فجرت واقعة "مريم"، المعروفة باسم «فتاة المعادي» بركان الغضب لدى المصريين، بعد أن دفعت حياتها ثمنًا لخسة وندالة مسجلين اثنين خطر يستقلان سيارة «ميكروباص»، حاولا سرقة حقيبتها أثناء سيرها في أحد شوارع المعادي بالقاهرة عائدة من عملها بأحد البنوك، لتسقط رأسها أسفل السيارة، وتفارق الحياة.
موضوعات مقترحة
وعلى الفور، تم تفريغ الكاميرات في الشارع محل الواقعة، وتحديد السيارة المستخدمة في الواقعة، والوصول إلى هوية المتهمين وضبطهما، وبمواجهتهما اعترفا بتكوينهما تشكيلا عصابيا لارتكاب وقائع سرقات الحقائب بأسلوب الخطف باستخدام السيارة المضبوطة ومن بينها الواقعة محل ضبطهما.
واعترف المتهمان أنه حال سيرهما بتقاطع شارعى 86 والقناة بالمعادي، شاهدا المجنى عليها وبحوزتها الحقيبة، فاقتربا منها حيث كان يقود أحدهما السيارة، فيما خطف الآخر الحقيبة من المجنى عليها، والتى قامت بالإمساك بها، لتصطدم بالسيارة أثناء ذلك وتسقط أرضا وسحبت لمسافة تحت عجلات السيارة أثناء فرارهما.
واقعة مشابهة
وتعيد تلك الواقعة، ذكريات مأساوية مشابهة، لحادث استشهاد ضابط شرطة بالهرم منذ أكثر من 7 سنوات، تحديدًا يوم 23 سبتمبر 2013، حينما وقعت مطاردة بينه وبين و3 أشخاص يستقلون دراجة نارية وبحوزتهم فرد خرطوش، وفي أثناء محاولته التصدي لهم إثر تهديد فتاتين ومحاولة سرقتهما بالإكراه والتحرش بهما، انتهت المطاردة باستشهاد الضابط بطلقة في الرأس.
كانت البداية أمام سينما "رادوبيس" بالهرم، عندما كانت تسير "نورهان" وصديقتها "آية"، فإذا بثلاثة أشخاص يستقلون دراجة نارية اختطف أحدهم هاتفها المحمول وحاول التحرش بها وصديقتها فاستغاثت بالمارة.
تصادف ذلك مع عودة الرائد أحمد أبوالدهب، يعمل في شرطة نجدة الجيزة، إلى منزله بمنطقة بولاق الدكرور، وعقب مشاهدته للواقعة ركن سيارته، وأحبط محاولة السرقة والتحرش، لكنه أثناء المطاردة أطلق بلطجي عيار خرطوش عليه ليصيبه في رأسه، وتم نقله إلى المستشفى في حالة خطرة وتوفي متأثرًا بإصابته، وعُمره 38 سنة، يوم 26 سبتمبر 2013، وتم دفن جثمان الشهيد بمسقط رأسه في سوهاج.
وبعد 20 يومًا من البحث والتحري وفحص كاميرات المراقبة الموجودة في مكان الحادث، ومناقشة شهود العيان، تم ضبط المتهمين الثلاثة، يوم 13 أكتوبر 2013، واعترفوا بارتكاب الجريمة بدافع السرقة وإطلاق المتهم الثالث أعيرة نارية تجاه الضابط أدت إلى استشهاده خشية ضبطهم وأن الهاتف المحمول المستولى عليه، باعه الأول لشخص مجهول بمنطقة العمرانية.
وعقب تداول أوراق القضية في أروقة المحاكم نحو 6 سنوات، أصدرت محكمة جنايات الجيزة حكما بإعدام المتهمين شنقا، بتهمة القتل العمد والسرقة بالإكراه وحيازة أسلحة نارية دون ترخيص، ثم أيدت محكمة النقض حكم محكمة الجنايات بإعدام المتهمين الثلاثة، وفي 22 فبراير 2020، نفذت سلطات سجن استئناف القاهرة، حكم الإعدام ضدهم.
