رئيس هيئة تعليم الكبار: القضاء على الأمية "أمن قومي".. ومعظم العمليات الإرهابية يقوم بها أميون

إستراتيجية للقضاء على الأمية قبل حلول 2030 بالتعاون مع التربية والتعليم

لدينا نماذج مضيئة حصلت على الماجستير والدكتوراه بعد محو أميتهم

دور الأحزاب غائب.. وهناك قصور شديد من المجتمع المدني في مشكلة الأمية.. وأطالب بتشريعات ملزمة لهم

وقعنا برتوكولات مع 14 جامعة وبعض الأحزاب السياسية لمواجهة المشكلة

"الجهل والأمية والفقر والمرض".. ثالوث تخلف أي أمة، وبالعلم تتقدم الشعوب والأمم وترتقي ويزداد وعيها، وبدونه تعيش في مستنقعات الفقر والمرض.

وفي بلد عرف بالقراءة والكتابة منذ آلاف السنين، يعيش نحو 29% من سكانها لا يعرفونها القراءة والكتابة، فالأمية لا تقل خطورة عن الإرهاب الذي يضرب مقدرات الأمم، ويمثل أهم روافده، والتصدي له يحتاج إلى إستراتيجيات واضحة المعالم وخطط قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

ومع بداية عام 2019، وقبل أيام من الاحتفال باليوم العربي لمحو الأمية، التقت "بوابة الأهرام"، د. عاشور عمري، رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار، للتعرف على إستراتيجية وخطة الدولة للقضاء على هذا المرض العضال، كما يتحدث عن إنجازات الهيئة خلال السنوات الأخيرة، والرد على الهجوم الذي تتعرض إليها والمطالبات بإلغائها وبعض الجوانب الأخرى.

وأشاد "عمري"، بدور مؤسسة الأهرام، كمنارة ثقافية كبيرة في مصر والعالم العربي، وبوابة الأهرام على إلقاء الضوء على قضية مهمة في ذلك التوقيت.. وإلى نص الحوار:

ما هي خطة الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار خلال 2019؟

لدينا خطة إستراتيجية تتوافق مع الخطة مصر لتنمية المستدامة 2030، وهي التي انطلقت في عام 2014، ومستمرة حتى 2030، وبعد تولي منصب رئيس الهيئة، منذ 6 أشهر طلب مني وزير التربية والتعليم، د. طارق شوقي، تدعيم الخطة وتحديد أوجه القصور، ومتابعة ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية، ووضع خطط جديدة بحيث نعجل من سرعة القضاء على الأمية في مصر قبل عام 2030.

وما هي محاور تلك الخطة؟

محاور الخطة تسير في 3 اتجاهات متوازية؛ المحور الأول، سد منابع الأمية، وفي هذا المحور تلعب وزارة التربية والتعليم، دورا مهم جدًا.

والمحور الثاني، القضاء على الأمية؛ من خلال فتح فصول لمن لا يعرف القراء والكتابة، ونستهدف فيها فئتين الأولى الذين لم يلتحقوا بالتعليم من الأصل، وتكون مدة الدراسة من 6 إلى 9 أشهر، والفئة الثانية، من تسربت من التعليم ولديها بعض مهارات القراءة والكتابة، وتكون مدة الدراسة لهم 3 أشهر فقط، لمحو أميتهم.

والمحور الثالث، هو مواصلة التعليم بعد محو الأمية، بحيث من يحصل على شهادة محو الأمية نتيح له فرص الالتحاق بفصول تنشيطية تكميلية تؤهلها للالتحاق بالمرحلة الإعدادية، حيث كان سابقا من يحصل على شهادة محو الأمية يمكنه الالتحاق بالمرحلة الإعدادية مباشرة، ولكن بعد إدخال العديد من المهارات في مناهج المرحلة الابتدائية والثورة الحقيقية التي يقودها د. طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، في المناهج والتكنولوجيا، ومع هذه التطورات أصبحت شهادة محو الأمية لا تعادل الشهادة الابتدائية، ولكن هناك معادلة تشرف عليها الهيئة مع وزارة التربية والتعليم بحيث يؤهل الحاصل على شهادة محو الأمية من خلال دراسة بعد مبادئ اللغة الإنجليزية والعلوم والدراسات الاجتماعية، لمدة عدة شهور، لتأهيله للمرحلة الإعدادية، حيث تقتصر الدراسة في فصول محو الأمية علي مهارات القراءة والكتابة وبعض المهارات الحياتية، وبالفعل وزارة التربية والتعليم تتعاون معنا بشكل جيد في هذا المجال.

