لطالما اعتبرني "إمام"، صديق عمره، فطوال سنوات، كنا نخرج معا في الصباح الباكر "علي باب الله"، للعمل في مواقع البناء، ونعود مع انحسار آخر شعاع للشمس، يذهب كلانا لبيته، ينفض عن نفسه الغبار المتراكم علي جسده طوال ساعات العمل، قبل أن نلتقي من جديد في منزل صديقي لنقضي جلستنا معا حتي منتصف الليل.
موضوعات مقترحة
كنت وصديقي نجلس لساعات ندخن الحشيش، أو نتعاطي الأقراص المخدرة أمام التلفاز، ومن حين لآخر تطل علينا زوجته الشابة "حنان"، وهي ممسكة بصينية صغيرة عليها كوبان من الشاي أو النسكافية لي ولزوجها، ودائما ما انتظرت ذلك الوقت الذي تظهر فيه الزوجة الجميلة، وكانت إذا تأخرت كنت أطلب من "إمام" كوب شاي.. فيناديها قائلا: "إعمليلي أنا وعماد شاي".
لم أستطع أبدا أن أمنع نفسي من النظر بإعجاب لزوجة صديقي، كنت أحاول إخفاء نظرتي عنه، لكن "حنان" أحست بما يدور في قلبي، وبدورها بدأت ترسل لي نظرات الرضا من حين لآخر، أو للدقة فقد أعطتني الضوء الأخضر لأصارحها بحبي، وهو ما كان، ومن يومها نشأت بيننا علاقة عاطفية، وطوال عامين هو عمر علاقتنا أحببتها بصدق، وفكرت مرارا تكرارا في طريقة تجمعنا معا وللأبد.
مع الوقت تناسيت صداقتي بـ"إمام"، وأصبح هدفي هو زوجته، وكانت هي لا تدخر جهدا في بث سمومها برأسي، قائلة: "عايزين نخلص منه.. نفسي نبقي لبعض"، كانت تلك الكلمات تتلاعب بنفسي لأقصي الدرجات، حتي أصبحت أري صديق عمري عقبة في حياتي، وصخرة لا بد من أن أحطمها حتي أصل لحبي الوحيد.
ذلك اليوم تحدثت مع "حنان" بكل صراحة "لازم نبقي مع بعض"، ردت ببساطة "الحل سهل"، وكان مرادها واضحا تماما لي، وحينها اتفقنا علي خطة محكمة وسهلة التنفيذ، وبعدها بعدة أيام نفذناها كما يجب.
وصلت لمنزل صديقي كعادتي، دخنا سيجارتين من الحشيش، ودسست له قرصين منوم في كوب النسكافيه خاصته، وبعدما غط في النوم حملته بمساعدة "حنان" ووضعناه على فراشه، وأمسكنا بمفرش ووضعناه علي وجهه بإحكام حتي تأكدنا من انقطاع نفسه تماما، غادرت لمنزلي وأنا في قمة قلقي، فمازال الجزء الصعب لم يبدأ بعد، وهو في يد "حنان"، لكنها كانت قوية بما يكفي لتتم الخطة بأحسن ما يكون.
نامت حنان بجانب زوجها "الميت"، واستيقظت في اليوم التالي لتذهب لعملها فهي عاملة نظافة بالمستوصف الطبي، وبعد عودتها وفور دخولها المنزل بدأت في الصراخ بشكل هيستيري، لتعلن خبر وفاة زوجها، تجمع الأهل والأصدقاء، وبدأت إجراءات دفن الجثة، وحينها فحص مفتش الصحة الجثة فلم يجد ما يدل علي جريمة القتل، وبالفعل صرح بالدفن.
لم أحزن لحظة علي صديقي، فبعد انتهاء مراسم دفنه عدت لمنزلي وأنا أتراقص فرحا، فأخيرا سأحصل علي "حبيبتي" وأكون معها للأبد.. لكن يبدو أن تلك الحرباء خططت لأبعد بكثير من قتلنا زوجها.
مرت فترة الحداد وتلقي "حنان" العزاء، حاولت التواصل معها لكنها كانت تتهرب مني في كل مرة، لا أعرف ماذا حدث، فكرت كثيرا فيما اقترفت لتبعد عني، لكني لم أصل لشيء، لأدرك الحقيقة بعد أكثر من شهر لقتلي صديقي، فهي لم تكن تحبني علي الإطلاق، استغلتني فقط لأقتل صديقي، ويبدو أنها تريد شخصا آخر، وأنا كنت مجرد أداة في يدها لتصل لما تريد.
أصابني الأمر بإحباط شديد، حزنت من قلبي لما فعلت بي، فأنا تخليت عن كل شئ لأصل لها، خنت صديقي وقتلته في سبيل حبي لها، ولو عاد بي الزمن لكررت فعلتي من جديد، لكن تلك الشيطانة أغوتني وتركتني مع أثامي وحيدا.
لم أستطع بعدها السيطرة على نفسي ونسيت عواقب ما اقترفت، فكنت أجلس مع أصدقائي في المساء ندخن الحشيش ونتعاطي المخدرات، وتخرج مني الكلمات دون رقيب، حتي قلت في إحدى المرات أمام أصدقائي "أنا قتلت إمام عشان مراته كانت عشيقتي"، فنقل أحد الموجودين كلامي لشقيقه، ليخبر الشرطة عن جريمتي بعد مرور قرابة شهرين على تنفيذها، وبعدما ظننت أنني أفلت من العقاب.
من جديد اجتمعت مع "حنان" في النيابة العامة، قررت الانتقام منها واعترفت بتفاصيل علاقتي بها، وبقتلنا الزوج المخدوع.. وأجبت على سؤال المحقق في الجريمة قائلا: "نعم.. أنا القاتل".
*تجدر الإشارة إلي أن القصة عبارة عن سرد تحليلي مبني علي أقوال الجيران والشهود وتحقيقات النيابة العامة، في القضية التي وقعت أحداثها بمنطقة البدرشين هذا الأسبوع وانتهت التحقيقات إلي حبس المتهمين علي ذمة التحقيقات، لاتهامهم بالقتل مع سبق الإصرار والترصد.