قال الدكتور علي محمد الأزهري، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف، إن مشايخ الأزهر "لم يكونوا بعيدين عن حرب أكتوبر، فكانوا من أوائل المتقدمين في صفوف القتال، وكانوا يرفعون من روح الجنود البواسل".
موضوعات مقترحة
وأضاف الأزهري، في تصريحات لـ"بوابة الأهرام"، على هامش الاحتفال بذكرى نصر العاشر من رمضان، إنه "أيضًا بجانب الدور البطولي كان دورهم الوعظي وحثهم على النصر أو الشهادة، وإن الأزهر ورجاله لم يظهروا فقط في حرب أكتوبر، وإنما كان لهم السبق في كثير من القرارات التي سبقت الحرب".
وأوضح: فلقد نادى الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق - رحمه الله تعالى- بضرورة عدم تصدير البترول لليهود، وكان ذلك قبل حرب أكتوبر بست سنوات، قائلًا لجميع الدول "أيها المسلمون، إن مصر لا تحارب إسرائيل وحدها، إنها تكافح العدوان الموتور، الممثَّل في أمريكا وبريطانيا".
وتابع: "ووقف مناديًا حاثًا الجنود على الصبر والنصر: أيها المجاهدون لا تقعدوا عن القتال لإجلاء العدو عن أرضكم، ومنعه من الاستمرار في احتلالها، لأن كل محاولة من جانب الاستعمار لاحتلال أي جزء من البلاد الإسلامية هي محاولة باطلة شرعًا لا يقرها الإسلام، ولا يرضاها الله ورسوله".
ويضرب الأزهري مثلًا بما ذكره الشيخ حسن مأمون، في مذكراته: "بينما كنت أركب سيارتي ويقودها نجلي، وهو طالب بكلية الهندسة، مررنا على جسر كوبري قصر النيل، فوجدنا شابًا من الجنود يقوم بحراسة المكان، فقال نجلي: هؤلاء أصغر مني سنًا ويقومون بآداب واجبهم تجاه الوطن، وأنا أقود السيارة فقط، قال: فقلت له: انزل من السيارة واذهب لآداء واجبك، ولا تعد إلا منتصرًا، وبالفعل ذهب ولده المهندس وكانت مهمته حراسة كوبري مسطرد وشارك في الحرب ولم يعد إلا بعد انتهاء حرب أكتوبر".
ويتابع الأزهري: أما الشيخ محمد نائل، وكان كبير الوعاظ بالسويس، فكان يذهب للجنود على الجبهة، وكانوا كلما قاموا بعمل قالوا اللفظة الدارجة "هيه.. هيه"، فقال لهم بل استبدلوا بها "الله أكبر"، فاستبدلوا بها هذا الشعار الذي لا يصمد أمامه أي عدو "الله أكبر"، فصارت معركة إخلاص وكرامة، وكان النصر من عند الله.
ويلفت الأزهري إلى أن "مشايخ الأزهر الكبار، وعلى رأسهم الشيخ محمد الفحام شيخ الأزهر الأسبق، ومعه الشيخ الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، والشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمهم الله، والدكتور طه أبو كريشة -نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والدكتور أحمد عمر هاشم -رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وغيرهم، كانت مهمتهم أن يحثوا الجنود البواسل على ضرورة الصبر والثقة في الله وأن النصر سيكون حليفهم إن شاء الله".
واستطرد "ولقد خطب فيهم الشيخ الدكتور عبدالحليم محمود قائلًا: إنها معركة على خطى غزوة بدر، إن الله ناصركم لا محالة، ولقد رأى الشيخ الدكتور عبدالحليم محمود منامًا صادقًا جاء كفلق الصبح، فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام أنه جاء يبشره بالنصر، وأنه يعبر القناة والجنود من خلفه، فقام مستبشرًا، وكانت البشارة حقًا وانتصر الجنود البواسل".
من جانبه، قال الدكتور محمد متولي منصور، الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر: إن الله عز وجل نصر الجيش المصري في حرب السادس من أكتوبر لأن هذا الجيش العظيم أخذ بأسباب النصر، وأول هذه الأسباب التي أدركتها وتمسكت بها قواتنا المسلحة، هو الإيمان بالله عز وجل واليقين بقدرته.
وأضاف منصور أن "الإيمان بالله عز وجل لا يعني عدم الأخذ بالأسباب المادية في طريق تحقيق النصر، لأن هذا يعد تواكلًا لا يستحق صاحبه النصر، ولكن يجب على المسلم أن يأخذ بالأسباب المادية وأن يعد العدة والعدد وأن يخطط تخطيطًا سليمًا مع إيمانه الكامل أن النصر بيد الله وحده"، وتابع: ولذلك قال الله تعالى في بداية سورة الأنفال "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، وهنا دعا الله المؤمنين أن يثبتوا في المعركة، وألا يكفوا عن ذكر الله حتى في أثناء قتال الأعداء.
وأكد أن رجال الأزهر "كان لهم دور كبير في نصر أكتوبر العظيم، من خلال وجودهم مع جنود مصر على جبهات القتال يحثونهم على الثبات، ويذكرونهم بوعد الله عز وجل للمؤمنين بالنصر، وبما أعده سبحانه للشهداء".
وأوضح منصور أن الأزهر "ما زال يقوم بدوره في الدفاع عن الوطن، بل وعن الإنسانية، من خلال مواجهة الإرهاب والتطرف بالفكر الوسطي، ودحض ادعاءات التنظيمات الإرهابية التي ترتكب جرائمها باسم الدين الإسلامي، وهذا الدين براء من هذه الممارسات الإجرامية، بل دعا لمحاربتها والتصدي لها، وتخليص العالم من شرورها".