تغليط عقوبة
وقالت مني أمين جعفر، زوجة الشهيد الرائد أحمد أبوالدهب، لـ«بوابة الأهرام» إنها تطالب بأمرين في واقعة فتاة المعادي، استنادًا لما جرى في حادث زوجها، الأول هو ضرورة إجراء تعديل تشريعي رادع ومغلظ على أي متهم يرتكب جريمة ضد أنثى، بمعنى أن واقعة السرقة بالإكراه لو أن عقوبتها 7 سنوات على سبيل المثال، فمن الضرورة للغاية أن تغلظ العقوبة وتتضاعف إلى 15 سنة إذا ارتكبت ضد أنثى، وكذلك إذا ارتكبت جريمة القتل دون قصد جنائي ضد أنثى أو نتيجة ضرب أفضى إلى موت، فلابد من تعديل العقوبة من السجن المشدد أو المؤبد لتصل إلى الإعدام.
وأضافت "منى"، أن الأمر الثاني هو ضرورة تحقيق العدالة الناجزة في أسرع وقت حتى "تهدأ نار أسرة الضحية"، وطالما أن الكاميرات أوضحت الواقعة واعترف الجناة و"الاعتراف سيد الأدلة"، فمن الضرورة تنفيذ حكم الإعدام فورًا وعدم الانتظار خاصة أن واقعة زوجها حدثت في 2013، فيما التف حبل المشنقة على المتهمين الثلاثة في 2020، وهذه مدة طويلة للغاية وغير مريحة لأهالي المجني عليهم.
رعب وصداقة
وقال مصدر مقرب من "نورهان"، الفتاة التي تعرضت لواقعة السرقة بالإكراه والتحرش مع صديقتها، لـ«بوابة الأهرام»، إنها منذ الواقعة تعيش و«آية» في حالة رعب شديد، بدأ بتوجيه أهالي المتهمين تهديدات لهما أثناء نظر القضية بضرورة التنازل أو تغيير الأقوال حتى يتسنى لهم الإفلات من العقوبة، مشددًا أنهما حتى الآن يحتاجان إلى فترة من النقاهة النفسية.
وأوضح المصدر ـ الذي فضل عدم نشر اسمه ـ نظرًا لحساسية الأمر ورغبتهما في عدم التواصل مع وسائل الإعلام، حسبما ذكر لـ"بوابة الأهرام"، أن الفتاتين وقت نظر الجلسات، كانتا يبتعدان عن زوجة الضابط الشهيد بقدر الإمكان، اعتقادًا منهما أنها ستوجه لهما اللوم باعتبارهما السبب في وفاة زوجها.
وأشار إلى أنه مع الوقت أوضحت لهما زوجة الشهيد "أبوالدهب"، أنها فخورة بوالد أبنائها وأنه كان يؤدي واجبه، وأن حظهما السعيد صادف مرور زوجها الشهم وقت الحادث، وأنه في مكان أفضل، مضيفًا: "أصبحت الفتاتان بمرور السنوات صديقتين مقربتين للغاية من زوجة الضابط البطل".
نصائح لص تائب
فيما وجه (محمود. س) متهم سبق أن حصل على عقوبة السجن بسبب "سرقة الحقائب"، لكنه أعرب عن ندمه فيما بعد، واتجه إلى طريق "لقمة الحلال"، 3 نصائح إلى السيدات عبر "بوابة الأهرام"، لتفادي سرقة حقائبهن، الأولى هي السير عكس اتجاه السيارات، بمعني أن تسير مواجهة للسيارات.
وأضاف أن النصيحة الثانية هي السير أعلى الرصيف مع ضرورة اختيار أبعد نقطة عن نهر الطريق، والثالثة هي أن تمسك الهاتف المحمول في يدها لأن معظم المتهمين بسرقة حقائب السيدات يستهدفون "الهواتف المحمولة" خاصة أن ثمنها ربما يصل لبضعة آلاف من الجنيهات، وهو مبلغ غالبًا يكون في معظم الحالات أعلى بكثير من المبلغ المالي التي تحتفظ به داخل الحقيبة.