وصف الخبير العالمي المصرى فى التأمين الصحى، ومستشار التخطيط الصحى للولايات المتحدة الأمريكة، الدكتور سمير بانوب، الوضع الصحى فى مصر بـ"الحرج"، مؤكدًا أن وزارة الصحة المصرية تدار بـ"عشوائية".
جاء ذلك فى حوار خاص لـ"بوابة الأهرام" خلال زيارته الأخيرة لمصر، للمشاركة فى مؤتمر الجمعية المصرية لأعضاء الكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال، فى مستشفى الجلاء العسكرى، تحت رعاية رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي.
وأكد بانوب فى حواره أن الوزارة تحتاج لخطة دولة، وليس خطة وزير، تنتهى بتغيير وزارى، وجاء نص الحوار كالتالى:
•* في البداية كيف ترى وضع الصحي في مصر؟
** الوضع الصحة في مصر "كارثى"، وما حدث من مفاجأة لرئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب فى أثناء زيارته لمعهد القومي للقب، يجب أن يتوقع ذلك "ومش يتفاجىء".
•* إذن.. ما هي الأسباب التي تكمن وراء تراجع مستوى الخدمة الطبية في مصر؟
** يكمن وراء ذلك 4 أسباب، على رأسهم أن متخذي القرار دائما بيد الأطباء وكبار الأطباء، وهم لهم مصالحهم الخاصة ما عدا القليل منهم، حيث كلما ساء القطاع العام ازدهر القطاع الخاص الأمر الذي يعود عليهم بزيادة دخلهم.
ويجب أن تكون إجراءات الإصلاح الشامل هدف اساسي، وهنا يتطلب تغيير القرار من المنتفعين لممثلي الشعب، وهم من يمثلون المرضى من أعضاء البرلمان والنقابات، ومجالس المحافظات.
ويأتي السبب الثاني في وجود قصور وضعف في تعليم الأطباء، والتمريض ، والفنيين والإداريين، بشكل مستمر، ولا يتم ذلك بتخطيط وإدارة بأسلوب علمي.
ويتمثل السبب الثالث فى عدم تنظيم القطاعات التى تقدم الخدمة الطبية، وذلك يتطلب إعادة هيكلتها وتنظيمها.
بينما السبب الرابع والأخير، ضعف التمويل، ويجب على الدولة الوصول إلى نظام جيد تعالج من خلاله الغير قادرين.
* كيف نطبق قانون التامين الصحي الاجتماعي الشامل في مصر؟
** التأمين الصحى الحالى فاشل، ويسير بقرارات سياسية، وعشوائية، ولا يلتزم باى دراسات اكتوراية منذ بدء العمل به وحتى الآن، خاصة أنه لا يلتزم بمادى التأمين المتعارف عليها عالميا.
التامين الصحى الحالى مشترك به حوالى 60% من عدد السكان على الورق فقط، ولا يقدم لهم جميعا الخدمة، وأن فى حالة إضافة باقى الفئات الأخرى له "يبقى كارثة"، وأنه لابد من اصلاحه قبل إضافة له فردًا واحدًا.
وتتمثل آليات تطبيق قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل فى اصلاح القانون الحالى، ثم ضم باقى الفئات له، ثم تأتى مرحلة إقرار القوانين المنظمة لذلك، بينما للأسف فى مصر ما يحدث هو البدء من الخطوة الأخيرة وهو إقرار القوانين.
وتحتاج مصر لايجاد نظام جديد لدعم غير القادرين، خاصة أن نظام العلاج على نفقة الدولة يعد إهدار للمال العام ورفضته منذ بداية تطبيقه،
حيث انفق عليه حتى الآن قرابة 14 مليار جنيه، وهذا مبلغ ضخم كان يمكن الاستفادة منه أكثر من ذلك وتقديم خدمة أفضل لغير القادرين.
هل الامكانيات المادية تساعد فى تطبيق قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل؟
هناك دول كثيرة فى مستوى الاقصتاد المصرى مثل "سنغافورة وتايوان"، نجحت فى تطبيقه، ولكن اتبعت المبادي العامة لتطبيق قانون للتأمين الصحي،
التخطيط والإدارة للنظم الصحية، وللمنشآت الطبية،وتحسين مراقبة الجودة، والتعليم الجيد والمستمر للأطباء ومقدمي الخبرة.
