Close ad

الأزمة تتكررمنذ 69 عامًا.. "السيول" تكشف فشل المواجهة.. و"إرهاب الطبيعة" يضرب الخطط القومية

30-10-2016 | 19:32
الأزمة تتكررمنذ  عامًا السيول تكشف فشل المواجهة وإرهاب الطبيعة يضرب الخطط القوميةالسيول
محمد الإشعابي
ما إن تهب رياح الشتاء علي بلادنا، إلا وتجثم الحكومة يدها علي صدرها خشية السيول، فعلي مدار"69 عاماً" وتتكرر الأزمة كل عام، تتعرض خلالها لنوع جديد من الإرهاب، هو إرهاب الطبيعة، فما إن تهطل المياه إلا وتتحول المنازل إلي سفن عائمة، يصرع الأهالي ويموت الأطفال وتتشرد الأسر، يقابلها إجراءات حكومية علي هيئة خطط قومية -علي ورق- دونما رادع حقيقي لحجم الكوارث التي تتعرض لها البلاد، ويتكرر الدرس دون فهم لآليات التعامل الحقيقي معها.
موضوعات مقترحة


في العام 2010، تعرضت محافظة جنوب سيناء لسيول مفاجئة ضربت رأس سدر، ألحقت بها أضرارًا جسيمة علي المدينة الساحلية السياحية، وتسببت في تهدم ما يزيد علي 500 منزل ومصرع طفل، ناهيك عن حالة الخراب التي لحقت بمزارع المواطنين، ساعتها، أعلن مجلس الوزراء عبر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عن خطة قومية لمواجهة أخطار السيول، لكنها لم تر النور علي أرض الواقع.

في نفس العام، خرج علينا وزير الموارد المائية والري وقتها، الدكتور محمد نصر الدين علام، بتصريحات، تفيد بأن الوقاية من السيول والأسلوب الأمثل للاستفادة منها هو أحد محاور السياسة المائية للوزارة، وهي أحد محاور خطة الدولة لحماية المواطنين من مخاطر السيول وأضرارها المادية والبشرية، ورسبت خطط الحكومة -المعدة سلفاً- في أول اختبار حقيقي لها لمواجهة السيول، ولوحظ ذلك خلال تعرض مدينتي نويبع وسانت كاترين في العام 2012 لسيول من النوع المتوسط ألحق أضراراً بالغة علي المدينتين، كما انهار سد وادي النصب ساعتها، والذي تكلف إنشاؤه ما يقرب من 3 ملايين جنيه.

* مساعي علي الورق
واجتاحت محافظات الصعيد سيول عارمة، لاسيما أسيوط وسوهاج في عام 2013، فقدت علي إثرها أرواح عدة، وهدم عدد من المنازل، وبلغت تكلفة الإصلاحات 750 مليون جنيه، تبع هذه الكارثة إعلان المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، مع بدء توليه مهام المسئولية فبراير 2014، عن خطة قومية –أخري- لمواجهة أخطار السيول وتحديث الخطة القومية التي أصدرها مجلس الوزراء في 2010، وأعلنت وزارة الموارد المائية والري من خلال وزيرها محمد عبدالمطلب، حالة الطوارئ، وتم التنسيق مع كافة الجهات المعنية والمحافظات للحد من مخاطر هذه الظاهرة.

ولم يكتب لتلك الجهود النجاح في مسعاها، لاسيما بعد السيول التي ضربت محافظات البحر الأحمر وعددًا من محافظات الصعيد وسيناء، دون وجود حلول لمواجهتها، تلاها سيول أخري ضربت محافظتي الإسكندرية والبحيرة، وقتل علي إثرها 11 مواطنا بين غرقٍ وصعقٍ بالكهرباء، مع وعود حكومية تتجدد ما إن تجددت تلك الكوارث، ونستعيض فشل مواجهة كوارث السيول بتعويضات واهية لا هي عازمة علي بناء منازل المواطنين التي تهدمت فوق رؤوسهم، ولا قادرة علي عودة أرواح الموتى إلي أجسادهم، فتبث فيها الحياة من جديد.

