شاهدة على جفاف جنوب إفريقيا تروى المأساة.. اقتراب "يوم الصفر" يدفع لإعلان حالة الكارثة الطبيعية

"إذا كنت مضطرا لغسل يديك، يجب أن تعي أن هذه المياه، قد تكون الكمية الأخيرة المتاحة لدينا، كما أنها قد تكون سببا في إنقاذ شخص من المعاناة بسبب الجفاف"، عبارة ستتوقف عندها كثيرا إذا قررت الذهاب إلى كيب تاون في جنوب إفريقيا، ودعتك الظروف لاستخدام الحمامات العامة، حيث ستجد هذه العبارة مكتوبة على حوض واحد فقط بين 20 حوضًا أخرى لا يوجد بها ماء.

تعاني مدينة كيب تاون من موجة جفاف "عظيمة" ضربتها منذ عام 2015، ومستمرة على مدى 3 سنوات، تسببت في جفاف بحيرة سد "ثيواترسكلوف"، الذي يعتبر شريان الحياة المائي لمدينة كيب تاون، وهو ما دعا الحكومة إلى فرض حراسة من قوات الأمن؛ لمتابعة استخدام المواطنين للمياه من "الحنفيات العمومية"، بعد انخفاض كميات المياه المتاحة للمنازل بسبب الجفاف، ورفع مستوى الخطر في المدينة إلى المستوى 6.

المستوى السادس من الخطر، والذي أعلن عنه فى منتصف عام 2015، يعني أنه على كل مواطن أن يستهلك "فقط" 87 لترا من الماء يوميا، وإن أمكن يجب أن يكون أقل من ذلك، ومن يتجاوز هذه الكمية من المياه، سيواجه بعقوبات صارمة، ووفقا لمستوى الخطر يتعين على المزارعين كذلك خفض استخدام المياه في ري محاصيلهم الزراعية بنسبة 60 %.

ومع تزايد حدة الجفاف، أعلنت سلطات جنوب إفريقيا في فبراير من العام الحالى، حالة "الكارثة الطبيعية" في البلاد، ودعا المسئولون المواطنين، إلى خفض معدلات استهلاكهم إلى 50 لترا يوميا، وهي التي تكفي الشخص لأخذ حمام لمدة 3 دقائق، تجنبا لـ"يوم الصفر"، الذي يعني "الجفاف التام" وعدم وجود المياه تماما في البلاد، بينما أتاحت حنفيات المياه العمومية 25 لترا لكل شخص.

 

عدد من المهتمين بالشأن المائي، تداولوا مقطعًا صوتيًا لسيدة مصرية، خاضت تجربة السفر إلى جنوب إفريقيا، وسجلت تجربتها مع الجفاف في مدينة كيب تاون.

وتقول السيدة، إن مياه الشرب متوفرة في زجاجات المياه المعدنية، ولكنها "غالية"، وليست المشكلة في إيجاد مياه الشرب، ولكن المشكلة في استخدام المياه، وهو ما جعلها تتأكد "أن المصريين بيهزروا في استخدام المياه".

وأشارت إلى أن بعض الدول مثل "بودابشت"، يتم تركيب عدادات منفصلة لحساب كمية المياه المستخدمة، وذلك على حوض الاستحمام، وعلى أحواض المطابخ وغيرها، مما يدفع المواطنين لاستخدام كل نقطة مياه بحساب، على عكس ما يحدث في مصر، من رش للشوارع بالمياه بغرض "الترطيب" !

 

الدكتور محمد عبدالعاطي قد حذر في حوار سابق، بعنوان (وزير الري لـ"بوابة الأهرام": ترشيد الاستهلاك "حتمي" وجفاف جنوب إفريقيا "تحذير")، حذر من جفاف مدينة كيب تاون، وشدد على ضرورة نشر الوعي بثقافة ترشيد المياه، حتى لا نعاني من جفاف يصيبنا على غرار المدينة الجنوب إفريقية، لافتا إلى أن تحذيرات من موجة الجفاف في جنوب إفريقيا بدأت الإعلان عنها منذ عام 2002، إلا أن مسئولي الدولة لم يضعوها في اعتبارهم.

 

من جانبها تتخذ أجهزة الحكومة المصرية وعلى رأسها وزارة الري، إجراءات عدة بهدف نشر الوعي المائي، وزيادة الثقافة المائية، في محاولة حتمية لترشيد الاستهلاك المائي، حيث اعتمدت خطة الوزارة بالتعاون مع كل جهات الدولة، على نشر الوعي من خلال ندوات مدرسية، وحلقات نقاشية لرجال الدين، ومعارض فنية، والتي كان أخرها معرض "سلسبيل النيل 2" بالقناطر الخيرية، فضلا عن غرامات مالية، لكل من يخالف مساحات زراعة الأرز، أو يستخدم المياه في غسيل السيارات أو رش الشوارع.

وتأتي إجراءات الحكومة لترشيد الاستخدام، وسط تحديات خارجية متمثلة في بناء سد النهضة الإثيوبي، وتحديات داخلية، تتمثل في زراعة محاصيل شرهة للمياه، وزيادة سكانية، قادرة على التهام أي انجاز يختص بالشأن المائي قد يتحقق على أرض الواقع، وارتفاع هائل في معدلات البصمة المائية للمصريين، الذي يعانون بطبيعة الحال من وجودهم تحت خط الفقر المائي، ليصبح تطبيق شعار حملة وزارة الري في المحافظة على المياه ضرورة لا تقبل التأجيل، والذي يخاطب وعي المصريين ووجدانهم حول الماء قائلا: "هتحافظ عليها.. تلاقيها".