Close ad

بين "الكوبي" و"البست".. "قراصنة الأبحاث" يهددون سفينة العلم في مصر

19-10-2018 | 16:23
بين الكوبي والبست قراصنة الأبحاث يهددون سفينة العلم في مصرسرقة الأبحاث العلمية
محمود سعد

"حرف فى قلبك خير من ألف فى كتبك"، هكذا واجه العلماء من يقومون بالسطو على الأفكار العلمية للآخرين وينسبونها إلى أنفسهم، ظاهرة "انتحال الأبحاث العلمية" ظاهرة قديمة متجددة تقف حجر عثرة في وجه الارتقاء بمنظومة البحث العلمي في مصر.

موضوعات مقترحة

اختراق باب انتحال الأبحاث العلمية ليس بالأمر الهين، فذلك الباب الذي يحيطه الكذب وتغلفه السرقات العلمية هو من أكثر الأبواب غموضا في مسيرة البحث العلمي، من جانبها تلقت "بوابة الأهرام"، أكثر من شكوى حول قضية انتحال الأبحاث العلمية، وقررت أن تقتحم هذه القضية الشائكة، بآراء أساتذة الجامعات، حول الآثار المترتبة على استفحال أمر هذه الظاهرة وكيفية التصدي لها.

عادة ما تعرف ظاهرة الانتحال بأنها استعمال عمل الآخرين أو أفكارهم سواء أكانت منشورة أو غير منشورة من غير إسناد إلى أصحابها أو الإشارة إلى أن هذه الأعمال أو الأفكار تعود في الأصل إلى شخص آخر.

من صور الانتحال ممارسة سلبية تعرف بـ"الاحتيال"، حيث يقصد به تقديم معطيات ملفقة أو مختلقة، أو ادعاء السبق في طرائق العمل أو انتهاج الانتقائية في نقل المعطيات، مع صورة أخرى وهي "الانتحال الذاتي"وهو قيام المؤلف بنشر عمله أو جزء كبير من عمله دون الإشارة إلى أن هذا العمل قد سبق له أن نشره من قبل بطريقة أو بأخرى.

بظهور شبكة الإنترنت، أصبح الإقدام على هذه الممارسة السلبية الجائرة من السهولة بمكان، حيث أصبح من السهل الكشف عنها استنادًا لعدد من البرمجيات المتخصصة في الكشف عن الانتحال ومجابهته.

وهنا بدأ المجلس الأعلى للجامعات في اتخاذ إجراءات الكشف على الانتحال العلمي للتعرف على الاقتباسات العلمية المبالغ فيها والتي تصل لمستويات السرقات العلمية للحفاظ على حقوق التأليف والمؤلفين حتى يستمرالبحث العلمي والإنتاج الفكري في طريقه الآمن.
 

أسباب وأشكال الانتحال العلمي

عدد من الباحثين، أكدوا أن من أهم العوامل والأسباب التي تؤدى لوجود ظاهرة الانتحال للأبحاث العلمية، وجود المعلومات عبر شبكة الإنترنت، وعدم مفهوم الانتحال العلمي جيدا، مع نقص المهارات البحثية، ومن أشكال الانتحال العلمي، نسخ البحث من مصدر مثل " كتاب منشور - الإنترنت - مقال علمي.

من جانبه، يرى الدكتور هاني أبو العلا، الأستاذ بجامعة الفيوم، أن الانتحال يعد بمثابة الفيروس الذي يسري في هيكل البحث العلمي في مصر ليقوضه شيئا فشيئا، مبينا أن البحث العلمي يبدأ بفكرة جديدة أو محاولة لحل مشكلة قائمة بالفعل في محيطنا المكاني وليس تكرار الكتابة وانتحال الأفكار.

فروق واضحة

فروق واضحة بين اقتباس معلومة من مرجع سابق ليتم تطويرها والبناء عليها لهدمه أفكارا مبتكرة وبين السرقات العلمية المقيتة، ومن الأمور المستهجنة وجود أبحاث منقولة، حيث أكد أبو العلا، أن هذا يضر بصاحب البحث الأصلي وحرمانه من بعض حقوقه، كما أنها تعد خللا في جسد البحث العلمي ككل، مشيرا إلى ضرورة تزويد المجلات ودور النشر ببرامج حديثة للكشف عن نسب الانتحال داخل البحوث المنشورة، مع تزويد قواعد البيانات بكل ما يُنشر قديما و حديثا، فضلا عن الرسائل العلمية التي تعُج بها أرفف المكتبات، بصفة خاصة المكتوبة باللغة العربية منها.

كشف الانتحال

وعن بدء تطبيق كشف الانتحال في المكتبات الرقمية الخاضعة للمجلس الأعلى للجامعات، أكد أبو العلا، أن الفكرة جيدة لكن التطبيق يظل منقوصا، حيث لا تشتمل قواعد البيانات في المكتبات الرقمية التابعة للمجلس الأعلى للجامعات على معظم الرسائل والأبحاث المكتوبة باللغة العربية، مما يجعل كشف الانتحال في البحوث المكتوبة بالعربية ضربا من ضروب الخيال.

