منذ سنوات قليلة، قررت مصر خوض سباق السياحة البيئية، وخاصة بعد الأزمات التي لحقت بقطاع السياحة المصرية في أعقاب ثورة يناير، فلم يكن لدينا من الخبرات والأفكار ما يساعدنا على المجازفة في فتح ملف المحميات الطبيعية، واستغلالها بما يدعم الاقتصاد القومي ولا يضر ببيئتها الطبيعية.
موضوعات مقترحة
وفي الوقت التي بدأت الدول العربية في إنشاء فنادق بيئية داخل محمياتها الطبيعية، وكان سببا في جذب عدد هائل من السياح على مستوى العالم، كانت مصر ما زالت تعمل على حل أزمات التعدي المستمر على محمياتها الطبيعية.
ما يقرب من 210 آلاف محمية طبيعية على مستوى العالم، تغطي 233 كيلومتر مربع، حجم إيراداتها وصل إلى 7.6 تريليون دولار أمريكي، كما توفر مليون 277 وظيفة وفرصة عمل، ويزورها 8 ملايين سنويًا.
وتمتلك مصر نحو 30 محمية طبيعية، أي بما يعادل 15% من مساحتها الكلية، تختلف كل واحدة منهم في مزاياها وفقًا لطبيعتها البحرية أو الجبلية، فيما تمكنت أحدهما من التسجيل كمنطقة تراث عالمي، وهي محمية وادي الحيتان.
وتفعيلًا للعروبة بين أشقاء الوطن العربي، قررت المنظمة العربية الأوربية للبيئة التابعة للاتحاد الأوربي، في إطلاق ملتقها الجديد في مصر، لتستضيف القاهرة فاعليات الملتقي الاقتصادي العربي الأول للسياحة البيئية في مصر، والتي تستمر على مدار 3 أيام متتالية، والذي يهدف إلي دعم وتنشيط السياحة البيئية بالوطن العربي، بعد أن تراجعت مستوياتها خلال السنوات الماضية.
حضر اللقاء، الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، والدكتور هشام شعبان، رئيس مكتب المنظمة العربية الأوربية للبيئة بالقاهرة، وفايق الخياط، الأمين العام للمنظمة الأوربية للبيئة، والدكتورة أمل سعد الدين، أستاذ صحة البيئة والطب الوقائي بالمركز القومي للبحوث، والدكتور أشرف شعلان، رئيس لمجلس القومي للبحوث، وعدد من خبراء البيئة والسياحة والاستثمار.
فيما تأخرت وزارة السياحة عن الحضور والمشاركة في العرض الافتتاحي للملتقي الاقتصادي العربي لتنشيط السياحة البيئية في مصر.
وقال الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، إن الملتقى يتيح لنا الفرصة لنتباحث حول المشكلات التي تواجهنا في التعامل مع المحميات الطبيعية، وإمكانية وتطوير قطاع جديد، وهو قطاع السياحة البيئية، موضحًا أن السياحة البيئية جزء آخر يمثل العلاقة الواضحة بين البيئة والاقتصاد، فالاقتصاديات القوية هي القادرة على الحفاظ على البيئة، وبالتالي يجب البحث عن استثمارات جادة تساعدنا في دعم الاقتصاد الوطني وتنمية البيئة، قائلًا: أمل أن نخرج بشيء عملي لدعم المحميات وحماية البيئة.
وأضاف، أن هذا النمط الجديد من السياحة، ومقاصدها المختلفة بحكم طبيعتها، توجب علينا أن نوفر لها خدمات تتماثل معها، لما سبق وحققت من نجاح كبير عالميًا، وهذا يؤكد أنها واعدة ومن الممكن أن تحقق لنا ايرادات عالية.
أضاف فهمي، مصر تضم 15% من مساحتها محميات طبيعية، والتي يصل عددها إلى 30 محمية طبيعية، وآن الآوان لبدء الاستفادة منها، مشددا على أن مصر تملك إمكانيات عالية جدا، ولكن ينقصها السياسات، التي تتيح فرص الاستثمار، فلقد ساد لفترة طويلة أن المحميات الطبيعية لا مساس بها وغير مسموح بأي أنشطة على أرضها، إلا أن التجربة العلمية أثبتت أن دون وجود أنشطة سوف نفقدها.
وتعجب فهمي من قدرة ممثلي الشعوب العربية، في التحدث بالمؤتمرات الدولية عن إمكانية تطوير المحميات الطبيعية، وفتح فرص للاستثمار بها، وبعد العودة إلى وطننا نخشى التطبيق الفعلي، وهذا غير صحيح، قائلًا: نحن بحاجة إلي مفهوم جديد من التخطيط، ومجموعة سياسات تحمي الفكر الواعد المختلف المتميز لخلق اقتصاديات البناء داخل المحميات، فهي ذات طبيعة مختلفة عن المناطق العادية، وليس بالضرورة أن ما ينمي المحميات وزارة الاستثمار، من الممكن أن تكون جمعيات أهلية لديها من الخبرة ما يؤهلها لتطوير وحماية المحميات الطبيعية، وهو ما سيحدث بالفعل قريبًا، حيث سيتم التعاون مع الجمعيات الأهلية المتخصصة بالسياحة والمنشآت السياحية.
