Close ad

حكم بعدم دستورية المادة الخاصة بـ"أمين التفليسة" فى قانون التجارة

4-11-2017 | 13:37
حكم بعدم دستورية المادة الخاصة بـأمين التفليسة فى قانون التجارة المحكمة الدستورية العليا
شريف أبو الفضل

قضت المحكمة الدستورية العليا، فى جلستها المنعقدة اليوم السبت برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بعدم دستورية البند رقم "4" من المادة "624" فى قانون التجارة، الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، الخاص بأمين التفليسة فى حالة الإفلاس. 

موضوعات مقترحة

وقالت المحكمة، فى حيثيات حكمها، إن المشرع يهدف من تقرير نظام الإفلاس، فى إطار قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، إلى وضع نظام محكم لتصفية أموال المدين المفلس، وتوزيعها بين دائنيه توزيعا عادلا، ينال به كل منهم قسطا من دينه، دون تزاحم أو تشاحن بينهم، فضلا عن تزويدهم بالوسائل القانونية الكفيلة بتمكينهم من المحافظة على أموال مدينهم، وإبطال التصرفات التى تصدر منه، بعد اضطراب مركزه المالى؛ عن رغبة في تبديدها أو إقصائها عن متناولهم، وفى الوقت نفسه رعاية المدين بالأخذ بيده، وإقالته من عثرته متى كان إفلاسه غير مشوب بتدليس أو تقصير، مع قصر التجريم على التفالس بالتدليس أو التقصير، وذلك كله بقصد تقوية الائتمان وتدعيم الثقة فى المعاملات التجارية.

وهو ما أدى بالمشرع إلى تنظيم المسائل المتعلقة بتعيين أمين التفليسة، واختيار أحد قضاة المحكمة قاضياً لها، من أجل حسم المنازعات التى تثار خلال سير إجراءات التفليسة على وجه السرعة؛ بما يحفظ للدائنين حقوقهم، ويمكن المدينين من سداد ديونهم، استقراراً للمعاملات وحماية للاقتصاد القومى. كما استحدث المشرع فى قانون التجارة المشار إليه نظام مراقب التفليسة؛ وهو أحد الدائنين، لضمان الرقابة الفعلية والجادة على أعمال أمين التفليسة.

وأضافت المحكمة أن حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور، صونًا للحرية الشخصية التى لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التى ينبغى أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائن يُحمل على ما لا يرضاه.

وتابعت المحكمة: أن حرية التعاقد فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فهي كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التى ترتبها العقود - المبنية على الإرادة الحرة - فيما بين أطرافها؛ بيد أن هذه الحرية - التى لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها - لا تعطلها تلك القيود التى تفرضها السلطة التشريعية عليها، بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها أنواعا من العقود محددًا بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التى تباشر فيها الإرادة سلطانها، ولا أن تخلط بين المنفعة الشخصية التى يجنيها المستأجر من عقد الإيجار - التى انصرفت إليها إرادة المالك عند التأجير - وبين حق الانتفاع كأحد الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية.

وأشارات المحكمة إلى أن النص المطعون فيه أنشأ حقوقًا - بعيدة فى مداها - منحها لأمين التفليسة، واختصه دون مسوغ، واصطفاه فى غير ضرورة بتلك المعاملة التفضيلية، متجاوزًا بها الشرط المانع من التنازل أو التأجير من الباطن، بما يلحق بالمؤجر وحده الضرر البين الفاحش، حال أن دفع المضرة أولى اتقاء لسوءاتها وشرورها، ولأن الأصل حين تتزاحم الأضرار على محل واحد، أن يكون تحمل أخفها لازماً دفعا لأفدحها، ولا ينال من ذلك أن النص المطعون فيه قد رهن ممارسة أمين التفليسة وقاضيها هذه السلطة الفعلية الممنوحة لهما بعدم الإضرار بالمؤجر، إذ لم يحدد الجزاء على مخالفة هذا الالتزام.

كما خلا التنظيم الذى أتى به المشرع من تحديد وجه المصلحة الجدية المبررة له، وافتقد الضمانات التى تكفل حقوق المؤجر الناشئة عن عقد الإيجار، وتحقق التوازن بين أطرافه، وكان ينبغى - من ثم - أن يترسم النص المطعون فيه تلك الضوابط التي تتوازن من خلالها العلائق الإيجارية، بما يكون كافلاً لمصالح أطرافها، غير مؤد إلى تنافرها، ليُقيمها على قاعدة التضامن الاجتماعى التى أرستها المادة "8" من الدستور، وهى بعد قاعدة مؤداها وحدة الجماعة فى بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها ببعض ليكون بعضهم لبعض ظهيرًا، فلا يتفرقون بددًا، أو يتناحرون طمعًا، أو يتنابذون بغيًا، وهم بذلك شركاء فى مسئوليتهم قبلها، لا يملكون التنصل منها، أو التخلى عنها، وليس لفريق منهم بالتالى أن ينال قدرًا من الحقوق يكون بها - عدوانًا - أكثر علوًا، ولا أن ينتحل منها ما يخل بالأمن الاجتماعى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: