- الكينج حاول إجهاض فكرة تكريمه في "الموسيقى العربية".. ولهذا السبب تحمس للغناء بالمسرح الكبير
موضوعات مقترحة
- محمد الشرنوبي صوت واعد ولم أجامله هو أو أي مطرب آخر
- لدينا أزمة بإدارة التسويق للمهرجان لا أعرف متى تحل
- تكريمي الأخير يلخص رحلة التعب والجهد في هذا الصرح الثقافي الكبير
قليلات هن النساء اللاتي تصنعن لأنفسهن شعارًا للتحدي في عملها بالحياة، تملؤها الثقة والإصرار على مواجهات الصعوبات من أجل تحقيق الأفضل، والرحلة التي خاضتها الفنانة جيهان مرسي مديرة مهرجان الموسيقى العربية، الذي يكمل عامه الثامن والعشرين غدًا الجمعة، تؤكد ذلك بما حققه من نجاحات كبيرة باتت أصداؤها تطوف الدول العربية، خصوصًا في السنوات الأخيرة التي أعقبت رحيل الدكتورة رتيبة الحفني حيث أصبح المهرجان تحت رعايتها كاملة.
مؤخرًا حصلت جيهان مرسي على تكريمين، أحدهما في احتفالية الأوبرا في عيدها الحادي والثلاثين، وآخر ضمن فعاليات مهرجان القلعة للموسيقى والغناء، وهو ما يكلل لرحلة الجهد والعمل التي بدأتها الفنانة بالأوبرا منذ أن كانت فنانة أوبرا متدرجة في الوظائف بعد ذلك لتكون مخرجة ومديرة مسئولة عن المسرح الكبير وفرق الموسيقى العربية، إلى أن أصبحت مديرة لواحد من أهم المهرجانات الغنائية العربية بالمنطقة.
ولأن تكريم جيهان مرسي يخلفه رحلة عمل جادة، ولأن مهرجان الموسيقى العربية في دورته الجديدة التي تنطلق غدًا يشهد كثيرا من التطورات، في مقدمتها إقناع الفنان محمد منير بالوقوف على خشبة المسرح الكبير لأول مرة مرورًا بالاهتمام بالمؤتمر العلمي للمهرجان والحديث عن جمهور المهرجان وثقافته الموسيقية، كان لـ "بوابة الأهرام" هذا الحوار...
في البداية سألت مديرة المهرجان عن ثقافة الجمهور الحالي؟ وهل هي موسيقية أم طربية نظرًا للحشد الجماهيري على حفلات الفنانين التي رفعت شعار كامل العدد، وعما إذا كان فن الأوبرا يتمتع بنفس جماهيرية الموسيقى العربية أم لا، وقالت:"هناك الكثيرون لديهم وعي بفن الأوبرا ويحترمونه بل إن هناك تفاصيل دقيقة الجمهور يأخذها في اعتباره ولكن الحضور الأكبر يبقى للموسيقي العربية حتى لو لم يكن هناك نجم كبير فيها، والدليل أن جميع حفلاتنا التي يشارك فيها أبناؤنا من مطربي الأوبرا تكون كاملة العدد".
والحقيقة أنا أرى أيضًا أن هناك رد فعل جيدا على الحفلات الموسيقية ونحن في مهرجان الموسيقى العربية مثلاً نستعرض ثقافات كثير من الدول من الصعب مشاهدتها في أي مكان آخر، فلابد أن نشاهد المنافسة والإمكانات الفنية بيننا وبين الآخرين.
اختيار محمد منير وإقناعه
لم يكن أحد من محبي محمد منير "الكينج" يتوقع أن يشاهده في حفل داخل المسرح الكبير بالأوبرا، نظرًا للحضور الجماهيري الكبير الذي تشهده حفلاته وهو ما يحمل جرأة من إدارة المهرجان، خصوصًا أن منير هو افتتاحية المهرجان، هذا الحلم الذي كانت تخطط له مديرة المهرجان منذ عامين كما تروي حيث كانت تخطط لتكريمه في العام قبل الماضي لكن الأمر لم يفلح حينها لأنه كان في رحلة علاجية.
وتضيف: هذا العام كان يشغل بالي الافتتاح وشكله، لذلك فكرت في أن يكون منير هو نجم الافتتاح وبعد زيارة في منزله حاول أن يهدم لي فكرة التكريم وظل يسألني لماذا تريدين ذلك؟ فقلت له أنت رمز مصري وهذا تأخر كثيرًا وأريدك أن تهدي الافتتاح لجمهورك، وبعد جلسة ودية اتفقنا على التفاصيل.
الحقيقة أن "الكينج" عندما علم بأمر المسرح الكبير رحب كثيرًا لأنه يعلم أن هناك فئة لا تستطيع حضور حفلاته التي تقام في المسارح المكشوف وهي شريحة عمرية كبيرة لايمكن الاستهانة لها، ونظرًا للجماهيرية الكبيرة لمحبي الكينج فسوف نفتح أبواب المسرح المكشوف بالتوازي لمن يريد مشاهدة الحفل على أن ننظم حفلًا أضخم فيما بعد يستوعب جمهوره الكبير.
لكن لماذا لم تهدى دورة المهرجان لفنان بعينه مثل كل عام؟، تؤكد مديرة المهرجان أنها أرادت أن يكون الافتتاح وحفلة الكينج هو هدية المهرجان للمصريين جميعًا هذا العام، حيث تعد وجوده رسالة سلام ومحبة تبث للعالم كله لكونه نجمًا عالميًا، فهو رمز من صعيد مصر ولديه برنامج حافل من الأغاني القديمة والحديثة التي يرضي بها أذواق الجميع.
من هذا المنطلق يأتي الحديث عن الجمع بين الهوية الموسيقية العربية والأعمال الغنائية الحديثة، وهي المسألة التي تنقسم حولها الآراء بين مؤيد ومعارض، وهنا تشير إلى أنه لا يمكن للنجم أن يقوم بالغناء لأعماله الخاصة فقط، فلابد من الحفاظ على هوية الموسيقى العربية.
منوهة بأن أبناء الأوبرا يغنون أغانيها من الموسيقى العربية لكن هناك جمهورا يحب أغاني فنانين مثل أنغام أو أصالة، الخاصة بألبوماتهم، لذلك لا يمكنها أن تفرض عليهم الغناء للتراث فقط لأنها تريد اجتذاب فئة أكبر من الشباب.
محاور المؤتمر العلمي واختيار المطربين
وتشهد محاور المؤتمر العلمي للمهرجان هذا العام تطورًا كبيرًا عن ما سبق بالأعوام الماضية، وهو ما تشير إليه جيهان مرسي، التي تؤكد أنها حاولت التركيز مع أعضاء اللجنة العلمية على موضوعات غير بعيدة عن الحالة الفنية التي نعيشها حاليًا.
وتضيف: كنت دائمًا أطلب تبسيط اللغة لأَنِّي أريد أن يستوعب الجمهور هذا المحتوى العلمي، ولدينا في هذه الدورة العديد من الموضوعات الهامة لمناقشتها مثل المرأة والذي يقدم لأول مرة، كذلك الطفل والشباب وهي محاور هامة، والحقيقة أن اللجنة العلمية عندما اجتمعت كانت اختيارات موضوعاتها أغلبها للمرأة لكنني طالبتهم بالتنويع، وأعترف بأنني فوجئت بكم كبير من الأبحاث العلمية التي حصلنا عليه هذا العام بعكس كل عام، وهذا دليل على أن هذه المحاور هذه المرة اجتذبت العديد من الجمهور.
أما مسألة اختيار مطربي الأوبرا المشاركين بالمهرجان وغيرها من حفلات الموسيقى العربية فأنا لا أتدخل فيها حتى لا يتهمني أحد بفكرة المجاملة والواسطة، لذلك ننظم اختبارات دورية بمشاركة لجنة هي وحدها التي تقييم من الذي يحصل على الفرصة وحتى الشكل الخارجي للمطرب لابد أن يكون هناك اهتمام به لأنه في النهاية في وجه الجمهور، وهناك من يأخذون درجة تميز، لذلك نمنحهم فرصة الغناء بفاصل فى المهرجان أو وضعه في احتفالية معينة من التي ننظمها طوال العام.
هنا سألت مديرة المهرجان "كم بالمئة تحققت من طموحاتك للمهرجان في هذه الدورة؟" وأجابت : صفر بالمئة فحتى الآن وبالرغم من ردود فعل الناس على الحفلات والتي رفعت شعار كامل العدد إلا أنني أشعر أن شيئًا لم يتحقق لأنني لاأستطيع تقييم المهرجان إلا بعد انتهائه، وفى النهاية أتمنى إحضار نجوم كبار من الوطن العربي، ونفسي مصر يغزوها المطربين الذين يغنون في أفضل الأماكن، خصوصًا ونحن الآن في منافسة مع السعودية والكويت ودبي وكل الدول التي تدفع مبالغ ضخمة لا نستطيع دفعها لكن يبقى لنا الريادة والشهادة التي يحصل فيها الفنان على نجاحه تكون من أرضنا، والحقيقة أغلب النجوم الذين يحضرون هنا لا يأخذون أجرا أو يحصلون على شيء رمزي، لكنهم يحبون المهرجان والأوبرا ومصر، فنحن لنا بريق خاص.
الشرنوبي وريهام عبد الحكيم ومي فاروق
هناك اهتمام للشباب بات حاضرًا في المهرجان والدليل تكريم اثنين من أهم أعمدة المهرجان من الشباب مثل ريهام عبد الحكيم ومي فاروق، وهو ما تحدثت عنه مديرة المهرجان مؤكدة أن للأثمان قيمة فنية كبيرة فقد بدءا في الأوبرا وهما أطفال وظلا متمسكين بهذا المكان حتى الآن، وتكريمها يعد نوعًا من التشجيع على الاستمرار خصوصًا أنهما لم يتأخرا على أي حدث بالأوبرا فقد أعطيا الكثير، والأوبرا تتشرف بهما.
لكن اختيار محمد الشرنوبي وتقديمه حفلًا بمفرده قد أثار حفيظة البعض خصوصًا أنه في بداية رحلته كمطرب، وهنا علقت مرسي قائلة: محمد الشرنوبي صوت حلو، وأتذكر عندما جاء لي طفلًا وشاركنا في أوبريت محمد عبد الوهاب وأبهر الحضور، واختياره ليس به أي نوع من المجاملة فهو فنان موهوب ويجمع بين موهبة التمثيل والغناء مثل الكثيرين، وهذا الحفل أردت من خلاله أن يكون مزيجًا من المطربين الشباب حيث يشاركه بالحفل أيضًا الفنانة فايا يونان وكارمن سليمان، وبالمناسبة حفلة الشرنوبي من أكثر الحفلات المباعة نظرًا لجماهيريته الكبيرة، والحقيقة أنه قدم لي برنامجا فنيا متنوعا يمزج بين أغاني محمد عبد الوهاب ومحمد فوزي وغيرها، ودعينا نوضح أن شجرة المطربين الكبار بالتأكيد تتساقط ولابد أن تدخل أجيال جديدة تعوض هذا الفراغ.
وفي مقاطعة من "بوابة الأهرام"، هل هذا الفكر سبب دمج عدد من الموسيقيين الشباب في اللجنة التحضيرية للمهرجان مثل الملحن محمد رحيم والشاعر هاني عبد الكريم؟ بالتأكيد فالدنيا تتطور من حولنا، ولابد أن يكون هناك جمع بين أهل الخبرة والشباب، فالتغيير سنة الحياة.
التسويق الإعلامي وميزانية المهرجان
لا يزال سوء الحظ يحالف مهرجان الموسيقى العربية في كل عام بسبب عدم وجود راع له، وبالرغم ما قد أعلن سابقًا بالاتفاق مع راع وقناة في الدورة الجديدة، إلا أنه لا شيء على أرض الواقع، وهنا تؤكد جيهان مرسي أن فكرة الرعاة تقتصر بالمهرجان على تعاقدات الطيران والفنادق لكن فكرة أن يكون هناك راع له لا تزال مرتبطة بالروتين، ورغم محاولات تذليل العقبات لكن لا تزال الأزمة موجودة بإدارة التسويق، والأمر ذاته بالنسبة لفكرة القناة الراعية.
وتضيف: هناك العديد من الجلسات التي تحدث لكن الأمر أيضًا يتعرض لكثير من العوائق لأنه في بعض الأحيان الإجراءات القانونية لا تصلح، أو الفنانون بعضهم يرفض لأنهم يوافقون فقط على التليفزيون المصري في أحقية البث.
وبالنسبة لميزانية المهرجان التي يراها الجميع غير معلنة، فأنا أراها مسألة خاصة لا يجوز النقاش فيها علنًا ولكن ما أستطيع قوله إننا نقوم برواج سياحي وإعلامي كبير فنحن على الأقل لا نخسر ونغطي تكاليفنا، فهناك عروض أخرى تقدم ولا يوجد لديها مردود، والدليل على نجاح المهرجان أن الجمهور يحضر حتى مع الارتفاع الطفيف لسعر التذكرة لأنه يشاهد قيمة فنية.
هل سيكون حفل الافتتاح بتيكت مبيع في السنوات المقبلة كما حدث هذا العام؟ وهل أرجأت فكرة إقامة أوبريتات غنائية بالمهرجان للأبد؟
تشير جيهان مرسي إلى أنه بالماضي كان هناك كثافة في تقديم هذه الأوبريتات عندما كانت محددة بمسئوليات بعينها لكن حاليًا فإن الأمر يحمل صعوبة كبيرة لأنها تتحمل مسئولياته كاملة، متمنية أن يحضر إليها أحد فكرة تقوم بتنفيذها، وفيما يتعلق بفكرة تذاكر حفل الافتتاح توضح مديرة المهرجان أنه منذ عاميين فقط، أصبح الافتتاح مقتصرًا على حضوره بدعوات لأنه كان يتضمن كلمات افتتاحية وغيرها، وهو ما كان يمثل عبئا على الحضور ولكن في العام المقبل سوف نجعل حفل الافتتاح بتذاكر أيضًا لأن المهرجان يتكلف ولا تريد الضغط والتحميل عليه- بحسب وصفها.
وتنوه جيهان مرسي إلى أنها تطمح في استمرار المهرجان لكونه وصل إلى محطة هامة ومكانة كبيرة والدليل استمراريته حتى هذه اللحظة، متمنية أن من يحضر بعدها يعمل بنفس الطريقة التي عملت بها منوهة بأن المهرجان في سنواته الأخيرة حقق رواجًا كبيرًا وأزال كثيرا من العقبات التي كانت تواجههم في تعاقداتهم مع النجوم الكبار، من حيث التمسك بالعمل مع فرقته الخاصة مثلًا بخلاف اهتمامنا بتقنيات الصوت والإضاءة، وهو أمر طبيعي نظرًا للمنافسة الشرسة التي ندخل فيها مع الأوبرات المنافسة.
محطات النجاح لجيهان مرسي
تتويجًا لرحلة العمل التي خاضتها جيهان مرسي منذ عملها بدار الأوبرا المصرية، كان الاحتفاء بها هذا العام ذا طبيعة خاصة، حيث كرمت مرتين ضمن فعاليات مهرجان القلعة للموسيقى والغناء وأيضًا خلال احتفالية دار الأوبرا المصرية بعيدها الحادي والثلاثين، وعن هذه اللحظة تتحدث مرسي:"التكريم تتويج لمشواري في العمل بكل تعب واجتهاد ومنذ أن بدأت عملي في هذا المكان لم أنتظر أي تكريم، وعندما جئت لهذا المكان كان لابد أن أكون مميزة، لذلك عملت على نفسي كثيرًا وخضت تجربة الإخراج للعديد من الأوبرات التي عملت فيها كمساعد مخرج للعديد من المخرجين الأجانب ثم إخراجي أوبرات كاملة، والحقيقة أنني كنت محظوظة على جميع المستويات، فكل رؤساء الأوبرا الذين جاءوا كان مؤمنين بقدراتي، لذلك وضعت في كثير من المهام الصعبة، وعلى مدار رحلة عملي عملت بمبدأ "العمل عبادة" لذلك لم أنظر في ساعتي يومًا، وتكريمي الأخير في احتفالية الأوبرا يلخص رحلة اجتهادي وجهدي في هذا الصرح الثقافي العظيم.