مطالب بالتوعية للباحثين

تتبنى وزارة التعليم العالي مشروعا كاملا يبدأ بالتوعية للباحثين الجدد بأهمية محاربة الانتحال في البحث العلمي والفروق الجوهرية بين الاقتباس والانتحال وحقوق الطبع والنشر والملكية الفكرية، ثم الاسراع بإدخال وتسجيل كافة الأعمال البحثية داخل قواعد بيانات المكتبات الرقمية مع ضرورة توفير برامج كشف الانتحال المسجلة كبرنامج ithenticate المعمول به في معظم الجامعات ليسهل للباحثين الدخول عليه بحسابات شخصية لمراجعة أبحاثهم، مع تبنى الجامعات والمراكز البحثية شعار "الانتحال العلمي سبيل لهدم مصر"، فكرة طرحها عدد من أساتذة الجامعات للحد من هذه الظاهرة.

بدوره، يشير الدكتور أمجد حجازي، أستاذ دراسات المعلومات بجامعة بنها، إلى أن هذا الأمر يقتضي مجابهته باستخدام برامج كشف الانتحال والتي أصبحت إحدي خطوات المتطلبة في الجامعات لإجازة الأطروحات العلمية وبحوث الترقية، موضحا أنه أمر غير ناجع .

مع التأكيد، أنه يؤتي ثماره على صعيد الإنتاج الفكري الأجنبي، أما العربي منه لغة وعلما فللأسف لا تصلح نفس الإجراءات معه مع المعاناة من إشكالية ضعف المحتوي العربي على الإنترنت في صورتيه السطحية والعميقة، مع الحاجة إلى تضافر جهود الجامعات ومراكز البحوث المصرية والعربية لطرح مخرجاتها البحثية في صورة إلكترونية يمكن من خلالها الاطمئنان لنتائج الكشف.

قانون تنظيم الجامعات

سن مادة في قانون تنظيم الجامعات، مطالب أكاديمية، أصبحت بحاجة إلى تغييره، تعاقب المسيء من المنتحلين، كما يجب أن تشد على أيدي أعضاء هيئة التدريس في القيام بالجزء الأهم من دورهم والمتعلق بإنجاز البحوث العلمية الرصينة المرتبطة بقضايا الوطن وإشكالياته وأولوياته.

ويرى الدكتور فتحي مصيلحي، عميد كلية الآداب جامعة المنوفية الأسبق، أنه رغم التنظيم المؤسسي والتشغيلي للكشف عن الانتحال العلمي في البحث العلمي والانتاج الفكري، لكن تظل السرقات مستمرة لعدة أسباب أنه لايوجد حصر وتوثيق كامل لكافة أشكال المنتجات العلمية والفكرية، مثل الرسائل العلمية الجامعية والمخططات العمرانية والإستراتيجية وتقارير المجالس العلمية المتخصصة وتقارير الدراسات الفنية التي تعدها الوزارات ومؤسسات القطاع العام والخاص، فيلجأ البعض إلى الاغتراف منها دون حساب أو دفاع من الهيئات المسئولة على إعدادها.

لا تعدو كشوف الانتحال سوى خطوة أو بداية نحو بنوك الثوثيق الفكري للحفاظ على حقوق الباحثين والمفكرين والمؤسسات العلمية.

إجراءات اتخذتها الأكاديمية في مواجهة انتحال الأبحاث العلمية

وفي هذا الاتجاه.. اتخذت أكاديمية البحث العلمي، عدة إجراءات للعلاج والوقاية من هذه الظاهرة بالاشتراك فى برنامج دولى لكشف الانتحال ودعمه وتقديمه للمجتمع العلمى وتشكيل لجنة من التعليم العالى والبحث العلمى عام 2015 لمناقشة التعديلات والتغيرات فى هذا المجال.

وقامت اللجنة بمراجعة الحالات المكتشفة وعرضها على المتخصصين لاتخاذ القرار، مع إجراءات وقائية بتنظيم ورش العمل للتعريف بالإجراءات التى يجب اتباعها عند كتابة البحث العلمى، كما أدرجت مكافحة هذه الظاهرة ضمن مصوغات الحصول على جوائز الدولة والأكاديمية.

اكتشاف حالات انتحال البحث العلمي

الأكاديمية أعلنت عن كشف حالات مع التحقيق فى أي حالة مكتشفة عن طريق لجان علمية وفى سرية تامة، وإبلاغ الجهات المختصة بالنتائج بسرية تامة، مع تأكيد الأكاديمية أنها هيئة محايدة.

إنشاء مرصد لتتبع الظاهرة

وفي تصريحات خاصة لـ"بوابة الأهرام"، أكدت أكاديمية البحث العلمي، أن هناك عدة مشروعات دولية ومحلية للنشر العلمى والذى يسمح لها بتتبع الإنتاج الفكرى المصرى وإصدار معلومات خاصة به، مع اشتراك الأكاديمية فى اللجنة الدولية لأخلاقيات النشر العلمى COPE ومعرفة كل جديد، ومتابعة المرصد الدولى Retraction watch والذى يتيح تتبع الظاهرة وتتبع الأبحاث العلمية التى تعد مجالا للخلاف العلمى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة