Close ad

سر نجاح "أبو العروسة ٢".. استكمل نمط قامت عليه الدراما المصرية واقترب من قضية حساسة

4-4-2019 | 18:19
سر نجاح أبو العروسة ٢ استكمل نمط قامت عليه الدراما المصرية واقترب من قضية حساسةمسلسل ابو العروسة
سارة نعمة الله

لا تزال مسلسلات العائلة تحتل النصيب الأعظم من الاهتمام والمتابعة الجماهيرية، وهذا أمر لا غرابة فيه ، فالدراما  المصرية قام بناؤها الأساسي على هذا النمط العائلي بداية من المسلسل الشهير "القاهرة والناس" مرورًا بمسلسلات "بابا عبده"، "عائلة شلش"،"ليالي الحلمية"، "لن أعيش في جلباب أبي" وغيرها من عشرات الأعمال، وصولًا للمسلسل الأكثر جماهيرية في الفترة الأخيرة "أبو العروسة".

موضوعات مقترحة


قبل أن نخوض في تحليل العمل هناك تساؤل يفرض ذاته على مسلسل "أبو العروسة" الأول وهو لماذا نجح العمل في الشارع المصري؟ والإجابة على هذا التساؤل لعلها تحمل الكثير، لكن هناك أمرين محددين لابد من الإشارة إليهما، أولهما أن النجاح الذي حققه جزأه الأول عقب عرضه العام الماضي يعود لتقديمه فكرة نمط العائلة في الدراما المصرية بعد غياب سنوات طويلة خصوصًا بالعقد الثاني من الألفية الجديدة التي سادت فيها دراما الأكشن والفورمالين الأجنبية، أما ارتباط نجاح الجزء الثاني مع الجمهور فيتعلق بأمر آخر ينحصر في الفكرة التي بنى عليها المؤلف هاني كمال أحداث مسلسله هذه المرة، وهذا هو الموضوع الأهم.

ليس من السهل على المشاهد تقبل فكرة دراما الأجزاء المسلسلة في الوقت الحالي بخلاف ما كان عليه في الماضي وإن كان "ليالي الحلمية" نموذجًا على ذلك على سبيل المثال لكن في الآونة الأخيرة لم يعد المشاهد يطيق مثل هذه الأعمال المطولة للعديد من الأسباب، أبرزها ارتباطه بنوعيات درامية أخرى ظهرت في الآونة الآخيرة سواء كان في مصر مثل مسلسلات الفنان يوسف الشريف أو غيرها من الذي يتابعه على شبكة نتفليكس وغيرها من الشبكات والمواقع العالمية المتخصصة التي تختصر وقت المشاهد في عرض درامتها بدون وقفات إعلانية مطولة "وهو أمر ينشر إليه لاحقًا" لذلك فإن شرط نجاح الجزء الثاني من "أبو العروسة" استوجب استحداث فكرة ثرية لبناء الأحداث.

اختار مؤلف العمل هاني كمال، أن يجعل "الخيانة" قضيته الأساسية في هذا العمل من خلال التفريعات المختلفة لشبكة العلاقات بين الأبطال التي بنيت عليها الأحداث وهذا أمر شديد الجدية والذكاء، فالخيانة قضية اجتماعية شديدة الحساسية، وهي قضية معاصرة، إلى هنا يسير المؤلف في تحقيق هدفه خاصة وأنه من فكرة الخيانة خلق خطوط موازية تتعلق بخيانة الابن للأب "خيانة مبادئ تربي عليها" أو بين الأصدقاء "إذا اعتبرنا أن محاولة موافقة رانيا فريد شوقي على الزواج من طليق صديقتها المقربة قبل عدولها في القرار دلالة على ذلك" ولكن لماذا كل هذا التحميل والتداخل حتى يصبح الجزء الثاني "٦٠ حلقة" فيكتمل ثنائية العمل بـ "١٢٠ حلقة" فليس من المنطقي أيضًا أن تكون أزمة الحياة العائلية كلها تتلخص في فكرة الخيانة.

