى على أمواله التي جناها من عرق جبينه، لم يرأف القاتل بالليالي والشهور التي قضاها رفيقه في الغربة خارج مصر فأكل حقوقه المادية أولًا ثم دس السم له قبل أن تدق ساعة الحساب، بل تبجح فانتحل صفته وسرق اسم الضحية بعد شقى عمره.

موضوعات مقترحة

الصديق لم يعد صدوقًا، كتب بالدم نهاية مأساوية حزينة لعقود الأخوة التي لم يجمعها دم أو رابط عائلي، تلطخت يده الطويلة بقتل أقرب الناس إليه، امتدت يده فأنهى حياة صديقه، ارتدى ثوب البراءة سنوات طويلة امتدت إلى الرقم خمسة بعد جريمته الشنيعة، لم تتوقف جرائمه فالمتهم صار محترفًا فقتل للمرة الثانية طمعًا في المال أيضًا لكن هذه المرة مال امرأة تزوجها وعاهد الله أمام الجميع أن يحفظها ويصون عشرتها، لكنه دفنها وحول "الجوازة" مع الأيام إلى "جنازة" رتبها وأخرجها بنفسه دون علم أحد.

حاول المتهم أن يتخفى في رداء صديقه المقتول هربًا من افتضاح الأمر، حاول الصديق غير الأمين الفرار والهروب من الملاحقة، فلم يجد سوى انتحال شخصية القتيل الأول، ومشي بين الناس حاملًا لاسم صديقه يتلاعب بالجميع، مستفيدًا من دراسته في كلية الحقوق تلك المدرسة التي أخرجت زعماء مصر، يخدع هذه السيدة باسم صديقه ويغازل أخرى باسم صديقه أيضًا، بل يتزوج من ثالثة ورابعة وسادسة باسم صديقه أيضًا ليس حبًا أو لرغبة فطرية، بل كان يختار ضحاياه من الجنس الناعم بعناية فائقة، ويضع في أولوياته السيدة التي تحتكم على المال والذهب ليتزوجها ثم تكتشف الضحية أن زوجها ذهب بعد أن سرقها، وفي حال اعتراض أي منهن فالمشكلة عنده في ارتكاب جريمة قتل ثالثة.

"رضا وقذافي" صديقان لا يفترقان منذ نعومة أظافرهما تربيا سويًا في منطقة بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة، الأول تخرج في كلية الهندسة، أما الثاني درس القانون في كلية الحقوق، ظل الثنائي معًا لا يفرقهما ثالث، ولا تضربهما عين حاسد، حتى سافر "رضا" إلى الخارج، يعمل في وظيفة هندسية مرموقة جنى من ورائها أموالًا طائلة، لكنه في 2014 وجد أن المال السائل في يده لا قيمة له، ففكر في الاستثمار، لم يجد سوى رفيق الدرب والدنيا حتى يثق فيه ويسلمه ثروته؛ بل حرر له توكيلا رسميًا للتصرف فيها.

أرسل "رضا" إلى صديقه نحو 335 ألف جنيه، وطلب منه الاستثمار في مجال بيع وشراء الشقق السكنية، لكن "قذافي" طمع في تلك الأموال، وافتتح بها سلسلة مكتبات باسمه، لم ينجح في إدارتها فخسر الأموال، وكان يبعث برسائل الطمأنينة إلى صديقه المغترب بأن كل الأمور على ما يرام، وأنه لا داع مطلقًا للقلق أو العودة إلى مصر، لأن (قذافي) يدير أموال (رضا) باحترافية جعلته يحقق مكاسب وأرباحا.

ظلت أكاذيب "قذافي"، المولود عام 1971، تطير إلى "رضا" في الخارج، حتى بدأ الأخير يشك في أحاديث صديقه، فقرر العودة بشكل مفاجئ إلى مصر وكان ذلك عام 2015، فوصل إلى أرض المحروسة على حين غفلة، حلت قدماه مطار القاهرة في زيارة سرية هدفها كشف الحقيقة، وأن يدق بنفسه ساعة الحساب قبل أن يتلاعب صديقه في الحسابات، ونظرًا لعنصر المفاجأة وقف المتهم عاجزًا أمام "رضا"، فلم يجد مفرًا أو طريقة للهروب من حقيقة سرقة الأموال، فأراد أن يخرس صوته للأبد قبل أن ينطق بالفضيحة.

