استقل "عم أحمد" سيارته الميكروباص في الصباح الباكر كعادته يوميًا، قاصدًا باب الكريم، يأمل أن يجمع جنيهات قليلة تساعده علي العيش، وتسد حاجات أسرته البسيطة، لكنه لم يكن يدري ما يخبئ له القدر، فقد انتهي يومه بأن عاد إلى بيته لا يستطيع الوقوف على قدميه، وسيارته التي يتكئ عليها كمصدر للرزق محطمة بالكامل.
موضوعات مقترحة
عدة ساعات من العمل المتواصل ينقل خلالها زبائنه من مكان لآخر بمنطقة منشأة القناطر في الجيزة، انتهت بحادث مروري أليم، نظر "عم أحمد" السائق الخمسيني إلى سيارته ومصابها بحسرة بالغة، لوهلة بسيطة لم يفكر في شيء سوي أن السيارة المهشمة هي مصدر رزقه الوحيد، حتى أنه تجاهل ذلك الخدر الذي يسري في قدمه اليسري، وتلك الدماء التي تتفجر من أصابع قدمه اليمني.
تجمع الأهالي بالمنطقة حول السيارة، ولاحظوا إصابة "عم أحمد" الخطيرة، نقلوه للمستشفى على الفور لتلقي العلاج اللازم، وهناك بدأ مسلسل جديد من المعاناة في حياة الرجل.
في أروقة النيابة العامة بشمال الجيزة جلس أحمد السيد، سائق ميكروباص، مستندًا إلى عكازيه وبجواره زوجته، ويروي مشكلته لـ"بوابة الأهرام"، يقول إنه يعاني منذ 6 أشهر كاملة، كل ما يرجوه من الله هو أن يستطيع الوقوف على قدمه مجددًا، بدأ الأمر بحادث بسيارته الميكروباص، نقل على إثره لمستشفى "مبارك" بمنطقة منشأة القناطر، لم يكن المستشفى مناسبًا لحالته، نظرًا لصعوبتها، فأجريت له الإسعافات الأولية، وتم تحويله إلى مستشفى أوسيم، وهناك بترت 3 من أصابع قدمه اليمني، نظرًا لتضررها الشديد من الحادث، وتم تجبير قدمه اليسرى، على أن يجري أشعة "رنين مغناطيسي" للكشف عن مدى تضرر الركبة اليسرى.
يضيف "عم أحمد" أن الأشعة أفصحت عن وجود شرخ فى الركبة اليسري، واستدعت إصابته تدخلاً جراحيًا عاجلاً، وتركيب شريحة داعمة للركبة، لكن الألم لم يسكن مع الوقت، حاول مرارًا أن يخطو على قدميه لكن دون طائل، فالألم رهيب، من جديد عاد إلى المستشفى، لعله يجد العلاج، وهناك قابله طبيب شهير بالمنطقة يدعى "سامي. ع"، وبالكشف الطبي عليه أخبره أن الفريق المعالج في المستشفى تسبب في إصابته بعدوى ميكروبية في القدم، ويحتاج لعملية تنظيف أخرى، وطالبه بزيارته في المركز الطبي الخاص به في المنطقة لإجرائها.
توجه السائق الخمسيني إلى المركز الطبي وأجرى عملية تنظيف القدم، بعد فتح العملية من جديد علي يد الطبيب الشهير، لكن المفاجأة بعد عدة أيام ومن خلال التحاليل الطبية، تبين وجود "صديد"، وأن عملية التنظيف لم تؤت ثمارها، مرة أخرى طلب الطبيب إعادة فتح العملية لتنظيفها وباءت أيضًا بالفشل.
واستطرد "عم أحمد" حديثه قائلاً، "كل شوية يتكتبلى علاج وأدوية بالشيء الفلاني، وأنا مش لاقي جنيه أتعالج بيه" هكذا يصف "عم أحمد" معاناته في رحلة علاجه الشاقة، وتابع أنه لم يطلب من الطبيب الشهير شيئًا سوى معالجة قدمه، حتى يستطيع السير عليها مرة أخرى، لكنه فوجئ بالطبيب يوبخه ويخبره أن إصابته بمرض السكر هي سبب الإصابة، لكنّ تحليلاً جديدًا كشف كذب ادعاء الطبيب، وفي النهاية حرر محضرًا برقم 3630 يتهم فيه الطبيب بالإهمال الطبي، وطلب عرضه على الطب الشرعى، لتوقيع الكشف الطبى عليه، ومعرفة دور الطبيب فيما يعانيه من آلام.
يتابع السائق، أن سيارته ما زالت "مركونة عند السمكري"، تحتاج لإصلاحات تتجاوز قيمتها 20 ألف جنيه، وهو لا يستطيع حتى متابعتها، بينما يقاسي الأمرين في سبيل علاجه، كما أن السيارة هي مصدر رزقه الوحيد، ولا يجد هو وأبناؤه في ظل حالته الحالية ما يسد جوعهم في بعض الأيام.
تغالب الرجل الخمسيني دموعه فتغلبه وتتسلل من عينيه رغمًا عنه، بينما يتحدث عن محاولة التصالح مع الطبيب مقابل علاجه فقط، فهو لم يساومه من أجل المال أو غيره، إنما كل ما يريده هو أن يسير على قدميه من جديد، ليجد الطبيب الشهير، قد ألقى إليه 15 جنيهًا، وقول له "دول تمن التوك توك.. اتنازل عن المحضر وبعد كده نتكلم"، أحس الرجل بإهانة شديدة، نتيجة تصرف الطبيب ويقول "أنا مش رايح أشحت منه ولا عايز منه حاجة غير إني اتعالج".
وينهي السائق الخمسيني حديثه بأنه يأمل في أن يرزقه الله بحل لمشكلته، وأن يتمكن من الحصول على حقه من خلال القانون، مؤكدًا أنه لا يريد شيئًا سوى أن يسير مرة أخرى ليستطيع العودة إلى عمله.
#