Close ad

في احتفالية "تنمية المواهب".. حدوتة "المعلم" الذي احتفى به الحضور.. وملحوظتان لابد من وضعهما بالاعتبار| صور

16-7-2019 | 20:21
في احتفالية تنمية المواهب حدوتة المعلم الذي احتفى به الحضور وملحوظتان لابد من وضعهما بالاعتبار| صور	احتفالية "تنمية المواهب"
سارة نعمة الله

خطوات محسوبة ومنتظمة.. العمل يسير كأنك في طابور تحية العلم ..علامات الانسجام والمحبة مؤشر واضح كضوء حرارة الشمس بين الجميع ويبقى الأهم بين هذه الكلمات وذاك، فكرة الحفاظ على المعادلة الصعبة التي تجمع بين تقديم الفن، وتقديم فنان شامل يستطيع أن يمتلك خشبة المسرح ويبهر الجمهور بحضوره.

موضوعات مقترحة

هذه الكلمات ليست مجرد أحلام يمكن أن تخطر في عقل من يحب الفن ويبحث عن مبدعيه لكنها حقيقة تحققت بالفعل في ليلة العرض السنوي لإحتفالية فصول الباليه لمركز تنمية المواهب بدار الأوبرا المصرية، تلك الليلة التي ارتفعت فيها صقفات وصفارات الحضور إشادةً بالبراعم الناشئة والمواهب الشابة المتألقة، وألقوا بالورد على البطل الحقيقي وراء هذه الاحتفالية وهو مخرجها ومصممها الدكتور سامح صابر.

احتفالية "تنمية المواهب"

الاحتفالية ضمت ثلاثة أجزاء تبعها قبل الختام عرض فيلم "ميكينج" يستعرض خطوات تدريب راقصات الباليه بمركز تنمية المواهب من الآصغر سنًا "٥ سنوات" وصولًا لمرحلة الشباب، ويختتم الفيلم بكلمات كتبها قائد العمل سامح صابر في نهاية عرض الفيلم، تلك الكلمات التي أكد فيها محبته للفن واهتمامه بهذا النشأ ليس فقط في مجرد مقتطفات ظهرت في لقطات عابرة ظهر بها في الفيلم خلال تدريبه لهذه الأجيال ولكن لتأكيده في كلمته على أن دوره هو رعاية ودعم هؤلاء الذين أهدته أسرهم إياهم ليكونوا تحت قيادته وإشرافه واصفًا تلميذاته بالوردات.

حاول سامح صابر، في هذا العرض أن يقدم مزيجًا مختلفًا بين فن الباليه والعديد من الرقصات القومية للعديد من دول العالم جعلت من الحفل الممتد لأكثر من ثلاثة ساعات وهجًا خاصًا، فقد قدم بالجزأين الأول والثاني مقتطفات من مشهد "الحلم" في باليه "دون كيشوت"، و"ثلاثي" من باليه "فرعون" و"فالس" من باليه كوبيليا"، بالإضافة إلى تنويعات من باليهات كسارة البندق، وأسميرالدا، وبحيرة البجع، والجمال النائم بخلاف إعادة رؤية لباليه "شوبينيايا".

أما الجزء الثالث والأخير من الحفل فكان هو الحدث الجلل في هذه الاحتفالية، والذي شهد تفاعلًا جماهيريًا كبيرًا والذي قدم من خلاله العديد من الرقصات المتنوعة لدول مثل اليونان، وتركيا، وروسيا، وأوكرانيا، والمارش الصيني بخلاف الرقصة الهندية، والتارانتيلا، والمامبو، والكان كان، والمودرن، وشاكيرا ومايكل جاكسون ولكن بعيدًا عن الرقصات والعروض المقدمة فأن الجزء الأخير من الحفل يحمل خصوصية كبيرة للعديد من الأسباب التي تصب في نجاح الاحتفالية كاملة كما تشير لمؤشرات مهمة في المستقبل القريب سيتم استعراضها في السطور القادمة، ولكن ثمة رقصتان هامتان "صولو" لابد من الإشارة إليهما في هذا الجزء.

احتفالية "تنمية المواهب"

الرقصة الأولى "سومة" التي قدمتها الراقصة ياسمين الهواري صاحبة الأداء الخاص في تقديم رقصتها على نغمات أغنية "أنت عمري" لكوكب الشرف أم كلثوم والتي مزجت فيها بين خطوات الباليه والرقص المعاصر بأداء مفعم بكثير من الحيوية والانسجام التام والتلاحم مع نغمات الموسيقى الشرقية كل ذلك وسط تأثر بدا في الحركة وتعبيرات الوجه المكملة للراقصة التي خاضت أيضًا تجربة التمثيل في عدد من المشروعات كان آخرها فيلم "جريمة الإيموبيليا" الذي عرض على هامش فعاليات الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي.


احتفالية "تنمية المواهب"

ياسمين الهواري هنا ليست مجرد راقصة باليه تمر على المشاهد دون أن تلفت الانتباه بأدائها، لكونها تحمل نضجًا ووعيًا في استايل رقصتها بالإضافة لما تمتلكه من حفاظ على رشاقتها وقوامها المثالي الذي يساعدها على ضبط حركتها والتلون في تقديم رقصتها بين الباليه الكلاسيك والرقص المعاصر، كما أن تجربتها التمثيلية في بعض الأدوار منحها ثقة وتفوقا أكبر في مزج أحاسيسها الداخلية وظهورها في حركاتها الراقصة على المسرح.

وبخلاف ذلك فإن تألق ياسمين يبدو على جانب آخر يتضمن عملها كمساعدة مع الدكتور سامح صابر في إخراج هذه الاحتفالية، ما يشير لتشبعها بتجربة وتعليمات الأستاذ "المعلم" الذي بدا واضحًا في تنفيذ المهام ما نتج عنه خروج الاحتفالية بهذا الإبهار الفني وتقديم مخرج العمل التحية لها في الختام.

احتفالية "تنمية المواهب"

أما الرقصة الثانية التي أحدثت تفاعلًا وإبهارا بين الحضور كانت للغجرية التي قدمتها "حبيبة الشاذلي" والتي توهم بعض الحضور أنها سقطت خطأ في نهاية رقصتها من واقع تفاعلها واندماجها بها وسط حركات سريعة ومنتظمة في تأني وانتظام واضح يمزج بين الخطوات السريعة والبطيئة التي تميل للأداء التمثيلي.


وبالعودة للجزء الثالث من حفل تنمية المواهب كما ورد الذكر في السطور السابقة فإن ثمة أمورا لابد من الإشارة لها في مقدمتها أن مخرج العمل جعل هذا الجزء في ختام احتفاليته بعد أن مهد وأدخل الحضور في مود خاص بدأه بتقديم نماذج متنوعة من رقصات الباليه الكلاسيكي المتنوعة ثم صاعد مزاجية الجمهور وأشعلها حماسة بالجزء الأخير الذي اشتعل بالتصفيق والهتاف طوال فقرات العرض بخلاف التيمة التي قدمت في هذا الجزء من واقع تقديم نماذج من الرقصات القومية للعديد من الدول بالعالم، وفيما يتعلق بالرقصة المصرية اختار سامح صابر أن تكون أم كلثوم هي البطلة لأنها تعتبر الرمز للدولة المصرية بفنها وثقافتها وهو اختيار شديد الذكاء من صاحبه.

احتفالية "تنمية المواهب"

وكان الأكثر احترافية في إخراج هذه الاحتفالية ما قدمه المهندس محمد الغرباوي في تنفيذ الديكورات والتي لم تحمل إبهاراً كبيرًا بل بساطة في محاولة منه للاقتراب من توحيد لوحات العرض في كل فصل بالرغم من تعدد الرقصات من ناحية، وحتى يسهل القدرة للرقصات على التحرك على خشبة المسرح بسهولة وبساطة.

لكن ملحوظتان هامتان تشير لهما هذه الاحتفالية الأولى: وهي الأكثر قلقًا على مستقبل راقصات الباليه فصحيح أن أغلب من شاركوا في العرض من صاحبات الأجساد الرشيقة والحركة الخفيفة ولكن هناك بعضهن لديهن جسد ممتلئ بعض الشىء ويبدو أن ذلك نتاج عدم اتباع حمية غدائية سليمة تساعدهن على الحفاظ على أوزانهن، وصحيح أن بعض الراقصات اللاتي نشير إليهن قدمن رقصاتهم بأداء جيد ولكن هذا لا يمنع أنهن كن أصحاب خطوات بطيئة عن باقي زملائهن نظرًا لامتلاء الجسد كما أن ذلك يبدو بصورة أوضح في رقصات الباليه والتي تطلب الوقوف على نقطة الـ "بوينت" مما يجعل اتزانهمن عليها صعبا بعض الشىء ما ينعكس بطاقة وحيوية في الرقصات العادية مثل التي قدمنها في الفاصل الأخير نظرًا لأنها لا تتطلب الحركات الصعبة والمنضبطة التي تحملها رقصات الباليه.

أما الملحوظة الأخيرة: فتشير إلى أنه بالرغم من إقبال الكثيرين على تعلم فن الباليه في الوقت الحالي إلا أنه لا يزال هناك ميل جماهيري أكبر تجاه الرقصات العادية والدليل التفاعل الكبير الذي شهده الجزء الأخير من العرض فصحيح أن الاحتفاء بتقديم مشهد باليه شهير لن يكون بقوة رقصة عادية على أنغام موسيقى حديثة وحيوية لكنه في النهاية مؤشر ينبه لمدى الاهتمام والاندماج بهذا الفن.

احتفالية مركز تنمية المواهب إن دلت على شىء فتشير إلى وجود كثير من الأجيال الموهوبة والمميزة التي لابد من إلقاء الضوء عليها وتعيد فكرة ثقافة المعلم "الأستاذ" الذي يمنح خبرته ويجمع أبناءه تحت مظلة حب وعمل مشترك.              

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: