حيرتني شادية كثيرا وأنا أحاول جاهدا أن أهمس إليها بهذا التقرير في ذكرى ميلادها الـ 88، فهل أتحدث عن شادية الممثلة أم المطربة، أم الإنسانة.. ثلاث ساعات مع دلوعة السينما لا تكفي في تلخيص مسيرة فنية اقتربت من نصف قرن خاصة مع "نجمة الشباك الأولى لمدة تزيد على ربع قرن".
موضوعات مقترحة
"رحلة العمر ابتدت"
صدفة وربما إعلان لم يكن على البال والخاطر رسم أولى خطوات فاطمة أحمد كمال شاكر "شادية"، في عالم الفن بعدما وقع تحت يد والدها المهندس الزراعي أحمد كمال شاكر إعلان مسابقة تنظمها شركة اتحاد الفنانين لاختيار وجوه جديدة.
وتقدمت شادية التي لم يكن يتجاوز عمرها 16 عاما في ذلك الوقت من عام 1947 لاختبار تمثيل داخل ستديو مصر، أمام المخرج أحمد بدرخان الذي كان يبحث عن وجوه جديدة لفيلمه الذي لم يكتمل، فقدمها بدرخان إلى حلمي رفلة والنجم محمد فوزي في فيلم "العقل في إجازة" ومن فرط نجاح الفيلم جعلها فوزي بطلته في العديد من الأفلام التي أنتجها أو شارك فيها، " الروح والجسد، والزوجة السابعة، وصاحبة الملاليم، وبنات حواء".
شادية مع صلاح ذو الفقار في فيلم "أغلى من حياتي"
وأطلق عليها الفنان الراحل عبد الوارث عسر اسمها الفني "شادية"، حيث كان يعطيها دروسا في الإلقاء، ففاجأها قائلا "أنت شادية الكلمات"، ومنذ هذا الوقت أصبحت فاطمة التي ولدت في مثل هذا اليوم من فبراير عام 1934 بمنطقة الحلمية الجديدة بالقاهرة، "شادية".
شادية مع صلاح ذو الفقار
قطار الرحمة
على مدى مشوارها الفني شاركت شادية البطولة أمام كبار النجوم، حيث تألقت وإبدعت أيضا مع عماد حمدي الذي جمعهما معا "قطار الرحمة" تلك الفكرة التي جاءت بعد نكبة 1948، حيث أمر محمد نجيب أول رئيس مصري بتسييره إلى غزة بعد أن يمر بمدن وقرى ونواحى مصر لاستقبال ما يتبرع به السكان هناك من مواد عينية؛ ليتم شحنها وتوزيعها، ومن هنا بدأت علاقتها بعماد حمدي وأثناء تصوير مشاهد فيلم "أقوى من الحب" بالإسكندرية تزوجت منه لمدة ثلاثة أعوام.
وخلال هذه الفترة قدما معا مجموعة من الأفلام: "المرأة المجهولة، ارحم حبي، ليلة من عمري، شاطئ الذكريات، لا تذكريني ، وأقوى من الحب، وميرامار".
تنوعت الشخصيات التي قدمتها شادية على الشاشة، ما بين الفلاحة، والعاشقة والخائنة والمتمردة والطيبة واليتيمة والمسكينة والأم والعجوز والعربيدة .
شادية مع صلاح ذو الفقار في فيلم "مراتي مدير عام "
نجيب محفوظ
كان للأديب الراحل نجيب محفوظ نصيب كبير في حياة شادية الفنية حيث قدمت أفلاما عن روايات، مثل "ميرامار، وشيء من الخوف، واللص والكلاب، وزقاق المدق، والطريق، ونحن لا نزرع الشوك".
وعلى الرغم من نظرة نجيب محفوظ الظالمة لشادية - قبل أن تكون بطلة للعديد من رواياته كنجمة دلوعة وخفيفة الظل ولاتشبه بطلات رواياته، إلا أنه عندما قدمت "نور" في فيلم اللص والكلاب، تغيرت نظرته كثيرا حيث قال: "إنها ممثلة بارعة تستطيع أن تؤدي أي دور وأي شخصية وليست فقط الفتاة الدلوعة".
ادخلوها سالمين
وخلال مشوارها الفني قدمت شادية العديد من الأغاني القصيرة واختتمتها بأغان طويلة، كما غنت للأطفال، "ماما يا حلوة، وسيدي الحبايب"، كما قدمت العديد من الأغاني الوطنية، أشهرها أغنية يا حبيبتي يا مصر، وعملت شادية مع كثير من الملحنين أمثال محمد فوزي، وبليغ حمدي، ومنير مراد، محمود الشريف، رياض السنباطي، محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، محمد الموجي، كمال الطويل، خالد الطويل، قدمت خلالها باقة من أروع أغانيها:" دبلة الخطوبة، شباكنا ستايره حرير، عين الشمس، رحلة العمر، على عش الحب، سونه يا سونسن، آلو ألو احنا هنا، عطشان يا صبايا، خلاص مسافر، والله يازمن، ، أدخلوها سالمين، آخر ليلة، ، مكسوفة، يا أسمرانى اللون، مخاصمني بقاله مدة، لحن الوفا، ياسلام على حبي، مش قولتلك يا قلبى.. مش قولتلك يا عينى.. يا سارق من عينى النوم، أوعى تسيبنى.. دور عليه تلقاه.. دور عليه دور، يا دنيا ذوقوكى بالفرح والهنا، القلب معاك ثانية بثانية، يا حبيبى عودلى تانى.. خلى عينى تشوف مكانى، إن راح منك يا عينى.. هيروح من قلبى فين، "خمسة فى ستة بتلاتين يوم"، و"فارس أحلامى"، و"حاجة غريبة، "حبينا بعضنا، و"الهوا ما لوش دوا، أحبك.. أحبك.. وأضحى لحبك بأعز الحبايب، زينة، وحياة عينيك وفداها عينيا".
"قطار الرحمة"
وخلال مشوارها الفني كونت الفنانة شادية مع الفنان صلاح ذو الفقار ثنائيا ناجحا، وتحولت قصة الحب بين شخصيتي “منى وأحمد” في فيلم “أغلى من حياتي” إلى واقع عام 1965، ورغم أن الحياة كانت سعيدة بين الزوجين إلا أن الأزمة بينهما قد بدأت حينما أرادت الفنانة شادية الإنجاب، رغم تحذير الأطباء لها بسبب ضعف جسدها لكنها فقدت جنينها في شهرها الرابع وحدث الانفصال الأول عام 1969، لكن مع تدخل المقربين عادت إلى الفنان صلاح ذو الفقار حتى حدث الطلاق مرة أخرى عام 1972، لتقرر بعدها شادية التفرغ لتربية أبناء أخواتها ورعاية الأطفال الأيتام.
وقدمت شادية مع صلاح ذو الفقار أفلامًا تعد من أهم الأفلام التي قدمتها في حياتها، مثل أغلى من حياتي، عفريت مراتي، كرامة زوجتي، وزوجتي مدير عام".
ومع كمال الشناوي كونت شادية ثنائيا ناجحا أيضا، حيث قدما معا 27 فيلمًا، وعلى الرغم من حبه لشادية إلا أنه تزوج من أختها عفاف شاكر، ومن أهم الأفلام التي جمعتهما، فيلم "ارحم حبي، واللص والكلاب وساعة لقلبك".
وقدمت شادية مع رشدي أباظة عام 1962، فيلم الزوجة كما اشتركت معه في أفلام أخرى منها "نص ساعة جواز، والطريق".
ومع فريد الأطرش شاركته البطولة في "ودعت حبك، إنت حبيبي".
وأطلق الجمهور عليها لقب "معبودة الجماهير بعد أن شاركت العندليب عبد الحليم حافظ الفيلم الذي يحمل نفس اللقب، وقدما معا "لحن الوفاء، ودليلة".
وشاركت الفنان شكري سرحان في رائعة نجيب محفوظ "اللص والكلاب".
بباقة من أروع الأفلام، دخلت شادية ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، بستة أفلام، هي:"شباب إمرأة، اللص والكلاب، شيء من الخوف، ميرامار، مراتي مدير عام، الزوجة 13".
نحن لا نزرع الشوك
آخر ليلة
بعد صراع لم يستمر طويلا مع المرض، غيب الموت الفنانة شادية إثر تعرضها لوعكة صحية تسببت في إصابتها بجلطة في المخ، وتم نقلها إلى مستشفى قريب من منزلها، قبل أن تقرر العائلة نقلها إلى مستشفى الجلاء العسكري، لترحل عن دنيانا في 28 نوفمبر عام 2017 عن عمر يناهز 86 عاماً.