يبقى قانون الرؤية عدو الآباء، الذين أجبرهم عدم التوافق مع زوجاتهم على الانفصال، ليظل الأطفال بعيدا عن آبائهم، ولا يخرجون عن حضانة أمهاتهم إلا لبضع ساعات أسبوعية في مكان عام، بعيدا عن الأجواء الأسرية.
موضوعات مقترحة
ويطالب آباء من وقت لآخر، مجلس النواب، باعتباره صاحب السلطة التشريعية، تقديم مقترحات جديدة، من شأنها تعديل بنود الرؤية التي يصنفونها -وفقا لرؤيتهم- على أنها مجحفة، وظالمة لهم.
ويتيح القانون القائم للأب بعد الانفصال، رؤية طفله لمدة لا تتجاوز الساعتين أسبوعيا، وفي أحد الأماكن العامة مثل النادي، وذلك الحق لا يكتسبه الوالد بعد الانفصال، ولكن كي يحصل عليه، يكون لزاما عليه أن يرفع دعوى رؤية أمام المحكمة، وإذا حكمت المحكمة لصالحه تصرح له برؤية الطفل.
ووفقًا للقانون الحالي، فإن حكم الرؤية يصدر للأب دون باقي الأقارب المقربين، سواء الأعمام أو الجد أو الجدة، وان تحتفظ الأم بحق الحضانة المعمول به حاليا، الذي يستمر حتى بلوغ الولد سن الـ15 عاما، وبلوغ البنت 18 سنة، أو حتى سن الزواج، حيث يتيح للأبناء عند بلوغ هذه السن أن يستشاروا، وعليهم أن يختاروا إما البقاء مع الأم أو الأب.
قال محمد نبيل الجمل، وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن اللجنة تلقت خلال دور الانعقاد السابق تعديلات متعلقة بحق الرؤية، تضمنت تغيير مسمى "الرؤية" لتصبح "الاستضافة".
وشدد "الجمل" أن المقترحات لم تناقش حتى الآن، ولن تتم مناقشتها إلا بمشاركة الأطراف المعنية للإدلاء بآرائها، وتوصياتها، خاصة أن إقرار تلك المقترحات تحتاج إلى حوار مجتمعي شامل، يضم جهات عدة من بينها المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، ومنظمات نسوية، وأسر متضررة من القانون القائم، وقضاة بمحاكم الأسرة وأساتذة فى مجال علم النفس والاجتماع.
وتضمنت المقترحات، التي جاءت على غير هوى منظمات نسوية عدة، أن يكون هناك استضافة لفترة زمنية، حتى يتعرف الطفل المتضرر من طلاق والديه، على أقاربه غير الحاضنين له، ويستمر ذلك حتى انتهاء سن الحضانة.
واشترطت التعديلات، أن تكون مدة الاستضافة يومين فى الأسبوع، إضافة إلى أسبوع فى إجازة نصف العام، وشهرا فى إجازة آخر العام، هذا غير المناسبات الرسمية، على أن يتم عقاب الطرف غير الحاضن، إذا احتفظ بالطفل، ولم يسلمه بعد الاستضافة، بالحبس مدة لا تقل عن ٣ أشهر، ولا تزيد على سنة.
ونصت التعديلات، على أن تؤول حضانة الطفل إلى الأب مباشرة، إذا تزوجت الأم من رجل بعد طلاقها من أبيه، وذلك بشرط أن يكون الأب قد تزوج، لتوفير من يرعى الطفل، إضافة إلى أن تؤول حضانة الطفل في حالة وفاة الأم إلى الأب مباشرة، بدلا من أن تستمر حضانة الأبناء للجد أو الجدة، ثم أم الأم، والخالة والأخت الشقيقة وغيرهن، ويظل الأب رقم ١٦ فى هذه القائمة، منتظراً دوره فى الحضانة فى حال وفاة الأم.
وقال ياسر حسانين، أحد الآباء الخاضعين لقانون الرؤية، إنه يعاني من تعنت طليقته في رؤية أطفاله، حيث إنه رفع دعوى رؤية، وتم تحديد "متنزها للأطفال" للجلوس معهم، مضيفًا بالقول: "رغم رؤيتي لهم بشكل غير أسبوعي، إلا أن طليقتي تتفنن في الحيل لمنعهم من الجلوس معي".
وأضاف ياسر، أنه في أحيان كثيرة، تحضر طليقته برفقة أطفاله إلى المتنزه، وتسجل اسمها ثم تتحجج بأنها تجولت بالداخل ولم ترني، وفي أحيان أخرى، تمتنع عن الحضور في المواعيد المحددة للرؤية، موضحا، أنه يثبت ذلك في الدفتر المخصص، وبناء عليه بدء في التجهيز لرفع دعوي قضائية تطالب بنقل حضانة الأطفال إليه، لكن محاميه أخبره أن الحضانة ستنتقل إلى والدة طليقته.
وأكد ياسر، أنه في المرات التي يري فيها أولاده لا يستطيع أن يصطحبهم معه خارج المتنزه، لأن القانون القائم لا يسمح له ذلك كما أن عيون الأم تظل تراقب تحركاتهم.
فيما قالت المحامية دينا عدلي حسين، إنه من خلال قضايا الأسرة التي تولت توكيلها، فإن الأزمة دائمًا تكمن في عدم الوصول إلى اتفاقات ودية بشأن الإنفاق المادي بين الطرفين، موضحة أنه في حال قيام الرجل بالإنفاق على طفله، سواء في مسكنه أو مآكله أو مشربه أو تعليمه أو رعايته الصحية وغيرها، فإنه سيكون هناك تراض في رؤية ابنه في أي وقت يريده، بل ويصل الأمر أحيانا إلى استضافة الأب لطفله لبضعة أيام بموافقة طليقته.
وأضافت دينا، أن الذي يغلب على طبيعة العلاقة بين الزوجين بعد الطلاق هو مبدأ "المعاملة بالمثل"، بمعني أنه إذا أنفق الرجل على طفله فإنه سيجد تساهلا بلا حدود في رؤيته، موضحة، أنه يوجد حالات عديدة في المجتمع تسلك هذا الطريق الإيجابي، لكن في الوقت نفسه، فإن معظم حالات الطلاق، يتبعها تعنتًا من جانب الزوج، من الناحية المادية في الإنفاق على طفله.
وأوضحت، أن ذلك التعنت يتبعه قرار المطلقة برفع دعوى نفقة، لإلزام طليقها بالتكفل بمصاريف طفله، غير أن الرجل في تلك الحالة، يطلب من محاميه أن يقدم شهادات تثبت أنه غير قادر ماديًا، وحالته المادية ضعيفة، بل ويعطي محاميه أموالا طائلة لتقديم المستندات الدالة لذلك، ويستخسر دفع مليم لطفله.
وأكدت "دينا" أنه بزيارة سريعة إلى حديقة الطفل في مدينة نصر كمثال، سيتضح أن أمهات يذهبن برفقة أطفالهن لكن آباءهم لا يحضرون، وهو سلوك منطقي منهم في ظل الامتناع عن دفع نفقات معيشة أطفالهم.
فيما قال المستشار رفعت السيد، الرئيس الأسبق بمحكمة استئناف القاهرة، إن القاضي على المنصة لا يشغل باله سوى تطبيق القانون، وأن عملية التعديل التشريعي من اختصاص البرلمان.
وأضاف الرئيس الأسبق بمحكمة استئناف القاهرة، أنه على المستوى الشخصي، يأمل في تقليل حالات الطلاق في المجتمع، والتي يكون الأطفال ضحيتها من الناحيتين النفسية والاجتماعية، موضحا أن الحل يكون من خلال استقراء الواقع، ودراسة ما نتج عنه من مشاكل وتقديم الحلول لها.
وطالب السيد، الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية، بتقديم دراسة وافية في ذلك الواقع الذي نعيشه، وأن تضع الحلول التي تتناسب وهذا العصر، خاصة أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، لكن الفارق في التفسير.