وطالب فهمي، من المنظمين للملتقى، ضرورة خلق مجموعة جديدة من السياسات التي تشجع على الاستثمار الواعد بيئيا للمحترفين، مع مراعاة أن هذه المناطق ذات حساسية بيئية وغير مسموح الخطأ بها، مشيرًا إلي وجود العديد من التخصصات للمرشدين داخل المحميات، ومن الممكن الاستفادة منها وخلق فرص عمل لهم.
وأوضح أن مجلس النواب، وافق على قانون المحميات الطبيعية، الذي قدمته وزارة البيئة، والذي سيسمح بإنشاء هيئة تساهم في خلق الاستثمار بالمحميات، وهو ما يجعل تلك الهيئة هي الجهة الوحيدة المعنية بحماية وتطوير المحميات الطبيعية، وهذا يعفي المستثمر من التعامل مع أكثر من وزارة، وستصبح وزارة البيئة هي الوحيدة التي لها حق في إعداد لوائح جديدة، تساهم في خلق بيئة استثمارية مناسبة للمحميات، وعائدها يساهم في إعادة تطويرها.
وأشار إلي أن القانون، هو فرصة للتحرر من القيود التي وضعت على عاتقنا لسنوات الطويلة، فنحن الآن أمام فكر جديد يساهم في تطوير المحميات، ودعم الاقتصاد، وبات مسئولو البيئية قادرين على التحدث بلغة الاقتصاد.
وتمنى فهمي، سرعة إقرار القانون في دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب، لتصبح وزارة البيئة قادرة على إدارة المحميات بسهولة، دون العودة وأخذ الموافقات من أكثر من جهة، قائلًا: لدينا خبراء يتمتعون بمخزون فكري كبير قادرين على التفاوض لصالح المحميات.
فيما أشاد المهندس إبراهيم جمجوم، رئيس المنظمة العربية الأوروبية للبيئة، بالدور الذي يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، في دعم الوطن العربي، وحل مشكلات المواطن العربي، ومحاولاته الجادة في إعادة الحياة للاقتصاد، بالمشاروات الجادة التي يشارك بها إقليميا ودوليا، مشيرًا إلي أن اختيار مصر لفتح فرص عربية للاستثمار البيئي السياحي لم يكن من فراغ، فمصر باتت بيئة جيدة للمستثمرين.
وأضاف جمجوم، أن المنظمة لديها من الخبرات في مجال الاستثمار بالمحميات العربية، وتحويلها إلى مناطق جذب سياحي للسائح المحلي والدولي، ما يؤهلها إلي مشاركة مصر في هذا الملف، وبالتالي نسعي مع وزارة البيئة والسياحة المصرية في تطوير ودعم المحميات الطبيعية، مشددا أن المنظمة لديها دعم واضح من المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، الذي رحب بالفكرة، وساهم في عقد المؤتمر، لثقته فيما سيكون له من خير على مصر واقتصادها القومي.
وقال الدكتور أشرف شعلان، رئيس المجلس القومي للبحوث، إن المجلس لديه من المقومات، والأقسام، ما يؤهله للمساهمة في دعم وتنشيط السياحة البيئية، مشيرًا إلي وجود شعبة بحوث البيئة داخل المجلس، والتي تضم عددًا كبيرًا من الخبراء والباحثين الذين على أتم استعداد في تقديم خبراتهم لتنشيط السياحة.
وأعلن رئيس المجلس القومي للبحوث، عن تسخير كافة مقومات المجلس في دعم قطاع السياحة البيئية، والذي يعد قطاعًا جديدًا من نوعه، وفي حاجة ماسة إلي تضافر الجهود اللازمة لتحقيق النتيجة المرجوة والمتوقعة منه.
وعلى هامش الملتقى، تفاوض وزير البيئة مع رئيس المركز القومي للبحوث، لبحث سبل تفعيل بروتوكول التعاون الموقع بين الوزارة والمركز، من خلال البدء في مجالات تلوث الهواء والمياه ومواجهة التلوث بالزيت وتطوير المعامل، بالإضافة إلى بحث التعاون في مجال التغيرات المناخية والاقتصاد الأخضر.
وشدد وزير البيئة، على أهمية توظيف الأساليب العلمية الحديثة والتكنولوجيا المتطورة في التعامل مع المشكلات البيئية، ضرورة تبادل الخبرات والتعاون بين الوزارة والمركز في مجال التنوع البيولوجي، خاصة مع استعداد مصر لاستضافة مؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوع البيولوجي بشرم الشيخ العام الجاري.
ويهدف البروتوكول، إلى الاستفادة من البحث العلمي في حماية البيئة بأساليب علمية حديثة، وتحقيق قيمة مضافة للموارد البشرية، بإتاحة المعلومات، وبناء القدرات لاكتساب المهارات اللازمة لتحقيق تنمية مستدامة للأجيال القادمة، بالإضافة إلي توفير معلومات عن الموارد الطبيعية والكائنات الحية لإعداد قواعد بيانية وتنفيذ مشروعات تجريبية رائدة مشتركة قابلة للتطبيق، وإعداد منهجية واضحة لعمليات دراسات تقييم الأثر البيئي، وتنفيذ دراسات متخصصة في مجالات الرصد وتحديث الإستراتيجيات البيئية الوطنية، بالإضافة إلى بناء القدرات في مجال البحث العلمي.