ولنقف مثلًا عند نموذج عائلة محمد السعدني "مهند" صديق "أكرم" الذي يلعب دوره الفنان ميدو عادل، الذي تزوج من شقيقة صديقه القاتل الهارب فالمفترض أن أزمة العلاقة بينهم تأتي من هذه الفجوة أن شقيق زوجته قاتل هارب ما يفرز عنه في النهاية سبب خيانته لها بأخرى وليس العكس، كما بدا في أحداث العمل حيث بدت هذه العلاقة في بداية الأحداث في خلافات مستمرة بين الزوجين ثم مرحلة "شد وجذب" إلى نهاية الأحداث التي كشفت عن أزمة "مهند" مع زوجته التي لا يريد الإنجاب منها، وهذا الخط وحده كفيل أن يحمل بكثير من المشاهد والأفكار في العلاقة بينهما، بعيدًا عن فكرة "الخيانة".

الأمر ذاته في علاقة محمود حجازي وولاء الشريف "زينة" و"طارق" فطوال أحداث العمل حتى بالرغم من تغير طريقة العلاقة بينهما قليلًا بسبب تركه عمله وتوليه عمل ومهام والده أحمد صيام "داود" لم نجد أزمات كبرى تجعل هناك ذريعة لتحفز البطل لخيانة زوجته التي تخطى معها مرحلة الحب، لذلك فإن فكرة رؤية زوجته "زينة" له مع صديقته وهو يحاول سندها نظرًا لحالة الوهن التي كانت عليها واعتبارها خيانة غير منطقية خصوصًا أنها كانت تشجعه على الخروج معها.

كذلك لم يكن هناك أمر يستدعي ظهور "أكرم" في شخصية الخائن لأن البناء الدرامي الذي قدمه المؤلف لشخصيته شديدة الجودة والطازجة فقد رسم ملامح لشخصية شاب قرر التخلي عن المبادئ، وهذه في حد ذاتها قضية شديدة الأهمية بنيت عليها روايات العديد من الكتاب في الماضي، وكان نجاح المؤلف هنا أن يجعل "أكرم" نموذجا واضحا فقط لفكرة أنهيار المبادىء أمام حبيبته وقبلها والده الذي زرعها فيه بعيدًا عن فكرة الخيانة التي ظهرت فيها حبيبة الوالد القديمة ولم يكن لها جدوى مفيدة لوجودها.

والحقيقة أن هناك العديد من الشخصيات التي رسمها المؤلف يتوجب له فيها الشكر والتقدير في مقدمتها الأم "عايدة" التي لعبت دورها الفنانة سوسن بدر فهي عن حق سيدة مصرية من الطبقة المتوسطة التي تحمل عصب وقوة المرأة في تحملها واجتيازاها المهام والصعاب، فبجانب حرفية المؤلف في رسمه للشخصية هناك أكثر من مدرسة أداء خاصة بالنجمة استخداماتها في هذا العمل ومنها "التجسيد" بخلاف تلقائيتها في تقديم دورها ببساطة خصوصًا بعد إصابتها بمرض "سرطان الثدي" وإن كانت هي واحدة من القلائل الذين قدموا هذا النموذج في الفترة الأخيرة باحترافية وببساطة شديدة دون مبالغة مفتعلة في الأداء كما فعل الكثيرون، ويؤخذ على المؤلف فقط أنه أجل الأمر إلى قرب انتهاء الأحداث بحلقات قليلة مما جعل المشاهد يشعر بأن هذه أمور تحمل أمرين، إما أن هناك جزءا ثالثا في الانتظار سنعرف فيه مصير "عايدة" معه لاحقًا وهذا هو الاحتمال الأرجح، وإما أن ذلك حدث لغرض ملء الأحداث.

أيضًا هناك بعض النماذج التي أضيفت للجزء الثاني تحمل أهمية مثل "ورد" الفتاة التي يتعرف عليها سيد رجب "عبد الحميد" رحلته للعمل كسائق أوبر، تبدأ بحالة من التكبر والغرور وانعدامية الإنسانية التي سيطرت على شخصية الفتاة والتي تنتهي بتحولها لشخص آخر حتى إنها تكون سببًا لتقديم فكرة "عيد العائلة" التي تعوض بها هذا الفقد الأسري الذي كان سببًا في تحول مسار شخصيتها.

