"مسطول ولا جزار".. دقت عقارب الساعة، وبدأت جريمة جديدة في ملفٍ لم يغلق بعد، رغم المحاولات العديدة التي اتخذتها الدولة في تقنين تلك المركبة "التوك توك" التي شابهت في مفعولها الفيروس الذي أصاب الكثير من البيوت المصرية، لدرجة أن أصبحت الجرائم الجنائية التي تُركب بسببها كثيرة ومتنوعة في خطواتها لكن غرضها دائمًا واحد.. "السرقة بالإكراه المؤدية إلى القتل".
موضوعات مقترحة
في واحدة من الجرائم التي تم ارتكابها بسبب "التوك توك"، مساء أمس، الضحية طفل لم يتجاوز الـ14 من العمر، الابن الثاني لأسرة بسيطة تقطن بإحدى قرى البدرشين في محافظة الجيزة، خرج ولم يعد في مساء تلك الليلة التي أصبحت حديث أهالي القرية، لكن في صباح اليوم الثاني تم العثور علي جثة الطفل أسفل "كوم قمامة" مشنوقة وتم إشعال النار بها.
انتقل محرر "بوابة الأهرام" إلي مواقع الجريمة، للوقوف على تفاصيلها، التي ارتُكبت بدمٍ بارد، في عتمة الليل، ومعرفة الحكاية كما ذكرها الأهالي وجيران المجني عليه والجاني.
مندوب الأهرام يستمع لأحد أهالى القرية
"الاثنان من القرية.. الجاني ثلاثيني، المجني عليه طفل صغير".. بتلك الكلمات بدأ "أبو باسم" صاحب ورشة "كاوتشوك سيارات" حديثه، مشيرًا إلي أن المجني عليه ثلاثيني العمر، عاطل، صاحب العديد من السوابق والمشكلات داخل القرية، و"كان مصلي معانا الجُمعة، وطول عمره بتاع مشاكل، ولكنه في فترة كان بيصلي الفرض، وبعد عن طريق المخدرات، وقبل الواقعة بفترة رجع تاني للمخدرات، وسمعنا باللي حصل للولد الصغير".
على مدخل القرية يوجد موقف لــ"التكاتك"، الكل يعلم بما وقع أول أمس، حيث قال "حسن".."مصطفي كان عيل بيشتغل على توك توك زوج أخته، علشان يجيب مصروفه، من حوالي ٣ شهور بدأ يشتغل على التوك توك، وفي يوم الواقعة أبوه خرج من الشارع يدورعليه هو والجيران، وبعد ساعة، لقينا الجاني راكب التوك توك من غير المشمع _سطح التوك توك_ جرينا وراه ومسكناه، وبعد علقة موت، وبعدما تأكدوا من التوك توك، سلموه لكمين الشرطة اللي على أول القرية، وبدأ يتوه الشرطة علي المكان اللي رمى فيه الجثة، لحد ما اعترف على المكان، لقوا الجثة ملفوفة في مشمع التوك توك، ومتولع فيها".
مكان القاء جثة الطفل
داخل غرفة بإحدى منازل القرية، تجلس والدة المجني عليه، بجوار العديد من النساء المتشحات بالسواد، وقالت : "آخر مرة شوفته، وخرج فيها ومرجعش، كانت المغرب يوم الواقعة، قبلها كان مع أبوه بيزور جده في المقابر، رجع أكل وداخل نام ساعتين، وقام راح مشوار طلب لأخته، وقالي مش هغيب، هرجع الساعة 10، وفي الآخر مرجعش.. منه لله اللي كان السبب، منه لله حرق قلبي على الواد".
الكل يبكي، وهي احترق قلبها علي من مات، وتُكمل الأم حديثها.."الساعة واحدة بالليل خرج أبوه وعرفت بعدها بساعة بأنهم مسكوا الجاني وبيدوروا علي مصطفي، الساعة ٦ الصبح، عرفت أنهم لقوا جثة الواد مخنوقة جنب جسر الكوبري، والحكومة خدتها المشرحة، انا كان نفسي أشوفه لآخر مرة، ملحقتش أفرح بيه، راح مني بسبب التوك توك ، كنت بسمع باللي كان بيحصل بسببه، لكن مكنتش اتخيل إن المرار اللي بيجي بسببه، صعب أوي كده".
منطقة اكتشاف جثة الطفل
"جثة ملفوفة في مشمع التوك توك، ومتولع فيها، عند كوم الزبالة، وجدتها الشرطة الساعة 6 الصبح، في المنطقة اللي باجي اشتغل فيها كل يوم الصبح بدري"..قالها "أبو شهد" أحد جامعي القمامة، يعمل في تلك المنطقة _مكان الواقعة_ خلال حديثه، عن تفاصيل الواقعة، مضيفا أن تلك المنطقة تقع بجوار قطعة أرض زراعية ملك أقارب الجاني.
بجوار القمامة، أسفل الطريق الرئيسي للقرية، تم العثور على الجثة محترقة داخل مشمع التوك توك، وتم العثور على آثار خنق، وطعن، وآثار تعدٍ بالضرب، خلال المناظرة الأولية لها، وأشار أحد الأهالي الى أن الجاني طلب من المجني عليه توصيله إلي أحد الأماكن، وقام بالتعدي عليه بالضرب، وخنقه، وإلقاء الجثة داخل المشمع، أسفل الطريق ، وإشعال النيران بها، متوهمًا أنه بذلك يخفي معالم الجريمة_كما ذكر_ خلال اعترافاته بعد القبض عليه، أثناء قيادته للتوك توك، بدون الغطاء الخاص به، بعد ساعة من ارتكابه للجريمة، داخل القرية،ويتعرف زوج شقيقة المجني عليه علي التوك توك ملكه".
"كان بيتوهم علشان مسطول"..قال أحد أهالي القرية، إن الجاني كان يخفي مكان الجثة عن الشرطة لفترة من الوقت، من خلال اعترافه بأماكن أخرى، لكن في الصباح قام بإرشادهم إلى مكانها، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وإخطار النيابة التي أمرت بحبس المتهم ٤ أيام علي ذمه التحقيقات.