أطلقت مصر اليوم برنامجها الوطني للسلامة المرورية ضمن عشر دول مختارة لمشروع "السلامة على الطرق، وذلك تأمينًا لمعايير الصحة العامة لتجنب إصابات الحوادث والتخفيف من تداعياتها، ومواكبةً التوجُّه العالمي لتعزيز الثقافة المرورية، وتلبيةً للأولويات الإقليمية للحدِّ من حوادث الطرق، ومصر الدولة الأولى إقليمياً التي يطبَّق فيها المشروع، أعلن ذلك اليوم بمعهد التدريب القومي بوزارة الصحة والسكان، خلال احتفال بحضور ممثلو جميع الجهات المشاركة وخبراء دوليون وخبراء منظمة الصحة العالمية.
ولتلك المشكلة ملامح خاصة في مصر، إذ إنها أكثر وقوعًا بين الذكور عنها بين الإناث بنسبة 76% و26% على التوالي. ويمثّل الشباب وصغار البالغين الفئة الأكبر بين ضحايا الحوادث المروريه، مما يشكل خسارة فادحة في الفئة العمرية الأكثر إنتاجية في المجتمع، الأمر الذي يعرِّض المجتمع لخسارة الحاضر والمستقبل معاً. والمؤسف أن 50% من الوفيات تقع بين عائلي الأسر في المرحلة من 15 إلى 44 عاماً مما يرسم بُعداً اجتماعياً خطيراً للمشكلة.
كما أن للمشكلة وجهها الاقتصادي المفزع، إذْ تكلف الدول ذات الدخل المنخفض والدخل المتوسط (ومن بينها مصر) ما بين 1%إلى 2% من الناتج القومي الإجمالي أي أكثر من مجموع المساعدات التنموية الدولية التي تحصل عليها هذه الدول.
ومشروع "السلامة على الطرق - RS10"، مبادرة دولية، وتعمل في إطارها لجنة قومية من الوزارات المعنيَّة، مثل وزارات النقل، والداخلية، والصحة والسكان، والتعليم، والتعليم العالي، والإعلام، فضلاً عن هيئات ومنظمات أهلية، وكذلك الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وتتعاون مع هذه الجهات لجنة دولية تنسِّقها منظمة الصحة العالمية، وتمولها مؤسسة بلومبرج.
ويهدف المشروع الذي سيطبَّق في تسعة بلدان أخرى هي روسيا وتركيا وكينيا والمكسيك وفيتنام وكمبوديا والصين والهند، إلى رفع مستوى الأمان على الطرق من خلال التصدِّي لمشكلة السرعة وتعزيز استخدام أحزمة الأمان.
وقد بدأت الأطراف المشاركة ومعها لجنة التنسيق عملية الإعداد لتطبيق المشروع في مصر منذ أشهر، وأثمر عملها الحثيث حتى الآن عن وضع 16 جهازًا لكشف السرعة (الرادار) على الطريق الدائري، وفي غضون أسبوع واحد انخفض عدد مخالفات تجاوز السرعة من 40 ألف مخالفة إلى 4 آلاف مخالفة فقط على هذا الطريق. ويستهدف المشروع مبدئياً محافظتي القاهرة والإسكندرية على أن يعمَّم تدريجيًا على سائر المحافظات.
ومن الأهداف الهامة الأخرى للمشروع التأكُّد من تطبيق التشريعات والقوانين الخاصة بالسلامة على الطرق، ورفع مستوى إدارة البيانات والمعلومات من خلال التنسيق بين كافة الجهات المعنية.
ومن ملامح مشكلة التصادمات على الطرق في مصر أيضاً أنها، على عكس الاعتقاد الشائع، تقع في الطرق الأقل ازدحاماً بالسيارات، مما يغرى هواة القيادة بسرعه كبيرة، وهذا ما يتسبَّب في ازدياد نسبة الحوادث في الاجازات ، وخصوصاً الجمعة، وفي ساعات الصباح الباكر وفي المحافظات قليلة الكثافة السكانية مثل جنوب سيناء.
ومن شأن التصدِّي لمشكلة السرعة وتحقيق الأمان على الطرق أن يعود بفوائد كبيرة على الاقتصاد، فهو يعني توفير جانب لا يستهان به من الإنفاق الطبي، والإنفاق لتعويض التلفيات والخسائر، والإنفاق لإعادة التأهيل، والأمر الأهم هو إنقاذ الأرواح التي تُزهق في الحوادث على الطرق.