يناقش العدد الجديد من مجلة الديمقراطية، الأزمة التي يشهدها العالم منذ ظهور فيروس كورونا المستجد، والتي يتوقع أن تعيد تشكيل خريطة حياتنا بسرعة مذهلة.
موضوعات مقترحة
هذه الأزمة التي بدأت في الصين، ثم انتشرت في معظم دول العالم، عصفت بالجميع، وعطلت الكثير من مظاهر الحياة كما عهدناها، فطغت على كل ما عداها، وتضاءلت بجانبها مشكلات اعتبرت قبل ذلك مستعصية. عوالم كاملة معطلة، حدود تغلق، دراسة تعلق، خطط تلغى، طرق للتواصل وللتعبير عن المشاعر تتوقف، صلوات تعطل، اقتصادات تتهاوى، والكل يحبس الأنفاس، ويأمل في تجنب الأسوأ، مع مراقبة نشرة الخسائر اليومية، وإصدار المزيد من الإجراءات الاحترازية المشددة.
في هذه الأجواء، فإن هاجس الجميع هو السيطرة على المرض، وإبطاء منحنى انتشاره flattening the curve، بينما تطرح أسئلة مهمة إلى جانب الإغاثة الطبية العاجلة، هدفها الإعانة الاقتصادية للفئات المتضررة، وهى إجراءات اتخذتها العديد من الدول بأشكال مختلفة. بينما الكل منغمس في الأزمة وما تطرحه من تحديات، حيث العزل، والإغاثة، والانتظار الحذر سيد الموقف، تطل بعض الأصوات المطالبة بضرورة التفكير بعيد المدى فيما تعنيه الأزمة من ضرورة للمراجعة.
فمن ناحية، تظهر الأولوية القصوى لتعزيز الاهتمام بالخدمات العامة مثل المستشفيات، والإنفاق على القطاع الصحى، وإعادة النظر في حقوق العاملين فيه، والذين أصبحوا خط الدفاع الأول في الأزمة، ويقع على عاتقهم جزء كبير من المخاطرة ومهام المواجهة. كما تفرض الأزمة إعادة الاعتبار لأهمية السياسات البيئية، والعمرانية، باعتبارها سياسات جوهرية وليست ترفا.
كذلك تخبرنا "صدمة كورونا" بضرورة مراجعة السياسات النيوليبرالية التي بدت وثيقة الصلة بعجز المنظومات الصحية، خاصة في أوروبا، عن مواكبة الضغط الرهيب للجائحة، وذلك بعد سنوات من سياسات التراجع في دور الدولة ومسؤوليتها عن القطاع الصحى.
ومن ثم فالأزمة هي فرصة مهمة لتصحيح المسار في المنظومة السياسية، والاقتصادية، والصحية، والبيئية السائدة.
ويتناول هذا العدد من مجلة الديمقراطية التحديات المختلفة التي يثيرها ظهور الأمراض الوبائية الجديدة، سواء من حيث ضرورة الاهتمام بالطب الوقائى، وجاهزية الدول المختلفة لمواجهة تحديات من هذا النوع، وأولوية الإنفاق الصحى وعلاقته بالعدالة الاجتماعية. كما تتناول المقالات التداعيات الاقتصادية التي تخلفها الأزمة خاصة على الدول النامية، والمسار الارتدادى الحالي عن سياسات العولمة، فضلا عن التاريخ الاجتماعى للأوبئة التي شهدها العالم من قبل. وتطرح مقالات الملف تداخلات قضايا الصحة والأمن، سواء من زاوية الأمن التقليدي، أو الأمن الإنسانى، فضلا عن دور الجيوش في مواجهة الأزمة الأخيرة، والذى أملته الطبيعة القهرية للأزمةـ التي تشبه في تداعياتها حالة الحرب.
ومن زاوية علم النفس السياسى، تتناول مقالات الملف مشاعر الخوف والفزع السائدة، وما يرتبط بها من سلوكيات نشهدها فى دول العالم المختلفة، لا تفرق بين ثقافات أو طبقات.
في نفس السياق، تتناول دراسة العدد الشراكة الممكنة بين الدول والقطاع الأهلى في مواجهة أزمات وكوارث من هذا النوع، والمساهمة التى قد تقدمها المنظمات غير الحكومية كشريك فى مواجهة الأزمات، ومدى إمكانية استدامة هذه الشراكة فى الأوقات الاعتيادية.
يضم العدد إلى جانب ذلك، مجموعة من الملفات الخاصة، منها ما يسلط الضوء على قضية صفقة القرن من خلال تقديم رؤية نقدية للوثيقة الأمريكية للسلام، وتطور المقاومة الفلسطينية بالتركيز على المقاومة المدنية واللاعنفية، وغيرها من المحاور. كما تضم المجلة قسما خاصا عن الكتابة التاريخية، وجذور مشكلاتها، وعلاقة التاريخ بالذاكرة، والعوامل النفسية والدوافع السيكولوجية للكتابة التاريخية.
ويضم قسم قضايا مصرية موضوعات متنوعة مع تركيز خاص على قضية المياه، خاصة السياسات المائية في رؤية مصر 2030، ومشروع قانون الموارد المائية. وأخيرا، وللمفارقة فإن قسم ثقافة الديمقراطية يضم موضوعات كانت تملأ الدنيا صخبا قبل أن تطغى قضية الفيروس على كل اهتمام، ومنها أغانى المهرجانات، وما تثيره من علاقة المركز بالهامش في الظواهر الفنية، ومسألة الذوق العام ومعايير تقييمه والحكم عليه.