وهل هناك نماذج بالفعل التحقت بالمرحلة الإعدادية ووصلت التعليم؟

نعم.. هناك أعداد كبيرة واصلت التعليم الإعدادي ثم التعليم الثانوي، حتى حصلوا على شهادات جامعية، وهي نماذج مضيئة، كما أن هناك من حصل على الماجستير والدكتوراه من بعد شهادة محو الأمية، ولدينا كتب تجمع بعض هذه النماذج.

وتتوافق خطة محو الأمية، مع الهدف الرابع لخارطة الطريق للتنمية المستدامة 2030، والذي ينص على إتاحة فرصة تعليمية جيدة ومنصف وشامل مدى الحياة للجميع.

وما هي خطط الهيئة على المدى القصير؟

خطط الهيئة قصيرة المدى، تتكامل مع الخطط الطويلة المدى، فهناك خطة مرحلية لتقييم الهيئة كل العام، من خلال دراسة المستهدف وما تم تحقيقه على أرض الواقع، ومن المستهدف توقيع برتوكولات التعاون مع العديد من الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية لفتح فصول جديدة لمحو الأمية، وبالفعل تم توقيع برتوكولات مع أحزاب مستقبل وطن، وحماة الوطن، ومصر المستقبل، وغيرها، وبعضها بالفعل بدأ في فتح فصول بالمحافظات.

كما نستهدف التعاون مع الجامعات، حيث زرت خلال منذ تولي رئاسة الهيئة، نحو 14 جامعة ووقعنا برتوكولات تعاون معها، وخاصة أنها تضم عدد لا يستهان به، فالجامعات له دور كبير لخدمة المجتمع وهناك قطاع كامل في الجامعات تحت مسمى قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بكل جامعة، والهدف الأساسي من هذا القطاع أن يكون للجامعة دور في حل مشكلات المجتمع المحيط، وتم توجيه الجامعات لحل مشكلة الأمية من خلال الطلاب وأعضاء هيئات التدريس وبالفعل استطعنا من خلال طلاب الجامعات محو أمية عشرات الآلاف من الأميين، وخاصة جامعات جنوب الوادي التي محت أمية أعداد كبيرة والزقازيق والمنوفية، ونحن بصدد أشراك الجامعات في القضاء على الأمية بشكل ملحوظ.

وبنص القانون على أن محو الأمية ليس دور الهيئة فقط ولكن كل مؤسسات المجتمع سواء المؤسسات الحكومية أو المجتمع المدني أو القطاع الخاص، كما فتحنا قنوات اتصال مع الجمعيات الأهلية التي تعمل في ميدان تعليم الكبار ومحو الأمية وكذلك مع الاتحاد العام الجمعيات الأهلية بقيادة د. طلعت عبدالقوى.

فالشراكة الحقيقية مع المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني هي التي تعطي القوة للهيئة لتنفيذ دورها، وخاصة أن الهيئة لا تمتلك مباني تعليمية، ولا تمتلك موارد بشرية لمحو أمية 18 مليون أمي، وبالتالي نرجع لنص القانون ونصدر المشكلة للمجتمع لأنها ليست مشكلة الهيئة فقط ولكن هي مشكلة مجتمعية.

ونحن لدينا 3.5 مليون طالب جامعي ولو كل طالب محي أمية 5 أشخاص فأننا سنمحو أمية نحو 16 أو 17 مليون، وبهذا سوف نقضي على الأمية

هل المجتمع المدني يقوم بدوره الأمثل تجاه مشكلة الأمية؟

لا.. هناك قصور شديد في دور المجتمع المدني تجاه مشكلة الأمية، وإذا قام المجتمع المدني، بدوره على الوجه الأمثل سوف نقضي على الأمية خلال عامين.

