أكد الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة أن النظرة العقلانية المستقبلية هي الحاكمة لمسيرة جامعة القاهرة، فالتحدي القومي أصبح هو بناء إنسان مصري جديد لتحقيق التنوير والتنمية وتأسيس دولة حديثة بواسطة استحداث مناهج جديدة تعمل على تغيير طريقة التفكير عند الطالب وتأخذ به نحو التفكير العقلاني النقدي والإبداعي وبناء شخصية مسئولة واعية؛ من أجل نهضة حقيقية.
موضوعات مقترحة
وقال رئيس جامعة القاهرة - خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد اليوم لاعلان الوثيقة النهائية للتنوير والثقافة الخاصة بالجامعة : "إن الغاية الملحة في هذه المرحلة من تطور جامعتنا هي تحويل جامعة القاهرة إلى جامعة من جامعات الجيل الثالث، مع استعادة فكر الآباء المؤسسين في التنوير والعقلانية والمدنية والتعددية والمواطنة، وفي الوقت نفسه فتح مسارات جديدة للتقدم والانتقال إلى آفاق جديدة في حركة التاريخ العالمي".
وأشار إلى أن الجامعة إذا كانت عند إنشائها في عصر جامعة الجيل الأول تقوم على التعليم ونقل المعلومات والمعارف وجامعة الجيل الثاني تقوم على الجمع بين التعليم والبحث العلمي ، فإن هدفها الآن هو الدخول في عصر جامعة الجيل الثالث التي تجمع بين التعليم والبحث العلمي واستغلال وتوظيف المعرفة في التنمية الشاملة للدولة الوطنية بوصفها تنمية ثقافية وعلمية واقتصادية واجتماعية.
وقال الخشت : إن تنمية العقول والموارد والدولة والمجتمع والفرد هو هدف رئيسى من أهداف الجامعة وإن الجميع يسعى إلى إنتاج قيمة مضافة للاقتصاد والتوسع في التخصصات البينية وتنمية فكر ريادة الأعمال وإدارة المشروعات والبرامج التدريبية للإعداد لسوق العمل والتدريب على المشروعات الصغيرة وعدم الاكتفاء بإنتاج موظفين وعلماء، بل العمل على تخريج رواد أعمال والتوجه نحو العالمية والتوأمة مع جامعات الجيل الثالث والتحول نحو وضع المراكز البحثية والخدمية أعلى قائمة الأولويات، والتحول نحو الإدارة اللامركزية وحوكمة الإدارة الأكاديمية والأخلاق العالمية وأخلاقيات الأعمال، وغيرها من متطلبات عصر الحداثة والتنوير والتقدم.
وقال الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة : إن هناك مجموعة من المبادئ التي تحكم هوية الجامعة وتحدد مسارات عملها وهي إن جامعة القاهرة مدنية، عقلانية، والحرية مكون أصيل من مكوناتها، وتأكيد حق الاختلاف، وتنوع الفكر الخلاق في إطار الدولة الوطنية، ومن ثم عدم التعصب لتيار ضد تيار، وعدم التمييز بين منسوبيها اجتماعيًا أو فكريًا أو دينيًا.
وأفاد بأن وثيقة المبادئ تؤكد هوية مصر المستنيرة القائمة على قيم التعايش وتقبل الآخر، خصوصًا أن الجامعة شريك في صياغة هذه الهوية ، وأن تحديد مفهوم التنوير بوصفه ممارسة عقلانية تقترن بالجرأة على استخدام التفكير العقلاني النقدي بالمعنى الحداثي؛ فالتنوير هو التفكير العقلي بشجاعة إلى جانب تكوين خطاب ثقافي وديني جديد يعتمد على التأويلات العقلانية المتعددة والقراءة العلمية للنصوص الدينية بوصفها البديل عن التفسير الواحد المغلق ووهم امتلاك الحقيقة المطلقة.
وقال : إن الوثيقة النهائية للتنوير والثقافة الخاصة بالجامعة تؤكد تأسيس تيار عقلاني عربي مقاوم للإرهاب والتطرف والرجعية والأصوليات الجامدة التي تدعو إلى إبطال إعمال العقل في فهم الواقع أو في فهم النصوص الدينية والانفتاح على تجارب التنوير الأخرى والتيارات العالمية وتاريخ الأفكار والفنون وتنوع مصادر المعلومات والتمكين التكنولوجي لكافة عناصر الجامعة من منظور المصلحة القومية، وكذلك بناء نسق فكري مفتوح ومتحرر ومتطور في مواجهة النسق الفكري المغلق والمحافظ والجامد يقوم على التفكير الإبداعي الخلاق والوعي النقدي بعيدًا عن القوالب الجاهزة التي تعيق الإبداع والتطور وضد العقل السلبي القائم على الحفظ والتلقين والتسليم بالحقيقة الواحدة التى لا تقبل التغيير.
وأضاف الخشت: إن الوثيقة تؤكد أيضًا ضرورة تكوين الشخصية القادرة على العمل الفكري والسياسي والإداري، وهذا هو مهمة العملية التعليمية والأنشطة الإبداعية لأن التعليم هو العامل الأكثر تأثيرًا في معادلة بناء الشخصية الإنسانية متوازنة الأركان: روحًا وجسدًا ووجدانًا ونفسا تحت قيادة عقل واع يقود ويوجه وبناء بيئة تعليمية تحفز الإبداع والحرية الأكاديمية وتؤسس لطرق تعليم وتعلم قائمة على التربية الحوارية وثقافة البحث إلى جانب العمل على تغيير نمط الحياة وترسيخ أخلاق التقدم وتغيير منظومة القيم الحاكمة للسلوك وتغيير الشخصية السلبية إلى الشخصية الخلاقة فرديًا واجتماعيًا وعلميًا.
وأشار إلى أن وثيقة التنوير والثقافة الخاصة بالجامعة تؤكد عدم التمييز على أساس ديني أو عرقي أو اجتماعي أو سياسي أو غيره من أسس التمييز التي تتعارض مع فكرة المواطنة، فالجميع محكوم بمبدأ المواطنة، والجميع سواء أمام القانون، والكل متساوون بوصفهم مواطنين، والديموقراطية هي أكبر ضامن للسلام الاجتماعي وهي الأسلوب الأمثل في إدارة الخلاف بين الجميع في إطار الدولة الوطنية ولا يمكن أن تحقق الديموقراطية أغراضها دون نبذ العنف والإرهاب والتطرف وتفكيك الأصوليات المغلقة.
وأوضح أن الوثيقة تشير إلى ضرورة اكتشاف المواهب وفتح المسارات الإبداعية أمامها، سواء العلمية أو الفنية أو الثقافية أو الرياضية أو غيرها، وتوسيع رؤية ورقعة النشاط الطلابي حتى يصل الطلاب إلى قيم المعايشة والتنوير، ولا يتحقق ذلك بندوات أو حفلات معدودة، وإنما بخلق حالة من الزخم الثقافي والتنويري للوعي الحقيقي لا الوعي الزائف، والوعي بمفردات الدولة الوطنية ومبادئها المرتبطة بالحرية والديمقراطية، وذلك على نحو يجعل مبادئ الدولة الوطنية مكونًا من مكونات المناهج والدورات التدريبية.
واختتم الخشت كلمته قائلاً: "هذه الوثيقة تطرحها جامعة القاهرة، كمبادرة تضعها أمام المجتمع ليشاركنا في تبنيها ونشرها من أجل تحقيق التقدم المأمول لوطننا".