* مآسي متكررة وحراك ضعيف
تتكرر المأساة من جديد، لتخلف مزيداً من الضحايا، عددهم بحسب وزارة الصحة أمس، وصلت إلي مصرع 26 وإصابة ما يزيد علي 70 شخصاً، بعد أن ضربت السيول بعض محافظات الصعيد والبحر الأحمر، لاسيما شلالات المياه التي شهدتها عاصمة البترول "رأس غارب"، لكن المواجهة هذه المرة تبدو بها نوع من الحراك الحكومي الضعيف –علي سبيل افتراض حسن النية- تجاه هذه الأزمة التي ضربت مصر مؤخراً.

فبحسب وزير الموارد المائية والري، الدكتور محمد عبدالعاطي، في تصريحات صحفية له اليوم، الأحد، فإن الوزارة شرعت في البدء في تنفيذ الخطة القومية لمواجهة السيول منذ عامين، وأنفقت بمبلغ تقديري ما يقرب من 2 مليار جنيه، خصصت 400 مليون جنيه لمحافظة البحر الأحمر وحدها، وأكد علي استعدادات الوزارة لمواجهة أخطار سقوط الأمطار الغزيرة في منطقة غرب الدلتا هذا العام، والتي تمثلت في رفع كفاءة شبكات الري والصرف ورفع كفاءات محطات الصرف، إضافة لأعمال توسيع وتطهير المصارف وتسليك البرابخ والسحارات والتغطيات وأسفل الكباري.

"خسائر السيول كانت ستتضاعف بدون المشروعات المُنفذة خلال العامين السابقين"، بهذه الكلمات وقف وزير الموارد المائية والري علي حقيقة الموقف الذي يتطلب جهوداً مضاعفة لمنع تكرار الأزمة، لكن تصريحات الوزير شابها شيء من التناقض بين القول وحقيقة الأمر، لاسيما وأن أحد تلك المحافظات التي شهدت تنفيذ مشروعات مواجهة السيول كانت الأكثر تضرراً من بين المحافظات الأخرى المتضررة وهي البحر الأحمر.

* بارقة أمل
وتأتي تصريحات السفير علاء يوسف المتحدث الرئاسي، اليوم الأحد، علي هامش اجتماع الرئيس مع رئيس الوزراء ووزير الموارد المائية والري، للحديث حول مواجهات السيول مقبل الأعوام، إلي أنه جار تنفيذ مشروعات جديدة في إطار الخطة القومية لمواجهة السيول بحوالي 2.2 مليار جنيه خلال الثلاث سنوات القادمة، وتعطي أولوية التنفيذ للمدن ذات الكثافة العالية، لتعطي بارقة أمل حول جدوى التحرك الجدي لمواجهة المخاطر التي تهدد المجتمع المصري، وحتى لا تتكرر مآسي الماضي الذي شهد عدة حوادث، بدءا من العام 1947 وحتى العام 1994، بعيداً عن الحوادث التي شهدتها مصر في الأعوام الستة الأخيرة.

* سيول أكثر شراسة
في العام 1947 شهدت محافظة شمال سيناء سيولاً مدمرة، تعرض لها حوض وادي العريش، مما خلف أضراراً مادية وبشرية، كما تعرض نفس الوادي إلى سيول أخرى عام 1975، نتج عنه تدمير مائتي منزل وغرق 17 شخصًا وتشردت مئات الأسر، وغرقت 22 قرية من قري الصعيد، مازالت تعاني تبعات هذه السيول حتى الآن.

كما تعرض كل من وادي نويبع ووادي وتير بسيناء لسيل مدمر عام 1987، نتج عنه تدمير طريق طابا شرم الشيخ، ويعد الوادي من أخطر الأماكن التي تتعرض لها السيول، وكان وادي علم هو ضحية سيول عام 1990 التي نتج عنها غرق مركز التعدين بمرسى علم.

أما سيول 1994، فسميت بسيل درنكة، والتي كانت أكثر شراسة علي مدار تاريخ السيول في مصر، حيث خلفت ورائها أكثر من 15 ألف منزل، وإتلاف أكثر من 25 ألف فدان من الأراضي الزراعية، إلى جانب أكثر من 500 قتيل، نتيجة للتدمير السيلي المباشر أو نتيجة لحرائق البترول التي نتجت عن السيول.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة