Close ad

السحابة السوداء تتحول إلى ورق أبيض.. قش الأرز يستنزف صحة وأموال الفلاحين و"مصنع الأهرام" يحل الأزمة

19-1-2017 | 16:39
السحابة السوداء تتحول إلى ورق أبيض قش الأرز يستنزف صحة وأموال الفلاحين ومصنع الأهرام يحل الأزمةرمضان جعفر
دينا المراغي

 لحظات من الفرح والتفكير ارتسمت على ملامح الفلاح الحاج رمضان جعفر، البالغ من العمر 58 عامًا، حين علم بإمكانية شراء "قش الأرز" من الفلاحين وإعادة تدوير في صناعة الورق.

موضوعات مقترحة

 يحكي الحاج جعفر، والذي يقطن في قرية 6 أكتوبر التابعة لمركز "أدكو" بمحافظة البحيرة، قصة كفاح الفلاحين في التخلص من القش قائلًا: "من يمتلك قطعة أرض صغيرة يزرع بها الأرز، لم يكن يحتاج إلى حرق القش الناتج عن الحصاد، فلقد كان يقوم بجمع القش وكبسه وتخزينه للشتاء، كطعام للماشية، أم من يمتلك المساحات الكبيرة، فكان يرى أن تكلفة جمعه وكبسه ستكلفه مبالغ مالية طائلة، من عمالة وسيارات نقل وأماكن تخزين، فكان يضطر إلى حرقه".

 يكمل جعفر، "أثناء عملية الحرق كان يتصاعد دخان كثيف أسود يسبب لنا "كحة" مستمرة، ولكن لم نكن نحرقه وسط المنازل، وإنما على الطرق السريعة، فوزارة البيئة حتي الآن لم ترسل أي مسئول إلى منطقتنا لجمع قش الأرز من الفلاحين، الذي يسبب أمراضًا صدرية متعددة خلال موسم الحرق".

 ويعبر جعفر عن رغبته في بيع "قش الأرز" إلى أي جهة حكومية أو غيرها، إذا قامت بدفع مقابل مادي عادل، قائلًا: "لو لقينا حد يشتري مننا القش، هنبيعه لو الفلوس كويسة، لكن لو المبلغ قليلًا، هنبيع نصفه ونخلي نصفه علف للحيوانات، وفي نفس الوقت ده هيحمينا من الغرامات والمخلفات التي بتعملها وزارة البيئة لو حرقناه".

 "صناعة كبيرة لها مردود اقتصادي كبير" بتلك الكلمات عبر الدكتور مجدي علام الخبير البيئي، عن رأيه في تحويل "قش الأرز" وإعادة تدوير في صناعة الورق، مشيرًا إلى أن العالم يمنع صناعة الورق، لأنها تقوم على الأخشاب التي يتم قطعها من الغابات، بما يؤثر سلبًا على زيادة ظاهرة التغيرات المناخية.

 ويشير الخبير البيئي، إلى قيام منظمي المؤتمرات الدولية، بتوزيع بطاقات ذاكرة " فلاشات" تحتوي على المادة العلمية لفعاليات المؤتمر دون الأوراق، كما تتضمن دعوات للمؤتمر، ويدونون عليها ملاحظات بعدم طباعة الدعوة، للتخفيف من استخدام الورق، والحفاظ على الأشجار كمورد طبيعي.

 ومن الناحية البيئية، يوضح علام أن تحويل "قش الأرز" إلي أي نوع من الصناعات من شأنه الحد من ظاهرة "السحابة السوداء"، بعد أن عجزت التكنولوجيا الحديثة في القضاء على الكائن الأسود المتطاير في سماء العاصمة، والناتج عن عملية الحرق.

 ويكمل علام، أن "صناعة الورق" ستساهم بشكل كبير في توفير مورد اقتصادي، وتصديرها سيوفر العملة الصعبة، ولن ننسي العمالة التي ستحصل علي فرص للعمل في ظل تفاقم أزمة البطالة، مشيرًا إلى أن الصين لديها من الخبرات والتكنولوجيا ما يجعلها قادرة على إنجاح مشروع صناعة الورق بمصر، وهو أمر كانت تفتقد له الدولة من قبل، موضحًا أن التدوير سيتم من خلال قش الأرز ومخلفات الورق.