ورغم ذلك فإن هناك نماذج أيضًا لم يكن هناك داع لوجودها إلا أن مؤلف العمل أراد الحفاظ على هذه التركيبة التمثيلية حتى يحتفظ بقاعدته الجماهيرية من المتابعة اختفاء شخصيات مرة واحدة أو تبديلها بفن آخر يحدث نوعا من الارتباك في المشاهدة ولكن الأمر هنا من المؤكد أنه كان سيختلف كثيرًا خصوصًا أن هناك شخصيات هي مثلًا مكروهة من الجزء الأول مثل طليق "شيري" صديقة رانيا فريد شوقي أو صديقتها الأخرى "فيفيان" التي لم يكن لها دور مؤثر في هذا الجزء بالرغم من أنها في الجزء الأول كانت عاملًا هامًا ومؤثرًا في الأحداث التي انتهت بعودتها لخطيبها خالد كمال "ملاك"، وفي الجزء الجديد فوجئ المشاهد بترك "فيفيان" له وزواجها من آخر ثم عادت لتبحث عن "ملاك" مجددًا وينتهي الأمر بزواجه من أخرى.

وإن كانت علاقة نيرمين الفقي "عبير" وزوجها مدحت صالح "جابر" قد حملت أكثر من اللازم بعودتهما ثم انفصالهما ثم زواج كل منهما من شخص مختلف إلا أنها انتهت نهاية منطقية بأن الزوج قال لها "مشعارف..أنا خايف أقول نرجع..أقولك خلينا كده في منطقة محايدة" وهذا أمر منطقي في نهاية العمل لأنه إذا كان حدث خلاف ذلك كان المشاهد سيشهد نوعًا من النقد.

وبعيدًا عن الشخصيات الآساسية أو المُضافة فإن الرسم الذي قدمه المؤلف هاني كمال لشخصية الأب "عبد الحميد" لا يزال يحتفظ بألق كبير خصوصًا مع التطورات الهامة التي وضعها المؤلف لشخصيته حيث خروجه على المعاش وشعوره بالوحدة فهذا أمر وحده كفيل أن يصنع عملًا بمفرده.

لا ينكر أحد المجهود المبذول من المخرج كمال منصور في هذا العمل بل يكفيه إدارة هذه الكتيبة الكبيرة من الممثلين، ويثنى عليه أيضًا في فكرة تتويج بعض أحداث العمل مترجمة بأغان مؤلفة خصيصًا له على غرار ما كان يحدث في عدد من الأعمال بالماضي واستحداثها مجددًا ولكن يؤخذ عليه في فكرة إقحام اللقطات الخاصة بمشاهد القطع بين المشاهد والتي كانت ترصد صورا لشوارع وأحياء القاهرة بدون مبرر درامي لذلك فنحن لسنا أمام عمل تسجيلي وصحيح أن المخرج يريد استحضار روح القومية في نفوس المشاهدين وهذا أمر واضح وإن كان مستترًا في فكرة العائلة ولكن كان يمكن تقديم مثل هذه اللقطات من خلال مشاهد التصوير ذاتها التي كان أغلبها منصبًا على المشاهد الداخلية داخل المنازل، صحيح أنه مسلسل عائلي لابد من الاحتفاظ هذا الشكل في آلية التصوير المكثف داخل المنازل لكن وجود بعض المشاهد الخارجية محتفظة بفكر المخرج في آلية ظهور شوارع وأحياء القاهرة "لم يكن ليفسد للود قضية".

الجزء الثاني من مسلسل "أبو العروسة" يحمل كثيرا من التفاصيل التي لا تتسع هذه السطور لسردها وبالرغم تركيزه على عدد من المشاكل كما ضربنا نموذجًا منها إلا أنه حمل ببعض المط والتطويل خصوصًا أنه كان يمكن اختزال وتكثيف الأحداث في صورة أقصر من مدة "٦٠ حلقة" كان أغلب مدة الحلقة الواحدة يذهب في زخم كبير من القطع والإعلانات التي تفصل المشاهد عن المتابعة أحيانًا كثيرة بسبب طول مدة الحلقة التي كانت تمتد لساعة ونصف أو ساعتين في بعض الأحيان.

ولعل ارتباط الجمهور بالجزء الثاني من "أبو العروسة" ما أفرزته "السوشيال ميديا" من مقاطع وصور كوميدية سخرية من العلاقات بين الشخصيات أبرزها علاقة "طارق" و"زينة" والتي وجدها البعض تحمل قدرًا من المبالغة في بعض الأحيان، ولكن حتى وإن كان الأمر هكذا فهذا دليل على نجاح العمل ومتابعته جماهيريًا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: