بعد أزمة فيروس كورونا التي أثرت على العالم، أظهرت الدول اهتمامًا كبيرًا حول كيفية التعافي في مرحلة ما بعد الجائحة التي أكدت أهمية أن تكون قضية تغير المناخ في قمة أولويات أجندة الدول واعتماد خطط التعافي الخضراء بما لا يكون له أثر سلبي على البيئة.
موضوعات مقترحة
وتُعد مصر من أوائل الدول التي ضمنت في برنامجها الاقتصادي خططا للتعافي الاخضر، والذي يظهر من خلال تعاون كل من وزارات البيئة والتخطيط والمالية لإدراج السندات الخضراء ضمن آليات التعافي الاقتصادية، وبدء إدماج المعايير البيئية فى الخطط الاستثمارية للوزارات لضمان استدامة موارد الدولة، والتوجه نحو القطاعات غير التقليدية في المجتمع لمساعدتهم على الممارسات المستدامة للعمل المناخي التي يجب القيام بها لتغير المجتمع وجعله أكثر مرونة.
وسعيا لترجمة خطط مصر في المجال البيئي خطوات عملية على أرض الواقع، وافق رئيس الوزراء مصطفي مدبولي على المقترح الخاص بعقد اجتماع مع المستثمرين فى مجال تحويل المخلفات إلى طاقة، لاستعراض الفرص الاستثمارية المتاحة، والتعرف على أى معوقات من الممكن أن تواجه الاستثمار فى هذا المجال، كما وافق على إعلان خطة الدولة للتعافى الأخضر، والتى تتضمن تطبيق معايير الاستدامة البيئية فى خطة الدولة الاقتصادية، وطرح الصناديق الخضراء، وكذا إستراتيجية البيئة الجديدة.
ولتعزيز إستراتيجية التعافى الأخضر، ركزت مصر على دمج معايير الاستدامة فى كافة عمليات التنمية وذلك من خلال مدخلين الأول هو العمل مع وزارة التخطيط لدمج معايير الاستدامة فى الخطة الوطنية والتى يتم تمويلها من موازنة الدولة والثانى هو العمل مع وزارة المالية لطرح السندات الخضراء؛ مما يشجع القطاع الخاص للدخول فى المشاريع الخضراء بهدف دفع التمويل الأخضر فى استثماراتنا الوطنية سواء كانت هذه الاستثمارات من موازنة الدولة أو شراكة مع القطاع الخاص.
الخبير البيئي د.مجدي علام، قال إن ثمة قطاعات معينة يجب أن تكون لها الأولوية في "تبنِي نهج التخضير أو الحفاظ على البيئة" مثل قطاعي النقل والطاقة"، مشيرًا إلى أن هذه الصناعات وحركة المرور تشكل المصادر الرئيسية للانبعاثات الضارة المسبّبة لتلوث الهواء على الصعيد المحلي
وأشار إلى أن هناك دولا طبقت سياسات لمعالجة لمثل هذه القطاعات منها فرض معايير مستهدفة لكفاءة استخدام الطاقة، ومعايير كفاءة استخدام الطاقة للشركات، ومعايير كفاءة الوقود للمركبات، وتغيير نوع الوقود المستخدم، وتكنولوجيا الإنتاج، وتسعير التلوث/الكربون إضافة إلى معايير الحد الأدنى للأداء للأجهزة مثل مكيِفات الهواء بالخير في المنطقة.
ونوه إلى أن العالم انشغل بإيجاد مشروعات جاهزة للتنفيذ لتدعم على وجه السرعة مرحلة التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا وتهيئة فرص عمل لكثير من الناس خاصة المشروعات التي تعمل على تخضير أنشطة ضارة بالبيئة وتوسيع نطاق مشروعات ناجحة للحد من التلوث
من جانبه أوضح الدكتور مصطفي حسين، وزير البيئة الأسبق، ومدير مركز بازل الإقليمي، أنه فى إطار اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر 2015 لأهداف التنمية المستدامة والإتفاق النهائى حول وضع حزمة من الأهداف الـ17، للانتهاء من تنفيذها بحلول 2030، يجرى حاليًا التشاور على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن آليات تنفيذ هذه الأهداف.
وأضاف أن الدول العربية مُلزمة بالتعامل مع المخلفات بكافة صورها، ومنعها من دخول البلاد، وفقًا لاتفاقية بازل الدولية التي سبق ووقعوا عليها، ونظرًا لما تمثله الإدارة الآمنة بيئيًا للكيماويات والنفايات الخطرة من علاقة عرضية وطيدة، اتجه المركز الإقليمي للتدريب ونقل التكنولوجيا بالدول العربية، إلي التركيز علي مخاطر النفايا بأشكالها المتعددة، مؤكدا أن الأمر يأتي في صميم عمله لإبراز أهمية إدماج البعد البيئى فى كل هدف من أهداف التنمية المستدامة لتمكين الجهات الفاعلة فى وضع إستراتيجيات لتحقيق الإدارة الآمنة للمواد الكيميائية والخطرة فى سياق أجندة 2030.
بدوره قال الدكتور محمد الزرقا، الخبير البيئي الدولي، إن الكيماويات لها بُعد اقتصادي كبير، فالصناعات الكيماوية عام 1967 وصلت نسبتها إلي 77 مليون طن، أما الأن فالنسبة قد ارتفعت بمعدل كبير لا يمكن تجاهله، مشيرًا إلي أن الإدارة الأمنة تحاول الوصول إلي التوازن بين استخدام الكيماويات، وبين تقبُل المخاطر التي قد تتسبب بها، قائلًا: لكي نديرها بشكل كامل، لابد من تحقيق توازن بين أهداف التنمية المستدامة التي وافقت عليها الدول وبين معدل الاستخدام، مضيفًا إلي أن الكيماويات تدخل ضمن قطاعات متعددة منها الصناعة والزراعة وخلق فرص عمل للشباب، يأتي هذا ضمن البند الخاص بالقضاء علي الفقر في أهداف التنمية المستدامة 2030.
من جانبه قال الدكتور سعد حسن عميد كلية العلوم جامعة عين شمس الأسبق، إن هناك مليون مادة كيمائية متداولة علي مستوي العالم، مؤكدًا أن حجم التعامل في الكيماويات يصل إلي 1.4 تريليون دولار سنويًا، ما قد يؤثر علي صحة البشرية ويسبب العديد من المخاطر والأمراض، مشيرًا إلى أنه تم الاتفاق دوليًا علي ضرورة وضع تعريف أو علامة علي العبوات التي تنتقل عبر الحدود، لتوضيح ماهية المادة؛ لمساعدة الجمارك في التعامل معها بشكل أمن ومنعها من دخول البلاد في حالة الحاجة لذلك،
وأكد أن هناك بعض المواد الكيمائية التي تدخل للدول و تسبب أمراض مُسرطنة وأخري جلدية، بالإضافة إلي مكانية حدوث انفجارات، كما جري في انفجار مرفأ بيروت الذي سبب دمارًا كبيرًا وخسائر فادحة في العاصمة اللبنانية.