Close ad

مؤتمر الجمعيات الأهلية: مصر لا يمكن أن تتحرر إلا إذا تحرر المجتمع المدني

21-2-2012 | 14:29
بوابة الأهرام
رفضت مؤسسات المجتمع المدنى قانون الجمعيات الأهلية الحكومى، لافتين إلى أن المجتمع المدنى لابد أن يكون له دور فى بناء مصر فى المرحلة المقبلة، مطالبين بتغيير القانون القديم، موضحين أن مصر لا يمكن أن تتحرر بشكل حقيقي إلا إذا تحرر المجتمع المدني.

قالت الكاتبة الصحفية فريدة النقاش، خلال مؤتمر الجمعيات الأهلية الأول نحو قانون ديمقراطي للعمل الأهلي للبرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان بنقابة الصحفيين، إن حملة التشويه على منظمات المجتمع المدني تقوم على أساس "اضرب المربوط يخاف السايب" مشيرة إلى أن دول العالم والمستثمرين إذا شاهدوا تعامل الحاكم مع المجتمع المدني فسوف يتراجعون عن استثماراتهم لأنها تترك انطباعاً بعدم الأمان والثقة في المجتمع المصري.

وأوضحت النقاش أن كافة القوانين التي وضعت للبلاد تحت الحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة حالياً، قوانين مقيدة للحريات تتنبأ بأن فكرة النظام التسلطي الاستبدادي لم تُمحى من ذهنية من يحكمون مصر، لافته إلى أن المنظمات لعبت دوراً في كشف الانتهاكات في عهد النظامين السابق والحالي من اعتقالات وكشوف عذرية وتعذيب ومحاكمات عسكرية ولابد من أن تدفع الثمن.

وأضافت النقاش، أن جميع المنظمات التي يتم التحقيق معها تتلقى تمويلاً من أمريكا وأوروبا، متسائلة لماذا لا يتم التحقيق مع المنظمات التي تتلقى تمويلاً من السعودية وقطر؟ موضحة أن الفلسفة العقابية تلاحق جميع المنظمات منذ التأسيس مروراً بمصادر التمويل حتى تسجن صاحبها.

من جانبه أكد الدكتور عمرو حمزاوي عضو مجلس الشعب، أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب ترفض مشروع قانون الجمعيات الأهلية الحكومي، موضحاً أن اللجنة تفاعلت بصورة حقيقية مع مشاريع القوانين التي قدمها عدد من منظمات الأهلية، بشرط الشفافية والعلانية في إدراة العمل والتمويل والبرامج، رافضاً تحويل ملف المجتمع المدنى لاتهام مسبق.

وأوضح حمزاوى، أنه يحظر تمويل النشاط السياسى بأى شكل من الأشكال، مؤكداً أن النشاط الأهلي يسمح له بالتمويل سواء كان داخليا أو خارجيا، بشرط علم السلطة العامة بمصادر التمويل والتقارير الدولية لنشاطها وجِهَة الأنفاق، مشيراً إلى أن عددا كبيرا من المنظمات في مصر احترمت ذلك.

وأوضح حمزاوى أن هناك ملاحقة قانونية مستمرة لمنظمات المجتمع المدني، مؤكداً أن تحصين ذلك يكون من خلال شروط الشفافية والعلانية، وأضاف أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب تعكف على عدة قوانين منها: قانون الجمعيات الأهلية والحريات النقابية وتجريم العنف ضد المرأة وأي قانون لوقف محاكمة المدنيين عسكريا وإغلاق باب مقاضاتهم عسكريا.

وفي السياق ذاته قال نجاد البرعى مدير المجموعة المتحدة لحقوق الإنسان، أن المجتمع المدني يريد أن ينال شرف المساهمة في تطوير مصر الجديدة، موضحاً أن خبرة المجتمع المدني الذي لولاه لاندلعت في مصر ثورات وثورات، حيث قدم التعليم وساند الفقراء في وقت تخلت عنهم فيه النظام، مضيفاً أن المجتمع المدني يمثل شبكة أمان اجتماعي مذهلة قامت بتوعية الناس بالمفاسد التي كانت واقعا، كما أن للمجتمع المدني دور في دفع الناس للخروج للانتخاب وإصدار الصحف، وقال: "دافعنا عمن في الحكم الآن وعليهم رد الثمن، ومن العيب عليهم عرقلة ذلك"، مشيراً أن التنمية لن تكون إلا بمثلث متساوي الأضلاع من كافة جهات الدولة، نريد القانون لأننا لا نريد قيود فهناك فرق بين المراقبة والمحاسبة.

