على الرغم من اختلاف الروايات حول تاريخ ميلادها إلا أن تاريخ وفاتها يبقى هو الحقيقة الواقعة التي شيعها فيه أكثر من 4 ملايين عاشق في جنازة وُصفت بأنها من أعظم 8 جنائز في العالم.. يبدو أن القدر كتب الخلود لصوت أم كلثوم ليظل صداّحا حتى يرث الله الأرض ومن عليها، تشدو صباحًا فنستيقظ عليها تصبح علينا قائلة:" ياصباح الخير ياللي معانا"، ومع شاي العصارى وشمس الأصيل تبدأ مرحلة اخرى من اليوم، حتى إذا "أقبل الليل" يبدأ العشاق في عالم من المناداه لمن يحبونهم. 121 عامًا على ميلاد كوكب الشرق التي تهز مشاعرنا وتلهب وجداننا أينما كنا، وتبقى ظلنا في حلنا وترحالنا. من قرية طماي الزهايرة بميت غمر بمحافظة الدقهلية، توقف التاريخ تعظيما وإجلالا لمولد أم كلثوم "فاطمة إبراهيم البلتاجي" وتحديدا في عام 1898، وكان والدها "مؤذن القرية" ، وأخوها خالد الذي له الدور الأكبر في تحفيظها وغنائها للقصائد والتواشيح الدينية، حتى إذا بلغت العاشرة من عمرها أصبحت تغني أمام الجمهور في بيت شيخ البلد في قريتها. وابتسم الحظ لأم كلثوم بعد أن قام الشيخان زكريا أحمد وأبو العلا محمد باكتشافها حينما كانا يحييان ليالي رمضان في السنبلاوين فأصرا على اصطحابها إلى القاهرة لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها الغنائية عندما أحيت ليلة الإسراء والمعراج بقصر عز الدين يكن باشا وأعطتها سيدة القصر خاتما ذهبيا وتلقت أم كلثوم 3 جنيهات أجرا لها. استقرت أم كلثوم في القاهرة 1921، وغنت في حفلات كبار القوم، كما غنت في حفل حضرته كبار مطربات عصرها وعلى رأسهم منيرة المهدية شخصيا والتي كانت تلقب بسلطانة الطرب، تلقفها محمد القصبجي الملحن المجدد وقتها ،والذي كان له الفضل في إعدادها فنيا ومعنويا . خلعت أم كلثوم العقال والعباءة وظهرت في زي الآنسات المصريات، وتعرفت على أحمد رامي الذي، قدم لها 110 من الأغاني، منها: "افرح يا قلبى ، سهران لوحدى ، يا ظالمنى ، عودت عينى، دليلي احتار، هجرتك ، حيرت قلبي معاك ، أقبل الليل ، جددت حبك ليه"، تلك الكلمات التي كان يعبر بها عن مدى حبه لها، ويعتبر أحمد رامي هو الشاعر الوحيد الذي لم يتقاض مليما واحدا من أي قصيدة غنتها له أم كلثوم. خلية ملحنين مرحلة أخرى من حياتها الغنائية بدأت مع ظهور رياض السنباطي، ذلك الملحن الشاب الذي ظل يلحن لها ما يقرب من 40 عامًا، ويكاد يكون هو ملحنها الوحيد في فترة الخمسينات، والذي أثبت قدرته الفائقة علي تلحين القصائد، عندما غنت أم كلثوم من ألحانه، قصيدة الأطلال من كلمات الشاعر إبراهيم ناجي وكان غناؤها لهذه الأغنية بعد عام واحد من غنائها لأغنية أنت عمري من ألحان محمد عبد الوهاب، وكان ذلك بمثابة رد من السنباطي على عمل الموسيقار محمد عبد الوهاب "أنت عمري". كما استعانت أم كلثوم بالشاب بليغ حمدي الذي ظل يلحن لها أغنية واحدة على الأقل سنويًا. خلال مشوارها الغنائي حصلت أم كلثوم على أهم الأوسمة والنياشين فى حياتها، والموجودة في متحف يحمل اسمها بمنطقة الزمالك، وكذلك في متحف يحمل اسمها في منطقة منيل الروضة ومن هذه الأوسمة، قلادة النيل من الرئيس جمال عبد الناصر، وأوسمة الأرز الوطنى من لبنان من الطبقة الأولى، الاستحقاق السورى، و الكفاءة الفكرية من المغرب، والامتياز الپاكستانى، ونقابة الموسيقيين اللبنانيين، ونوط الجمهورية التونسية، ووقلادة الاستحقاق من مصر، وميدالية أسبوع تسليح القوات المسلحة المصرية سنة 1955، ومفتاح مدينة طنطا. لحظة السقوط بدأت الغدة الدرقية تطارد أم كلثوم في آخر أيامها فتزوجت طبيبها الخاص الدكتور حسن السيد الحفناوي الذي تولى علاجها واستمر الزواج حتى وفاتها، وخفضت أم كلثوم جدول حفلاتها الموسيقية بسبب المشاكل الصحية التي تعاني منها حتى أنها لم تغن أغنية "أوقاتى بتحلو معاك.. وحياتي بتكمل برضاك" التي غناها الراحل سيد مكاوي ، حيث وقعت صريعة أثناء البروفات بسبب التهاب الكلى، وسافرت إلى لندن. في 22 يناير 1975 تصدرتْ أخبار مرض أم كلثوم الصحف وكانت الإذاعة تستهل نشراتها بأخبار مرض أم كلثوم وعرض الناس التبرع بالدم لأم كلثوم، وبعد 12 يوما وبالتحديد في 3 فبراير 1975 في القاهرةبدت ملامح عدم التصديق على وجوه الجميع، و تندمج إذاعات الشرق الأوسط والبرنامج العام وصوت العرب في موجة واحدة لتعلن الحقيقة، وظهر يوسف السباعي في تمام السادسة مساء ليلقى نبأ الرحيل. رحلت سيدة الغناء العربي وبقي صوتها صداحًا يشدو صباحًا ومساءً.