منذ قيام ثورة 30 يونيو واتجهت الدولة نحو المشروعات القومية التي تدعم اقتصادها بصورة أو بأخرى والتي تعد سببا في دعم الانتاج وتوفير فرص عمل مختلفة للشباب المصري، وقد حصلت مدن القناة على الاهتمام الأكبر من هذه المشروعات يليها صعيد مصر.. وجاء مشروع الميناء الأخضر ضمن هذه المشروعات التي نظمت بمنطقة قناة السويس.
موضوعات مقترحة
فمنذ أن أُثيرت في الفترة الأخيرة أنباء عن استعداد الهيئة الافتصادية لقناة السويس لإنشاء أول ميناء أخضر في القاهرة السمراء، حازت هذه الأنباء على اهتمام إعلامي شديد نظرا لأهمية المشروع الإستراتيجية والقومية والاقتصادية والبيئية وبات محل اهتمام اهالي بورسعيد لما يعد من فرصة مناسبة لذويهم.
ولكن في الوقت نفسه لم تتجاهل الدولة الأبعاد البيئية للمشروعات التي تقوم بتنفيذها، حيث بات الضرر البيئي أمرا مرفوضا من قبل القيادة السياسية وخاصة في ظل عملها على تنفيذ خطة مصر 2030 والتي تتضمن الحد من التلوث والانبعاثات والسيطرة على ظاهرة التغيرات المناخية بما يضمن تحقيق معايير التنمية المستدامة.
هناك مجموعة من المحددات على رأسها دراسة تقييم الأثر البيئي.. ومعدل الانبعاثات الضارة.. ومدى الالتزام بالاشتراطات البيئية.. والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.. كلها تساؤلات وتطلعات في عقول خبراء البيئة حول مشروع الميناء الأخضر المصري تحت رعاية الهيئة الاقتصادية لقناة السويس..
وجدير بالذكر أن التزام مصر بمعايير التنمية وأهداف 2030، يجعلها ملتزمة بتطبيق الاشتراطات البيئية في أي مشروع خدمي كان أو استثماري في مراحل تنفيذه المختلفة..
فرص عمل متوقعة وعائد اقتصادي مرتفع:
يعد الميناء الأخضر من المشروعات الإستراتيجية التي توفر آلاف فرص العمل، التي سوف يستفيد منها أهالي سيناء بشكل مباشر وغير مباشر، كما أن من المتوقع أن يحقق عائدا اقتصاديا يتجاوز الـ20 مليار جنيه، هذا بالإضافة إلى أنه سوف يضع مصر على خارطة العالم في مجال الموانى الخضراء كما صرح الفريق مهاب مميش رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس في اكثر من مناسبة، وفي نفس الوقت لديه القدرة على اجتذاب استثمارات أجنبية، اهتم بمتابعته خبراء الاستثمار والاقتصاد والبيئة.
المعايير البيئية للميناء الأخضر:
وفي هذا الموضوع نعرض عددا من تساؤلات الخبراء والرد عليها وتوضيحها بصورة تؤكد حرص القيادة المصرية على البيئة والمواطن وأيضا تطبيق معايير التنمية المستدامة والاشتراطات البيئية بصورة دولية.
يقول الدكتور محمد الزرقا الخبير البيئي الدولي، تعليقا على تنفيذ القيادة المصرية لمشروع الميناء الأخضر بشرق بورسعيد، إن إنشاء الميناء الأخضر في مصر بالمواصفات العالمية وتكنولوجيا الجيل الرابع هو طفرة بيئية غير مسبوقة، ولابد وأن تقوم الشركة المسئولة عن تنفيذ المشروع بدراسة "لتقييم الأثر البيئي" طبقا لقانون البيئة المصري رقم 4 لعام 1994 و المعدل بالقانون رقم 9 لعام 2009 وهذا المتبع في جميع دول العالم للتأكد من أن المشروع لن يؤثر سلباً علي البيئة.
وأوضح الزرقا، أن من يقوم بمثل هذه الدراسة خبراء متخصصون طبقاً لنوع المشروع، و بناءً علي نتيجة الدراسة يتم الموافقة والتصريح بالتطبيق والتنفيذ على أرض الواقع أو طلب تعديلات أو إضافات قبل الموافقة والتصريح لإقامته، وهو ما قامت به هيئة قناة السويس قبل توقيع عقد المشروع وهو ما يثبت وعي الحكومة المصرية بكل الأبعاد، وحرص الهيئة الاقتصادية لقناة السويس على تنمية محور القناة بمواصفات عالمية تراعي البعد البيئي وتهدف للاستدامة الاقتصادية في الوقت نفسه.
وطالب الزرقا، بضرورة التأكد من أن كل المشروعات التي سوف تنفذ في محور قناة السويس قد أجريت لها الدراسات البيئية بواسطة أفضل الخبراء المتخصصين والمعتمدين وذلك لحساسية المكان كما حدث في هذا المشروع.. الذي حظي بثقة كبيرة نظرا لتاريخ الشركة المنفذة في تنفيذ هذه المشروعات في أوروبا وأمريكا منذ أكثر من 50 عام.
الميناء الأخضر فرصة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري:
وهو ما اتفق عليه، الدكتور عبد البر زهران، الخبير البيئي ، مشددا على أن الالتزام بالاشتراطات البيئية حسب المعايير المصرية والدولية في مثل هذه المشروعات سيكون إسهاما في تقليل نصيب مصر من انبعاثات الغازات الضارة، مشيرًا إلى أن منتدى القاهرة للتغيرات المناخية، بدوره، يرحب بكل الجهود التي تبذل في المشروعات الجديدة أيا كان القطاع الذي تنشأ فيه بان تتم مراعاة الاشتراطات البيئية.