وأبدي البرعى دهشته الشديدة من غضب البعض تجاه تمويل المنظمات قائلاً: "هما زعلانين بندخل فلوس البلد، يمكنهم أن يحاسبونا في كيفية صرفها"، مطالباً أن تُخصم تبرعات الجمعيات الأهلية من الوعاء الضريبي بنسبة 25% كوسيلة تبرع داخلي بدلاً من الاستعانة بالخارج، رافضاً أي عقوبات جنائية سالبة للحريات، مطالباً بقانون ودستور مشابه لليبيا التي لم يكن فيها أي نشاط للجمعيات والمجتمع المدني في ظل نظام القذافي ولكن دستور ما بعد الثورة احترم وحافظ على حريات تلك الجمعيات، أو القانون التونسي التي حكمتها الديكتاتورية 30 سنة، وهي الآن تحفظ حرية وكرامة أبنائها، مشدداً على أن مصر ليست أقل من ليبيا أو تونس.

وأوضح البرعى أن مصر لا يمكن أن تتحرر بشكل حقيقي إلا إذا تحرر المجتمع المدني، فمن المنطقي أن يتحرر عمل الجمعيات كما تحررت الأحزاب والنقابات والصحف، وشبه الحكومة أنها بالنسبة للجمعيات كـ"زوجة الأب" القاسية في أفلام الثلاثينات، مشدداً على أنه مهما كانت التشويه ستتم مهاجمته لرفضه إذا كان باسم الوطنية الزائفة والفاشية العسكرية والدين.

فيما قال الكاتب الصحفى سعد هجرس مدير تحرير جريدة "العالم اليوم"، إن المستشفيات وجامعة القاهرة والمدارس "كل ده عمل أهلي"، لافتا إلى أن منظمات المجتمع المدني عملت على مكافحة الفقر فى مجتمع فقير جدا، فى وقت تخلت عنه الحكومة، وكذا فى التعليم والصحة وأنشطة أخرى، مشيراً إلى أن تراجع قيمة التطوع أجبر المؤسسات على البحث عن مصادر تمويل خارجى، مما أدى إلى ظهور مجتمع مدنى عالمى.

وأوضح هجرس أن مهمة الجمعيات الأهلية كانت متمثلة في مكافحة الفقر في مجتمع فقير جدا بالفعل، إلا انه أكد على تراجع العمل الأهلي بعد ثورة 23 يوليو، ومع عودة آليات الرأسمالية عاد عمل المجتمع المدني يظهر من جديد، لافتاً إلى أن المجتمع المدني بدأ يتوسع بسبب الوحشية الرأسمالية وانسحابها من التعليم والصحة وغيرهم فيه مشاكل الشفافية ثم التمويلية ثم المؤسسين.

وأضاف هجرس أن الأزمة التشريعية للعمل الأهلي لا ينفصل عن الديمقراطية في المجتمع، موضحاً أن قانون 2002 يجسد الوصاية الحكومية، لافتاً إلى أنه لدينا القوانين فيها ترسانة من المواد المعادية لحرية التعبير، موضحاً أن هناك استحقاقات للحرية ما زالت مطلوبة لإلغاء وصاية الحكومة على العمل الأهلي، فالحكومة لديها عجز في الموازنة العامة للدولة.

وأوضح مدير تحرير جريدة العالم اليوم، أن هناك 30 منظمة أهلية تقدمت بمشروع قانون للعمل الأهلي ومنظمات المجتمع المدني للدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق وتم وضعه في أدراج ثم انتقل للجنزوري الذى وضعة أيضاً في الأدراج، متوقعاً أن يكون القانون الذي ستضعه الحكومة سيكون أسوأ من القانون 84 لسنة 2002 المستخدم حالياً.

وأكد هجرس على أن هناك حملة لتشويه الثوار ووصفهم بالبلطجة، وأيضاً هناك تشويه مماثل يحدث مع منظمات المجتمع وهناك انطباع عند الرأي العام إنهم مجموعة جواسيس، قائلاً "لو فيهم جاسوس يتقدم ويتحاكم بتهمة الجاسوسية، ويتقطع رقبته، مثل الشكوك التي طالت حركة 6 إبريل وكفاية ولم يقدم دليل واحد عليها"، موضحاً أننا لدينا ظاهرة خطيرة ليست لحماية الأمن القومي، وإنما لنشر جو الريبة ولذلك تم اقتراح قانون يوازن بين الرقابة والشفافية، مضيفاً أن جمعية الاخوان تعمل بدون ترخيص وأصبح لها أغلبية في البرلمان، لافتاً أننا نعيش واقع ملتبس والناس يضحكون على بعض البعض.

وحذر هجرس من كون الأغلبية البرلمانية تنتمي لجمعيات ما يعني أن القانون سيطبق عليها، مطالبا بتكرار النسخة التونسية للقانون، خاصة أن الانجاز الوحيد للثورة هو قلة الخوف، مشيراً أن الديمقراطية ليست انتخابات فقط، وإنما الحل في الجهاد القانوني حيث يجب إلقاء القانون الحالي في سلة المهملات اليوم ووضع قانون يوازن بين الشفافية والمسئولية ودفع العمل المؤسسي.
كلمات البحث
الأكثر قراءة