رغم مرور ثلاث سنوات، وتبقى ذكراه حاضرة في نفوس جماهيره، من مختلف أنحاء الوطن العربي.. تبقى ألقابه في أعماله حاضرة الذكر دائمًا، ونبرة صوته المميزة بين نجوم جيله حية، تتجدد في أذن المشاهد، بمجرد سماعه لمقطع من إحدى مشاهده.."مرسي الزناتي" سعيد صالح، الذي يتصادف ذكرى ميلاده ووفاته، بفارق يوم واحد، أمس واليوم، لا يزال خالد الذكر في نفوس محبيه، الذين قد يفاجئ الكثيرون، أن أغلبهم ينتمون لجيل الشباب والوسط، الذين رأوا شقاوتهم فيه، من خلال بعض أدواره التي قدمها في مقتبل عمره، سواء في مسرحية "مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت".
موضوعات مقترحة
كم من شاب لم ير ذاته في هذه الشخصيات المفعمة بالحيوية والمرح، هذه العلاقة التي كونها الراحل مع جمهوره، خصوصًا من هذه الفئة العمرية التي أحيت ذكرى ميلاده ووفاته عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يؤكد على المكانة والشعبية، التي صنعها جيل الوسط، وبقيت عالقة في ذاكرة الشباب، بالرغم من انتعاش ساحة الكوميديا في الوقت الحالي، وخروج العديد من الموهوبين في المشهد.
لكن الأسباب التي تجعل الراحل محتفظًا بمكانته في الوقت الحالي، برغم من اختلاف، وتجدد الكوميديا من فترة إلى أخرى كثيرة، وفي مقدمتها عنصر الصدق الذي كان يتمتع به الراحل، فأغلب من يقدمون الكوميديا حاليًا، يبذلون جهدًا كبيرًا في محاولة إضحاك المشاهد، مما يجعلهم يلجئون للإيفهات الخارجة.
ويندرج تحت موهبة الراحل، عاملًا هامًا يتمثل في ذكاؤه الذي جعله يتلون في أدوار الكوميديا، التي يقدمها بين الشرير حتى الجاسوس، كما ظهر ببعض خفة الظل في مسلسل "السقوط في بئر سبع" بعكس آخرين يصعب عليهم تحقيق المعادلة الصعبة، ويضاف لذلك، أنه لم يذهب للعمل مع نجم كبير بقامة الفنان عادل إمام، إلا إذا كان يبحث عن إضافة حقيقية لرصيده الفني، وليس لمجرد تحقيق شهرة أو ظهور على الساحة بين الحين والآخر، حتى في آخر الأعمال التي جمعتهم معًا، وهو فيلم "زهايمر" كان للراحل إضافة حقيقية من خلال مشهد واحد، أبكى فيه الكثيرين.
سعيد صالح عشق المسرح فعشقه هو الآخر، هذا الكيان الثقافي والفني الذي يمنح لصاحبه أرباحًا من النجاح وأخرى من اليأس، إذا كان علاقاته مجرد وسيط للشهرة، ولهذه المحبة تراكم لدى الراحل منحته الذكاء في التنوع في الاختيارات، وتجسيد أية أدوار دون أن يبقى قاصرًا على أداء أدوار معينة، ليبقى دائمًا صاحب مدرسة التلقائية والبساطة في الأداء دون تكلف.
بالتأكيد، إن الراحل إذا كان مستمرًا على قيد الحياة في الوقت الحالي، كان سيبعث حيًّا على خشبة المسرح، في ظل حالة التعافي التي يعيشها المسرح المصري حاليًا، ولكن على الجانب الآخر، لربما كان الأمر سيكون مشقة على فنان صادق مثله، إعتاد أن ينتقد بسخرية، ويعبر بصدق في الوقت الذي أصبحت فيه أقلام أغلب الكتاب، يبحثون عن فرصة الشهرة والمال، وأطاحوا بالمضمون.
التفاعل الذي أحدثه سعيد صالح، أمس، في ذكرى ميلاده، واليوم في وفاته، يؤكدان على بقائه حيًّا في قلوب محبيه، رغم مرور السنوات، هذا الأمر الذي لربما لا يتكرر كثيرًا من النجوم الراحلين، الذين إذا تَرَكُوا بصمة صادقة لدى المشاهد.