وأكبر مشكلات التي تواجه عمل الهيئة، هي مشكلة التشريع، فلابد من وجود تشريعات ملزمة للمجتمع المدني والجهات الشريكة بمساعدة الهيئة في أداء مهمتها التي نص عليه القانون فالمجتمع المدني لابد أن يشارك.

ونطالب بوجود تشريع يلزم كل جمعية لترخيصها أو لتجديد ترخيصها محو أمية 200 شخص في السنة، وخاصة أننا لدينا نحو 50 ألف جمعية في مصر، وهذا الرقم ليس كبير، بمعدل 50 شخصًا كل ثلاثة أشهر، مما يعني أنه يمكن محو أمية 10 ملايين شخص في السنة الواحدة، فالمجتمع المدني، قادر على القضاء على الأمية دون تحميل موازنة الدولة الكثير من الأموال.

كما أن هناك أكثر من 100 حزب سياسي، ولهم ظهير شعبي، كما لديهم موارد مالية وقوى بشرية، ومقرات، ويمكن أن يكونوا جزء من حل مشكلة الأمية، كما نص القانون على ذلك، ولكن للأسف دور الأحزاب غائب إلى حد كبير، ولم يبذلون جهدا خلال الفترة الماضية، في سبيل القضاء على الأمية.

إلا أن حزب مستقبل وطن، استجاب لدعوتنا من خلال التعاون معنا في فتح فصول جديدة لمحو الأمية دون تحميل الهيئة أي مبالغ مالية، وندعو باقي الأحزاب السياسية، أن يكون له دور حقيقي في حل مشكلة الأمية خلال الفترة المقبلة، فنحن لدينا قوى بشرية لا يستهان بها، ونحتاج فقط لتشريع ودعم الإعلام دور في تسليط الضوء على تلك المشكلة.

كم عدد الأميين في مصر؟

لدينا 18 مليون أمي في مصر، فالأمية من أكبر المشاكل التي تواجه المجتمع، فالجماعات الإرهابية تنجح في استمالة الأميين تحت ستار الدين، وبث أفكار مغلوطة في عقله، وعندما نقضي على الأمية نغلق الباب أمام الإرهاب، فمعظم العمليات الإرهابية يقوم بها أميين، بحسب إحصائية أجرينها، ولهذا القضاء عليه هي قضية أمن قومي للبلاد، والأمية والإرهاب وجهان لعملة واحدة، ولهذا لابد من التكاتف وإقرار عدد من التشريعات للقضاء على الأمية، وعمل حوافز إيجابية تلزم الأمي بأن يتعلم.

فمشكلة الأمية لها أبعاد كثيرة، فالأمي عندما نعلمه القراءة والكتابة ونعمله حرفة، فأننا نوفر له مشروع صغير يحسن دخله، وبذلك نقضي على الفقر، وهذا ما فعلته النمور الأسيوية، ولدينا مشروع ناجح جدًا هو مشروع المرأة المعلية، كما أن التعليم يرفع من الوعي لدى المواطنين وتجعلهم قادرين على حسن اختيار ممثليهم في أي انتخابات، ونكون قادرين على بناء حقيقي للإنسان.

غدًا.. نستكمل نشر الجزء الثاني من الحوار؛ وفيه يكشف د. عاشور عمري، رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار، تفاصيل المطالبة بإطلاق حملة قومية للقضاء على الأمية على غرار حملة "100 مليون صحة" القضاء على فيروس سي، والأمراض غير السارية، وأسباب تراكم مشكلة الأمية منذ عقود، وموقفه من أقرار حوافز إيجابية وسلبية على الأميين، ونسب الأمية بمصر وما هي أكثر المحافظات، وكذلك أقلها في نسب الأمية.

كما يكشف في الجزء الثاني من الحوار تفاصيل جائزة تحدي الأمية التي حصلت عليها الحكومة المصرية ممثلة في وزارة التربية والتعليم، والهيئة العامة لتعليم الكبار، وكذلك تفاصيل الاحتفال باليوم العربي لمحو الأمية بعد غد الثلاثاء.