 يوضح الدكتور سيد خليفة، رئيس قطاع الإرشاد بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الدولة تسمح بزراعة 1.1 مليون فدان أرز سنويًا، بما ينتج 4 ملايين طن "قش أرز"، وحرقها يسبب مشاكل صحية عديدة، كالربو وأزمات صدرية، وحساسية صدر، وضيق تنفس.

 ويؤكد خليفة، أن وزارة الزراعة والبيئة بدأوا في جمع قش الأرز من الفلاحين، لصناعة علف الحيوانات، كما يدخل في عمليات صناعة الأسمنت، بالإضافة إلى وجود توجه دولي لصناعة الخشب من القش، وتعد الصين هي الأبرز في استغلال قش الأرز لكثرة إنتاجها منه.

 ويضيف خليفة أن الدولة لم تتمكن من استغلال قش الأرز في أي نوع من أنواع الصناعات، بسبب ذكاء الفلاح، الذي عرف أهميته وكيفية إعادة تدويره لإطعام الماشية، مشيرًا إلى أن مصنع الورق الذي ستنشئه مؤسسة الأهرام برشيد بمحافظة البحيرة، لن يفيد سوى أهالي المنطقة في توفير فرص عمل لهم، لأنها صناعات غير كثيفة العمالة، وتعتمد على التكنولوجيا بشكل أكبر، لكن القيمة الحقيقية هنا هي التخلص الآمن من قش الأرز، والقضاء علي السحابة السوداء، وبالتالي تحويل مشكلة بيئية لورق، وهذا هو المطلوب.

 يقول الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة، لـ "بوابة الأهرام"، إن مشروع مصنع الورق المملوك لمؤسسة الأهرام بتكنولوجيا صينية، سينتهي فعليًا خلال 3 سنوات ونصف، وحجر الأساس سيوضع خلال 6 أشهر، بتكلفة قدرها مليار و250 مليون جنيه، ومن المتوقع أن ترتفع في ظل الأسعار الجديدة للدولار، فمعظم المعدات المستخدمة مستوردة من الخارج.

 يؤكد سلطان، أن المشروع على مساحة 128 فدانًا، تم تخصيصها لمؤسسة الأهرام من قبل محافظة البحيرة بتكلفة 107 ملايين جنيه، مشيرًا إلى أن الشريك الصيني سيسهم بخبرات فنية مؤهلة، لقدرتهم على صناعة الورق بتكنولوجيا فوق صوتية، وهي صديقة للبيئة، كما سيسهم في تمويل المشروع.

 تم اختيار "رشيد" لتنفيذ المشروع، لوجود المنطقة علي الطريق الدولي الساحلي، بما يسهم في التصدير والنقل، كما تعتبر هي حلقة الوصل بين 5 محافظات يعدون الأشهر في انتاج الأرز، وعلي رأسهم محافظة البحيرة التي تزرع سنويًا 180 ألف فدان أرز، وفقًا لما قاله محافظ البحيرة.

 يتوقع سلطان أن يوفر المشروع ما لا يقل عن 3000 فرصة عمل لأهالي المحافظات الخمس، سواء كانت فرص عمل مباشرة أو غير مباشر، من خلال تأجير وسائل نقل، ومكابس وغيرها، مشيرًا إلى أن وزارة البيئة كانت تشتري طن قش الأرز من الفلاح بـ 50 جنيها.

 يؤكد سلطان أن المصنع لن يقوم علي إعادة تدوير قش الأرز فقط لإنتاج الورق، وإنما سيستخدم سعف النخيل، وورق البوص الذي ينمو علي حواف الترع بالمحافظات.

 من جانبه أعرب الدكتور خالد فهمي وزير البيئة خلال اجتماع توقيع عقد النهائي بمؤسسة الأهرام لإنشاء مصنع الورق، عن سعادته، بتدوير قش الأرز بدلًا من حرقه، أو إدخاله في صناعة الأسمنت.

 آمال وطموحات تعلقت بذهن الفلاح "جعفر"، الذي ينتظر أن تتجه الدولة إلي استغلال قش الأرز بصورة مختلفة تقضي على ظاهرة الحرق والسحابة السوداء، وتُدر دخلًا على الفلاحين، في ظل ظروف المعيشة المرتفعة، وارتفاع أسعار السماد والأعلاف.


11

11

22
كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة