شكلت الحياة القاسية بل ورسمت مشوار الفنانة تحية كاريوكا، بعد انفصال والدها ووالدتها عن بعضهما، فلم تتحمل انفصال أبيها عن أمها، كما أن اعتداءات شقيقها المتكررة بضربها وربطها في السرير كان سببا قويًا لهروبها ليتلقفها الشارع الفني.
موضوعات مقترحة
كانت البداية الفنية لتحية كاريوكا من داخل كازينو بديعة مصابني، وفي أحد المرات التي شاهدها فيها الفنان سليمان نجيب عام ١٩٤٠ رشحها لتقديم رقصة منفردة بعنوان "كاريوكا" التى اختارها لها مصمم الرقصات "إزاك ديكسون" فى الأربعينيات من الفيلم الأمريكى (الطريق إلى ريو) فأجادتها، وارتبط اسمها بهذه الرقصة، حتى أن اسمها "بدوية محمد كريم "أصبح بعد ذلك تحية كاريوكا.
لم يقف طموح تحية كاريوكا - التي ولدت في مثل هذا اليوم من عام 1919 بمدينة الإسماعيلية - عند العمل في كازينو، حيث إنها كانت تشعر أن لديها طاقات آخرى يمكن أن تسخرها في الفن، فانطلقت إلى السينما بأدوار خفيفة بدأت تزيد مساحتها شيئًا فشيئا حتى صارت بطلة تنافس على شباك التذاكر.
حسين فهمى مع تحية كاريوكا فى احد الاجتماعات .
بدأت تحية كاريوكا حياتها السينمائية راقصةً في فيلم "الدكتور فرحات" عام 1935، وفي عام 1939 شاركت في فيلم "أجنحة الصحراء"، أول إنتاج وإخراج لأحمد سالم وبطولة حسين صدقي وراقية إبراهيم، وتوالت الأعمال السينمائية عليها حيث بدأ المخرجون يكتشفون أن لدى تحية كاريوكا إمكانات أخرى غير الرقص .
قدمت تحية كاريوكا خلال مشوارها الفني ما يقرب 300 ، عاملا فنيا ، ومن أهم أعمالها السينمائية:" لعبة الست" ،" شباب امرأة "، " خلي بالك من زوزو" ، " وداعاً بونابارت" ،"إسكندرية كمان وكمان " ، "مرسيدس"، "السقا مات " ،" سمارة" ،" أم العروسة " ،" الفتوة ".
واعتزلت كاريوكا الرقص الشرقي وتفرغت نهائيًا للسينما والدراما.
تحية كاريوكا تؤدى مشهد تمثيلى .
أما عن مسيرتها المسرحية فقد بدأت عام ١٩٥٤ مع فرقة إسماعيل يس فى مسرحية "حبيبى كوكو"، وفى بداية ١٩٦١ أسست مع فايز حلاوة فرقة "تحية كاريوكا" المسرحية وقدمت ١٨ مسرحية منها:" كل الرجالة كده " ،" يا الدفع يا الحبس " ،" حضرة صاحب العمارة"، "روبابيكيا" – " المعلمة " ، " يحيا الوفد".
وإلى جانب المسرح شاركت تحية كاريوكا في كثير من الأعمال التليفزيونية ومنها:" "سر الأرض"، "المنزل الخلفي" ، "مخلوق اسمه المراة "، "صابر يا عم صابر" ، "حكايات هو وهي"، "القلوب عند بعضها " سهرة تليفزيونية، وغيرها.
لقاء الشعراوي
من المواقف الطريفة والتي غيرت كثيرا في مسار الفنانة تحية كاريوكا هو لقاؤها مصادفة بالشيخ محمد متولي الشعرواي في أحد المرات التي كانت تؤدي فيها العمرة، وتوطدت العلاقة بينهما حيث كانت تتصل به كلما احتاجت مشورته أو نصيحته في أمور حياتها ، ويحكى أنه في صباح أحد الأيام، فوجئت "كاريوكا" على باب منزلها بطفلة رضيعة ملفوفة وملقاة على الأرض فطلبت من الشعراوي المشورة، وكيف تفعل بهذه الطفلة فأشار عليها الإمام بأن تأخذها وتقوم على تربيتها عسى أن تفتح لها باب التوبة والمغفرة عند الله قائلًا لها: "خذيها فهذه عطية من الله لكِ".
الأيام الأخيرة
أما عن الأيام الأخيرة في حياة كاريوكا فقد تناولتها ابنة اختها الفنانة رجاء الجداوي في لقاءات متلفزة قائلة إن آخر 26 عاما قبل رحيلها كانت تقضيها بين الحج والعمرة ، وعاشتها زاهدة حتى أنها وزعت كل ما تملك من مجوهراتها كما لو كانت تريد أن تتطهر من أي شيء ربما يكون اكتسبته وفيه شبهة حرام.
وقالت الجداوي إن اليوم الأخير في مرضها فؤجئت بتحية تطلب منها الذهاب الى المستشفى وعند خروجها من المنزل تمسكت في الباب قليلا كما لو كانت تودعه قائلة "أنها لن تعود إلى بيتها مرة آخرى".
وداخل المستشفى تدهورت صحتها كثيرا وعاشت على جهاز التنفس وبدأ الورم يسرح في يديها، فطلبت من رجاء قلم وورقة وكتبت فيها اسم فيفي عبده حيث اردات أن تذهب البنت "عطية الله " إلى فيفي لكي تستكمل تربيتها ورعايتها وهو ما حدث حتى الآن.