بينما في مصر لم تهتم بهذه الأشياء، وكل الاهتمام يكون فى جمع الأموال والتجارة الطبية، والمظاهر الاعلامية، والسياسية.
* ما رأيك في المستشفيات أو الوحدات بمصر؟
** المستشفيات فى مصر غير مستخدمة بشكل جيد، ونسبة الاشغال لاتتعدي ٥٠%، وذلك يعد هدر للموارد، ولسنا فى حاجة لبناء مستشفيات جديدة، بل نحتاج إلى الاهتمام بصيانة المبانى الحالية والأجهزة.
أخطر ما يقابل الصحة في مصر هو المزج بين القطاع العام والخاص، وتحويل المرض من العام للخاص "لوقدرنا نقضى علي ذلك وعدم طلب من المريض أى فلوس عند تقديم الخدمةيبقي نجحنا".
وأضاف أن مشكلة الصحة فى مصر، ليست امكانيات مادية أو مباني بل تكمن في الإدارة والتنظيم.
ما رأيك فى تعدد الجهات المقدمة للخدمة الطبية؟
تعدد الجهات وراء تفكك الخدمة، ولا يساعد فى الوصول الاستخدام الأمثل، والحل سهل وهو أن ننشىء بكل مدينة مجلس للمستشفيات،
بحيث يعمل علي توفير كل التخصصات للوصول للاكتفاء الذاتي، وذلك يخفف الضغط علي القاهرة، "ومش من المعقول حتى الآن ننقل مرضي من المحافظات للعلاج في القاهرة رغم التقدم الكبير اللى وصل إليه العالم".
•* كيف تري تكليف الأطباء الجدد بالوحدات الصحية؟
** هذا سبب ضغف الرعاية الصحية الأولية، لأنه لم يؤهل، ما يحدث في العالم هو تدريب الطبيب على تخصص طب الأسرة بسشكل مستمر، كتخصص مثل باقي التخصصات فى الطب.
* أعرض لنا أهم ملامح الروشتة الطبية التي قدمتها للحكومة المصرية لاصلاح المنظومة الصحية في مصر؟
** تتضمن وضع سياسة صحية واستراتيجية طويلة المدي، لا تتغير بتغير الوزراء، ومبنية علي أسس علمية متبعة في الدول المتقدمة،
ويكون القرار بمعرفة مجلس أعلي للصحة، برئاسة رئيس الدولة أو نائبه أو رئيس مجلس الوزراء ، وعضوية وزراء الصحة، والسكان، والتعليم العالي، والتربية والتعليم، والبيئة، والري، وممثلي الشعب، والنقابات، والمحليات،
وليس كما يحدث حاليا مشاركة أساتذة الجامعات، أو عاملين بالقطاع الصحي فقط.
كما تضمن الروشتة خطة رفع الكفاءة الإدارية، والفنية للأطباء، والتمريض، خاصة الإدارين، بحيث نصل للإدارة المثلي للمنشآت الطبية والأجهزة الطبية المرتفعة التكاليف
أوضح أن المجلس يتبعه ٣ هيئات هامة، وهي هيئة التخطيط، والقوي البشرية، وهيئة الجودة، وهيئة الأدوية والأغذية، التى ستراقب توزيع وتصنيع وتسعير الأدوية والأغذية.
وتعتمد الروشتة على رفع الكفاءة الإدارية، وعمل نظام للتأمين الصحي، يغطي كل فئات المجتمع، فضلا لضرورة تحسين مستويات المراقبة الصحية، والصحة المهنية، والمياه، والصرف، وهذا أولي من مراقبة المستشفيات.
* كيف تري السياسة التى تتبعها وزارة الصحة؟
** ببساطة لا يوجد إدارة فنية بوزارة الصحة، وتعمل بنظام الإدارة الوقتية "العشوائية"، ورد الفعل، مما أسفر عن "وضع حرج ولابد أن يقف عن هذا الحد".
الزميل عبدالله الصبيحي خلال حواره مع الدكتور سمير بانوب