تعتبر حروب الجيل الرابع والخامس قضية شديدة الخطورة على أمن مصر، خاصة أن الأحداث التي شهدتها البلاد منذ عام 2011 كان هدفها تدمير أجهزة الدولة.
موضوعات مقترحة
وتمثل هذه النوعية من الحروب تطورًا في وسائل القتال من أجل تدمير الدول والقضاء عليها، حيث إنها تعتمد على وسائل الاتصال الحديثة ونشر الشائعات وتحطيم ثقة الناس في بعضها وقياداتها، وهو ما جعل حجم التحديات في مصر كبير للغاية.
قال اللواء الدكتور شوقي صلاح، خبير مكافحة الإرهاب وأستاذ القانون المساعد بأكاديمية الشرطة، إنه إذا اختصرنا الهدف من أي حرب بتحقق نتيجة مفادها "الإكراه على قبول إرادة العدو"، فإن المقصود بحروب الجيل الرابع، تلك الحروب التي تَستخدم فيها كل الوسائل والأدوات غير العسكرية المتاحة ضد الدولة العدو، لإضعافها وإنهاكها وإجبارها في النهاية على تنفيذ إرادتها دون تحريك جندي واحد، حيث تستخدم فيها آليات الإعلام والاقتصاد والرأي العام، وكل الادوات المادية والمعنوية بما فيها استخدام مواطني الدولة المستهدفة لتحريكهم ليفشلوا بلادهم بأيديهم.
وأضاف "صلاح" لـ"بوابة الأهرام"، أنه يأتي في مقدمة الوسائل المستخدمة في حروب الجيل الرابع: توظيف التنظيمات الإرهابية المتطرفة وتوجيها تجاه دولة معينة لاستخدام تكتيكات حرب العصابات لتحقيق الأهداف المراد منه، استخدام أدوات الحرب النفسية كالإعلام وأدوات الإنترنت وأهمها مواقع التواصل الاجتماعي لتحريك الرأي العام ودفع الجماهير للصدام مع أجهزة الدولة وقيادتها السياسية، استخدام الضغوط السياسية والاقتصادية.
وأوضح أن أجهزة الدولة حذرت في أكثر من مناسبة عن تعرض البلاد لهذا النوع من الحروب، لذا فهي معركة وعي، لكن يجب أن ننتبه إلى أن الحرب بالغة الخطورة ويجب أن تواجه بمنتهى الحرص والحذر، فمصر واجهت بعد ثورة 30 يونيو 2013 أكثر من نموذج من نماذج حروب الجيل الرابع في توقيت متزامن، فواجهت أخطر التنظيمات الإرهابية العالمية، ممثلة في داعش والإخوان وغيرهما، كما واجهت حرب الشائعات والفتن، إضافة لهذا واجهت مصر أدوات للضغوط الاقتصادية، ومحاولات متعددة لتوريطها في حروب على أكثر من جبهة لاستنزاف ما حققته من تقدم على المستوى العسكري والاقتصادي.
وأشار "صلاح" إلى أنه سبق وأعلن تنظيم داعش الإرهابي وبكل وضوح عن إستراتيجية الاستنزاف، خاصة في مواجهة الجيوش وقوات الأمن، والتي كشف عنها تسجيل مرئي لزعيم التنظيم السابق "أبو بكر البغدادي"، ونشر في 29 إبريل 2019، وحث فيه مقاتليه على اتباع هذا الأسلوب، وهو ما تُرجم بالفعل من خلال إعلان مؤسسة البتار الإعلامية التابعة للتنظيم عن انطلاق ما يعرف بـ "غزوة الاستنزاف"، وذلك في الأول من يونيو 2019.
ونبه إلى أن إستراتيجية الاستنزاف هذه ليست بالجديدة، فقد سبق لداعش اتباعها تحت مسمى "النكاية والإنهاك" ففي المناطق التي لا يستطيع التنظيم أن يسيطر فيها على الأرض بشكل كامل لوجود قوات مسلحة قوية وقادرة على إلحاق الهزيمة بعناصره، فيقوم عوضًا عن السيطرة على الأرض بعمليات متنوعة باستهداف قطاعات مختلفة، معتمدًا على أسلوب الهجمات الخاطفة والاختفاء، الأمر الذي يُنهك قوى الجيش والأمن، وهو عين ما حاول فعله في سيناء وفشل.
وحذر "صلاح" من محاولات يائسة يقوم بها الخونة من عملاء تنظيم الإخوان في تركيا وقطر، حيث يستغلون المنصات الإعلامية التي تتحها لهم دولتي التآمر ليشوهوا كل إنجاز تحققه الدولة المصرية، بل ويحاولون إحداث الوقيعة بين الجمهور المصري وقيادته السياسية وحكومته، ولعل أكثر أدوات الخونة تأثيراً إنما تعتمد على الضغوط التي فرضها ضرورات الإصلاح الاقتصادي، وبدأت الحكومة بالفعل في الاتجاه نحو تخفيف تلك الضغوط.