وصرح الدكتور صابر عثمان مدير إدارة التغيرات المناخية بوزارة البيئة، إن هناك بعض التطلعات التي تجول بعقله حول تفاصيل الميناء الأخضر، وهي مدى اسهامات المشروع في الحد من معدلات الانبعاثات وحماية الكائنات الحية أسفل المياه، كما أنه يحافظ أيضا على عمق المياه، ويوفر على الدولة ملايين الدولارات في عمليات التكريك، نظرا لقدرة الأنظمة التكنولوجية في مثل هذه الموانى على التخلص من مخلفات الشحن والتفريغ بشكل آمن دون ان تنزلق داخل مياه القناة، هذا بالإضافة الى الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والطاقة الجديدة والمتجددة، التي تقوم استخدمات الموانى الخضراء عليها والتي توفر الوقود الأحفوري وفي نفس الوقت تقلل نسب التلوث بنسب عالية جدا .
مطالب بإنشاء محطة شمسية للميناء الأخضر:
وعن توفير الطاقة واستخدام طاقة نظيفة أثناء العمل على المشروع، يؤكد "عثمان"، أنه لابد وأن يكون هناك خطة لإنشاء محطة طاقة شمسية أو رياح لتوليد الطاقة اللازمة للميناء، وأن هناك اتجاها لإنشاء قطار كهرباء لنقل البضائع كونه الأسهل في عملية النقل والأرخص والأضمن بيئيا.
تفاصيل التكنولوجيا المستحدثة للميناء الأخضر:
وقال الدكتور خالد فهمي وزير البيئة السابق، إن الميناء الأخضر بشرق بورسعيد، معد بأحدث التكنولوجيات المتبعة عالميا وهي "iot" –أحدث تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة في إدارة أنظمة الشحن والتفريغ والتخزين وتداول البضائع ودخول وخروج السيارات- وهو ما سيحد من الآثار السلبية على البيئة وتربتها ومياهها وهوائها، مشددًا على أن قدرة مصر على تنفيذ مثل هذا النموذج المثالي الصديق للبيئة سيؤكد سيرنا بخطوات ثابتة لإرساء ثقافة التنمية المستدامة وبالتالي تحقيق خطة مصر 2030.
وأكد فهمي، أن الميناء يخصص مناطق محددة لتخزين كل بضاعة على حدى وفقا لطبيعتها وهو ما يفصلها أثناء التفريغ والتداول وهذا يعد الأفضل صحيا وبيئيا وفقا لخبراء البيئة، أما عن الصب غير النظيف، سيتم تخصيص مساحات معزولة لتخزينه وتداوله وسيحاط بأسوار خرسانية بارتفاع 12 مترا، بالإضافة إلى إحاطتها بمساحات خضراء واسعة وذلك للحد من الآثار البيئية السلبية.
مخاطر الشحن والتفريغ على الميناء:
ويستعرض وزير البيئة السابق، مخاطر التداول والشحن على الميناء: هناك انبعاثات متنوعة من غازي ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وملوثات الهواء الناتجة عن أنشطة الموانى والضباب الدخاني من الجسيمات الصغيرة العالقة بالجو وتشريب الخزانات وبالتالي تدمير الثروة السمكية وتصريف المياه العادمة والمياه الملوثة للسفن، والازدحام المروري أثناء حركة السفن وتلوث التربة والنفايات الصلبة والخطرة ، وهي تأثيرات تتزايد أثناء التعامل مع الصب –البضاعة الغير معبأة- فضلا عن التفريغ على المسطح المائي ( منطقة المخطاف ) نتيجة ازدحام الموانى وهو ما يعد كارثة بيئية بكل المقاييس حيث تتساقط البضائع المفرغة في المياه مما له بالغ الأثر على البيئة ومما يؤثر أيضا على غاطس الميناء ( عمق المياه ) الذي يكبد الدولة الكثير لإعادة منسوب المياه إلى وضعه الطبيعي وهو ما يعرف بعمليات التكريك، وهذا ما يميز الميناء الصديق للبيئة كونه مراعي لكل هذه الأبعاد وسيسعى إلى تفاديها.
تفاصيل توقيع بروتوكول إنشاء المينا الأخضر:
وكان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قد شهد مراسم توقيع عقد إنشاء أول ميناء أخضر في مصر في ميناء شرق بورسعيد على هامش منتدى إفريقيا 2018 الذي أقيم في مدينة شرم الشيخ وذلك بحضور الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس ورئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وسحر نصر وزيرو الاستثمار والتعاون الدولي، مع شركة سيسكو للموانى المتخصصة عقد تصميم وإنشاء وإدارة وتشغيل محطة عالمية متعددة الأغراض لميناء شرق بورسعيد بنظام BOT حيث تقام المحطة على رصيف طوله 900 م، وبعمق 18.5 م وإجمالى مساحة 400 ألف متر مربع بتكلفة استثمارية متوقعة 1.5 مليار جنيه، حيث يتم استخدام الرصيف لجميع أنواع البضائع والصب الجاف.
وما زال المشروع ينتظر موافقة البرلمان ليتم العمل عليه بصورة أكبر وتعم الاستفادة للجميع.