أكمل "قذافي" خداع صديقه، وطلب منه الجلوس سويًا في منزله ببولاق الدكرور لتصفية الخلافات المالية، لكنه كان يرسم خطة تصفية صديقه وإنهاء حياته، فوضع له السم في مشروب قدمه له بيده، ليبدأ مفعول الحبات الصغيرة القاتلة في السريان داخل جسد "رضا"، ليلفظ أنفاسه الأخيرة رويدًا رويدًا أمام نظرات الغدر ولسان حاله نادم على تجاهله العمل بمقولة "اللهم اكفني شر أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم"، صعدت روح القتيل إلى السماء تشكو الخيانة، ليبقى جسده على الأرض دليل اتهام.

حاول "قذافي" التخلص من الجثة، فاستدعى حيلة "ريا وسكينة"، وقرر دفن صاحبه داخل غرفة أرضية بالمنزل، فحفر حفرة لجثة صديقه، ووارى عليها التراب، ثم مضى كأن شيئًا لم يكن، لينتحل اسم صديقه ويستولي على أمواله بموجب التوكيل السابق، ويقرر إكمال نصف دينه بالزواج، لكنه بعد عدة أشهر واجهته أزمة مالية جديدة، ليحاول إيجاد الحلول، فنظر حوله لم يجد سوى مصوغات زوجته، ليطلب منها بيعها، لكنها رفضت.

قرر "قذافي" معاقبة زوجته على الرفض، فاتبع الطريقة القديمة، ودس السم لها في الطعام، ثم قدمه لها بابتسامة خبيثة، لتثق فيه الضحية وتعتقد أنه صرف النظر عن مصوغاتها الذهبية، لتتناول الطعام وتصعد روحها إلى السماء، ليتخلص المتهم من الجثة بالأسلوب نفسه الذي اتبعه مع جثمان "رضا"، ولكن يبعدهما عن بعضهما سنتيمترات قليلة أسفل الأرض.

استولى المتهم على مصوغات وأموال زوجته وخرج على الناس يعلن أنها سرقت أمواله وهربت مع أخر، ثم نزح من العاصمة إلى الإسكندرية، باحثًا عن خداع ضحايا جدد باسم "رضا"، وعلى مدار خمس سنوات نصب شباكه على سيدات، وتزوج عدة مرات، في كل مرة خالف العهد مع الله فلم يحافظ على العشرة مع أية منهن، واستولى على مصوغاتهن الذهبية وأموالهن، حتى رفضت إحداهن فقرر اتباع الطريقة القديمة بأن يقتل ضحيته يدس السم في الطعام، لكنه في المرة الثالثة كتب الله النجاة لمن أراد بها السوء، وانكشف أمره، وتقدمت الزوجة الناجية من شرور "قذافي" ببلاغ ضد زوجها الذي انتحل اسم "رضا"، ليصدر ضده حكم بالحبس لمدة سنة.

ولأن كل جريمة لها خيوط، وكل مجرم سيكتشف أمره ولو بعد حين، فإنه حقيقة "قذافي" وانتحاله اسم صديقه كشفها زميل له بالحبس، بعد أن أوقع المتهم في الحديث وجعله في لحظة يعترف بالحقيقة التي أخفاها، وتزامن ذلك مع السعي الحثيث من جانب أهل "رضا" الحقيقي، في البحث عنه، والسؤال عن مصيره بعد اختفاء أخباره في الداخل والخارج، حتى توصلوا إلى معلومة أنه يقضي عقوبة الحبس في الإسكندرية، ليهرولوا على الفور من الجيزة إلى عروس البحر المتوسط، ظنًا منهم أنهم وجدوا ضالتهم.

لكن الأجهزة الأمنية أخبرتهم بالحقيقة، بأن المحبوس هو "قذافي" صديق "رضا"، وأنه تحايل وحمل اسم صديقه، وأنه تم استجوابه وبتضيق الخناق عليه اعترف بالجريمتين التي ارتكبهما سنة 2015 بقتل زوجته بعد أن قتل صديقه "رضا"، ودفنهما داخل حجرة في منزل ببولاق الدكرور، وبإرشاده عن العنوان تم استخراج هياكل عظيمة للجثتين.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: