من المشاهد التي لا تنسى في السينما المصرية، ذلك الذي جمع بين الفنانة شادية والفنان شفيق نور الدين، في فيلم مراتي مدير عام، والذي قال فيها جملته المشهورة التي صارت من أقوى الإفيهات في السينما، " أبو حنيفة قال ما ينقضشي".
موضوعات مقترحة
يعتبر الفنان شفيق نور الدين الذي نحتفي اليوم بذكرى ميلاده الـ108، واحدا من عمالقة الفن الذين ظهروا في مرحلة عمرية تحطت الشباب، أمثال الفنان عبد الوارث عسر، وفؤاد شفيق، وحسين رياض، ومحمد توفيق وحسن البارودي، وغيرهم من النجوم الذين تركوا بصمات واضحة بمشاركتهم في روائع السينما المصرية.
من تجارة القطن للتمثيل في السينما مساحة كبيرة استطاع الفنان شفيق نور الدين أن يتخطاها، حيث بدا عشقه للفن في سن صغير فكان يشاهد عروض الفرق المتجولة ويجمع أطفال القرية فى الجرن أمام منزله وكونوا فرقة تمثيل وكان يقوم بدور المخرج والمؤلف والممثل.
ولد الطفل شفيق نور الدين فى 15 سبتمبر عام 1911 بقرية بجيرم مركز قويسنا محافظة المنوفية لأب يعمل تاجرًا فى بورصة القطن، وأم رحلت قبل أن يكمل سن الحادية عشرة وتركته هو وشقيقته الصغيرة مع والدهما.
إتقان الفنان نور الدين للغة العربية، ساهم كثيرا في إجادته للتمثيل، وعلى الرغم من التحاقه بمدرسة الصنايع وحبه للميكانيكا والأعمال الهندسية إلا أن حبه للتمثيل شغله عن المذاكرة فلم يكمل دراسته.
عاش الفنان نور الدين، بين المنوفية والقاهرة، حيث كان حريصا على حضور محاضرات الفنان والمسرحي زكي طليمات الذي راهن عليه وزكاه عند خليل مطران مدير إحدى الفرقة القومية للتمثيل في ذلك الوقت، وبالفعل تم اختياره، فبدأ سلم الفن من باب التلقين، وهو ما ساعده كثيرا عندما احترف التمثيل، وحصل على شهادة معهد الفنون المسرحية.
صدفة "ملك القطن"
وحدها الصدفة، كانت وراء ترك الفنان نور الدين التلقين والظهور لأول مرة كممثل، عندما غاب أحد الممثلين أثناء عرض مسرحية "ملك القطن" فوجد المخرج الحل فى الاستعانة بملقن الفرقة لأداء الدور، وبالفعل نجح فى أداء الدور، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من حياته مسرحيا.
وعلى الرغم من أنه بدأ التمثيل فى سن 25 سنة، إلا أن الجمهور لم يعرفه إلا كبيرا بسبب أن معظم المسرحيات التى شارك فيها لم يتم تسجيلها.
البداية الحقيقة للفنان شفيق ظهرت مع بداية افتتاح التليفزيون حيث أسند له المخرج نور الدمرداش بطولة فيلم "تاكسى" الذى يحكى 5 حكايات مختلفة بطلها سائق التاكسى، وحصل على جائزة مهرجان التليفزيون عن هذا الدور.
ومن ضمن المسلسلات التي شارك فيها " الضحية، عائلة سى جمعة "، إلى جانب تقديمه أعمالا فنية للأطفال منها مسلسل "كرتون حمادة وعمو شفيق، ورحلة عم مسعود".
وسينمائيًا لدا الظهور من خلال أدوارا صغيرة لكنها كانت مؤثرة منها دوره في فيلم،" دهب، وشاطئ الغرام".##
قالوا عن شفيق
قال سعد الدين وهبة، عن الفنان نور الدين:" كنت أكتب المسرحية وأنا أرى شفيق نور الدين فى الدور ولا أتخيل أن يقوم به غيره".
وقال عنه الفنان عبدالمنعم إبراهيم، إنه فنان عالمى ولكن لم ينل حظه.
بعد أدائه الرائع في دور "على الطواف" في مسرحية ومسلسل "عيلة الدوغري" طالب الفنان والمخرج عبدالرحيم الزرقاني بعمل تمثال لهذه الشخصية قائلًا: يجب وضع تمثال لشفيق نور الدين بملابس "على الطواف" فى مدخل المسرح القومى".
وعلى المستوى الشخصي تزوج شفيق نور الدين مرة واحدة، وله 6 أبناء، 4 بنات وولدان أحدهما الفنان نبيل نور الدين، وسكن لفترة فى باب الشعرية حتى بنى بيتا فى العمرانية واستقر فيه حتى وفاته.
لقبه أهل الفن بزعيم الفلاحين والممثل الفلاح، لاحتفاظه بسمات الريف الذي لم تغيره حياة الحضر.
7 صنايع
إلى جانب التمثيل اتقن الفنان نور الدين العزف على العود، ويهوى النحت، وبارعا في إلقاء الشعر، إلى جانب إتقانه في إصلاح الأجهزة الإلكترونية.
كما درب الفنانين "حمدى أحمد، وعبدالمحسن سليم وعزت العلاليلى وأبوبكر عزت ومحمود ياسين وصلاح قابيل" على التمثيل.
تكريمات وأوسمة
تم تكريمه فى حياته من الرئيسين عبدالناصر والسادات، فحصل فى عيد العلم على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من عبدالناصر عام 1963، وفى عيد الفن كرمه الرئيس السادات على مجمل أعماله.
كما حصل على تكريم من المركز الكاثوليكى، وعلى عدد من الجوائز عن أدواره فى أفلام كثيرة.
من أهم الافلام والمسرحيات التي شارك فيها: جفت الأمطار، وشياطين الليل، والمومياء، والقاهرة 30، وعيلة الدوغري – المسرحية التي تحولت إلى مسلسل – مراتي مدير عام، عبيد الجسد، معبودة الجكاهير، سكة السلامة"، وغيرها من الأعمال التي تصدر معظمها قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية
مشاهد مؤثرة
ومن أقوى مشاهده في السينما دوره في فيلم القاهرة 30، والذي قدم فيه شخصية والد حمدي أحمد، ودوره في فيلم مراتي مدير عام، والذي أدى فيه دور موظف كبير في الشركة التي ترأسها الفنانة شادية، حيث كان يرفض السلام باليد عليها لعدم نقض وضوئه، وفي آخر الفيلم سلم عليها قائلًا:" أبو حنيفة قال ما ينقضشي".
آخر ليلة
عانى الفنان شفيق نور الدين في آخر ستة أشهر من حياته من حساسية الصدر، التي اشتدت عليه ليلقى ربه في 13 فبراير 1981.
وخرجت جنازته من المسرح القومي، حيث أصرت الفنانة سميحة أيوب – كانت وقتها المديرة- وكانت جنازة مهيبة وعزفت الموسيقى العسكرية وحضر كل الفنانين والأدباء والمخرجين وأصر الفنان الراحل صلاح قابيل والمخرج على سالم أن يسافرا لدفنه في بلدته.